رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف كانت السيدة هاجر سببًا فى موضة جر ذيل الفستان؟

جريدة الدستور

الشعراء والرسامون والموسيقيون هؤلاء الذين يصممون أزياء المرأة، إنهم يكتبون بالقماش على جسم المرأة، وقادرون على إخفاء وتعرية ما يريدون من جسمها، وخطوطهم قضاء وقدر.

فصناعة الأزياء والجمال مثل صناعة الأدب والشعر، كلها فنون جميلة، وجمالها يكمن في قدرتها على تغطية الحقيقة وكشفها وتعريتها بحساب وبراعة.

يظن البعض أن نساء العرب في الجاهلية ما كن يحتفلن بلباسهن بحالة البداوة التي عاش فيها أكثرهن، لكن الحقيقة أن أنواع التبرج والخلاعة في الملابس والزينة وابتداع الأشكال والألوان كانت من شأنهن آنذاك، حيث لا قانون ولا دين ولا رادع من تقاليدهن يردعهن، حتى جاء القرآن الكريم ونهاهن عما كن يأتينه في الجاهلية.

فالآثار اللغوية والشعرية طافحة بذكر تبرج النساء في الجاهلية في ثيابهن، ووصف ما كن يتخذنه من الملابس الجذابة التي تزيد في جمالهن وتبين محاسنهن، فقد كن يحتفلن بلباسهن ولا يقتصرن على لبس ضروب الأقمشة من القطن والصوف وغيره، بل يتشحن بأنواع الديباج والحرير، قال المنخل اليشكري: «الكاعب الحسناء ترفل.. في الدمسق وفي الحرير» حسبما ذكر الباحث والمؤرخ الاجتماعي «عبدالفتاح عبادة» في مقاله بمجلة الهلال عام 1923.

وكن يتخذن من الثياب المطرزة والموشاة بالذهب، قال سلمى بن ربيعة: «والبيض يرفلن كالدمى.. في الريط والمذهب المصون»، والريط هى «الملاءة الواسعة».

ومن الأزياء التي شاعت عند نساء العرب في الجاهلية، وهي تشابه ما عند نساء أوروبا، زي «جر الذيول» وهو إرسال ذيول النساء في نفيس حللهن التي يلبسنها في المآدب والأعياد وأيام الزينة، ويقول العرب في تاريخ هذه «الموضة» إن أول من سن سنتها للنساء السيدة هاجر امرأة إبراهيم ،عليه السلام، فهي أول من جرت الذيل في لبساها وإنما فعلت ذلك لتعفي أثرها في الطريق على سارة حينما خافتها، فتبعها النساء في هذه السنة.

وقد شاعت تلك «الموضة» عند نساء الجاهلية وكثرت الشواهد الشعرية عليها وفاضت بها كتب الأدب، فمن ذلك قول امرئ القيس في معلقته: «خرجتُ بها أمشي وراءنا.. على أثرينا ذل مرط مرحل» والمروط هو نوع من ثيابهن الحريرية له شبه الترحيل من نقوش تشبه رحالات الإبل على هيئة الدالات حسب «الموضة» آنذاك، حسبما ذكر الباحث والمؤرخ «عبدالفتاح عبادة».

وبلغ من شيوع موضة جر الذيول في ثياب نساء العرب أن لازمتهن في الإسلام حتى عرفت بها المرأة فأصبح جر الذيول من صفاتها أو مميزاتها التي تميزها عن الرجال، كما قال الشاعر الإسلامي عمر بن أبي ربيعة: «كتب القتل والقتال علينا.. وعلى الغانيات جر الذيول».