اللواء محسن الفحام يكتب: إلى رجال الشرطة فى عيدهم
يأتى الخامس والعشرون من شهر يناير كل عام، حاملًا معه احتفالات الوطن بعيد الشرطة، بغض النظر أنه قد أصبح مقترنًا بمناسبة أخرى.. واليوم نصل إلى العام السادس والستين الذى نحتفل فيه بتلك المناسبة الوطنية الخالدة، والتى سطر فيها رجال الشرطة بمحافظة الإسماعيلية بطولات عظيمة عند مواجهتهم قوات العدوان الإنجليزية المدججة بأحدث الأسلحة فى ذات اليوم من عام ١٩٥٢.
وذلك عندما رفض رجال الشرطة التخلى عن محافظة الإسماعيلية وتركها للإنجليز، بدعوى أن الشرطة المصرية تحمى الفدائيين الذين يقومون بتوجيه ضربات مؤلمة لقوات الاحتلال.. كذلك رفض موردو المواد الغذائية التعامل مع معسكرات الاحتلال البريطانية.
قاوم رجال الشرطة هناك، بقيادة اللواء أحمد رائف، قائد بلوكات النظام، هجومًا وحشيًا من قرابة ٧٠٠٠ ضابط وجندى إنجليزى مزودين بالعشرات من الدبابات والعربات المدرعة فى مواجهة ٨٥٠ ضابطًا وجنديًا مصريًا استمروا على نضالهم حتى سقط منهم ٥٠ شهيدًا و٨٠ جريحًا بينما سقط من الجنود الإنجليز ١٣ قتيلًا و١٢ جريحًا إلى أن نفدت ذخيرتهم.. الأمر الذى كان محل احترام الجنرال أكسهام قائد القوات البريطانية، الذى أمر قواته بأداء التحية العسكرية لأبطالنا من رجال الشرطة عند خروجهم من دار محافظة الإسماعيلية، ومرورهم أمامهم تكريمًا لهم وتقديرًا لشجاعتهم.. وكانت تلك المعركة غير المتكافئة والمجزرة، التى تعرضت لها مدينة الإسماعيلية بمثابة الشرارة، التى أعطت الضوء الأخضر والطريق لنجاح ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢.
تاريخ طويل من الكفاح سجله رجال الشرطة المصرية.. إلى أن قامت ثورة يناير ٢٠١١ وتمكنت جماعة الإخوان الإرهابية من الانقضاض عليها، والتحول بأهدافها من رغبة الشباب والشرفاء من أبناء الوطن، فى تحقيق العدالة الاجتماعية إلى السطو على السلطة، وإقصاء كل من يقف أمامهم لتحقيق هذا الهدف، الذين كانوا يسعون إليه منذ عام ١٩٢٨.. وحدث ما حدث من أعمال تخريب وتدمير وترويع للبلاد والعباد وجميعنا عاصر تلك الأحداث من عام ٢٠١١ إلى أن قامت ثورة يونيو٢٠١٣، فتحولت تلك الأعمال إلى عمليات إرهابية استهدفت الأبرياء من الشعب، ومن رجال الشرطة والقوات المسلحة، حيث سقط العشرات منهم، وهم يدافعون عن وطنهم وأبناء شعبهم. لقد قدمت الشرطة المصرية وما زالت تقدم الغالى والنفيس من أرواحها وأمنها حيث تركوا وراءهم الزوجة الأرملة والابن اليتيم والأم الثكلى أمانة لدى وطنهم. اليوم ونحن نحتفل بهذه المناسبة الخالدة نجد أن التحديات أصبحت أكبر من مجرد الشهادة فى سبيل الوطن.. إن قوى الشر تحاول القضاء على الوطن ذاته.. بل لا مانع لديها من تقسيمه إلى دويلات صغيرة إرضاء لمخطط الفوضى الخلّاقة.. ولكننا فى ذات الوقت نجد أن الشرطة المصرية استعادت قوتها وهيبتها إلى حد كبير، وحققت نجاحات غير مسبوقة على جميع الأصعدة، سواء تلك الضربات الاستباقية للعناصر التكفيرية أو ضبط كميات كبيرة من المخدرات، كان آخرها ٦ أطنان حشيش قادمة من تركيا عن طريق سوريا، وكذلك بالنسبة للأمن الجنائى ومواجهة ظواهر إجرامية تعتبر دخيلة على المجتمع المصرى، بالإضافة إلى القضاء تقريبًا على محاولات الهجرة غير الشرعية خارج البلاد. واليوم أيضًا وأنا أحمل أمانة أنقلها إلى السيد وزير الداخلية الذى لا يألو جهدًا لمراعاة الجانب الإنسانى والنفسى لرجال الشرطة، أشير إلى رجال الشرطة الذين أوفوا العطاء، وتمت إحالتهم للتقاعد بعد أن حملوا على عاتقهم أمن البلاد وسلامة أهلنا، إلى أن سلموا الراية من بعدهم لأجيال جديدة بعد رحلة عطاء طويلة لم يبخلوا خلالها بأرواحهم أو راحتهم. أعتقد أن من حقهم إعادة النظر فى قانون المعاشات، بما يتناسب مع الظروف المعيشية وارتفاع الأسعار والخدمات.. وأتمنى أن يتبنى السيد الوزير هذا المطلب خاصة أن هؤلاء الرجال ساهموا بقدر كبير فى تحقيق أمن وأمانة الوطن.. تحية إلى رجال الشرطة الشرفاء.. وإلى أرواح الشهداء.. وإلى الرجال الذين أوفوا العطاء.. وكل عام ومصر بخير وسلام.. وتحيا مصر.