رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى مديح السيد المسيح


تهلّ علينا فى هذه الأيام العطرة، ذكرى ميلاد السيد المسيح. أحنّ إلى أيام طفولتى فى شبرا، حيث عشنا هذه الأيام، أيام بهجة وأنوار وأجراس. اعتاد والدى- رحمه الله- أن يأخذنى معه لنعيِّد على صديقه عم فرنك جرجس. وكيف كنا نلعب جميعًا دون تمييز دينى فى الشارع حتى منتصف الليل، أطفال ولدوا على المحبة، وعاشوا من أجل الإنسانية، وليسوا أولادًا نشأوا على الطائفية، وذهبوا ضحية التطرف والإرهاب.
أحنّ إلى أبلة نادية «القبطية» التى فتحت مدرسة أولية «كُتاب» فى شبرا، وكانت تعلمنا الحساب، بينما يعلمنا الشيخ عبدالعزيز اللغة العربية وحفظ القرآن. أحنّ إلى رفيق الدراسة والشباب علاء وليم خلة، الذى للأسف هاجر إلى إيطاليا منذ سنوات عديدة، وذهب معه زمن جميل.
ما زلت أتذكر تمثال سانت تريزا فى كنيستها الشهيرة فى شبرا، أول كنيسة دخلتها فى حياتى وأنا طفل، حيث أشعلت أمى «المسلمة» شمعة لكى يعيش ابنها الأكبر.
كيف لا أحتفل بذكرى السيد المسيح، وقد قرأت عنه وأنا شاب الكتاب الشهير لعباس محمود العقاد «عبقرية المسيح». لقد تربيت على عشق المسيح؛ أولًا: لأن القرآن الكريم حثّنى على ذلك، وثانيًا: لأنه رسول المحبة.
ما زلت أتذكر أقواله عليه السلام «أحبوا أعداءكم، أحسنوا إلى مبغضيكم»، وأيضًا «إن أخطأ أخوك فوبخه، وإن تاب فاغفر له، وإن أخطأ إليك سبع مرات وتاب إليك سبع مرات فتقبل منه توبته».
أليس هو رسول التواضع؟! يحكى لنا التاريخ كيف دخل المسيح أورشليم راكبًا جحشًا، ليضرب للجميع مثلًا فى التواضع، رافضًا دخول الملوك المدن فى زهوٍ وكبرياء. أخوك محمد، صلى الله عليه وسلم، كان يقول إنه ابن امرأة فقيرة من مكة، ودخل المدينة فى ثياب الزاهدين، ودخل مكة يوم الفتح الأكبر قائلًا: اليوم يوم المرحمة، لا يوم الملحمة.
المسيح رسول الصدق والأمانة، أليس هو القائل: «قيل للقدماء لا تحنث، وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا، وليكن كلامكم نعم نعم، لا لا، وما زاد على ذلك فهو من الشيطان»؟!. كم يذكرنى قولك يا سيدى المسيح بمحمد، صلى الله عليه وسلم، أليس هو الصادق الأمين!
جاء المسيح مناديًا: «تعلقوا أنتم بالكمال، فإن الله كامل، يحب الكمال». قال أخوك محمد، صلى الله عليه وسلم، إنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق.
لقد تربينا فى زمن نقرأ فيه ونحن فى ريعان الشباب «عبقرية محمد» و«عبقرية المسيح» لعباس العقاد، ونقرأ فيه لخالد محمد خالد «معًا على الطريق»، حيث يقول فيه عن المسيح ومحمد:
«ما أريده تمامًا أن أقول للذين يؤمنون بالمسيح، وللذين يؤمنون بمحمد، برهان إيمانكم إن كنتم صادقين، أن تهبّوا اليوم جميعًا لحماية الإنسان وحماية الحياة».