رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤرخون عن عيد الغطاس: ليلة لا ينام فيها الناس

جريدة الدستور

يحتفل الأقباط بأحد الأعياد السيدية الكبرى تذكارًا لمعمودية السيد المسيح بيد يوحنا المعمدان فى نهر الأردن ويسمى عيد الظهور الآلهى أو عيد الإبيفانيا أو عيد الغطاس ويوافق يوم 11 طوبة بحسب الشهور القبطية، و1920 يناير من كل عام حيث تبدأ الصلوات مساء الجمعة، وتستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.

وتنظم الكنيسة هذا اليوم صلاة لا تكرر إلا مرتين على مدار العام، وهي صلاة اللقان، حيث تقاد الشموع حول جُرن اللقان بعد ملئه بالماء، وتتلى الصلوات والطلبات ثم يبلل الكاهن طرف منديل بهذا الماء، ويغسل أرجل كل من بالكنيسة، وذلك تشبها بالسيد المسيح الذى غسل أرجل تلاميذه وقديمًا كان يتم هذا الطقس على شاطئ النيل، وكان يسكب جزء من الماء اللقان بعد تقديسه فى النيل ومازالت احتفالات هذا العيد تأخذ أشكالًا طقوسية تدور حول الماء.

وفي العديد من الكتابات البحثية الخاصة بإرتباط الأعياد في مصر بمظاهر فلكلورية، تعرض كثير من المؤرخين لمظاهر الإحتفال بهذا العيد التي اتخذت صورًا مختلفة من الفرحة والبهجة وارتبطت بماء النيل.

فقيل عن عيد الغطاس، أنها «ليلة لا ينام فيها الناس ولا تغلق فيها الدروب وتوقد فيها المشاعل والشموع وتكثر فيها المأكل والمشارب، ويحضرها المغنون والملهون، وما يجرى فيها من عزف وقصف يفوق الوصف»، ويقول المقريزي، وهو من أحد أشهر المؤرخين المصريين، إنه «على مدار التاريخ المصري، اعتمد المحتفلون المصريون بعيد الغطاس طريقة بديعة في الاحتفال، عن طريق تزيين صفحة نهر النيل بمئات الشموع والمشاعل المزخرفة، والخروج في مواكب حاشدة كُبرى قاصدين النهر، في حين يُعرب الخليفة المصري عن سعادته غالبًا بتوزيع النارنج والليمون والسمك البوري والقصب».

ويصف المسعودى الذى عاصر احتفال الإخشيد بليلة الغطاس «وقد أمر بإقامة الزينة، فأسرج ألف مشعل أمام قصره مـن جهته الشرقية المطلة على النيل ولما انتزع الفاطميون الحكم من أيدى الإخشيديين حافظوا على الاحتفال بهذا العيد، بل وزادوا فى الإنعام فيه على رجال الدولة، فكان إذا جاءت ليلة الغطاس ضربت الخيام فى عدة مواضع على شاطئ النيل بناحية مصر القديمة، وكان الخليفة بنفسه يحضر الاحتفال.

والطريف ما رواه الأنطاكى أن الخليفة الفاطمى الحكم بأمر الله كان يحضر احتفال الغطاس ويشاهد طقوسه وهو متنكر فلا يعرفه أحد.