رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا لم يدعم الأفارقة القدس فى الأمم المتحدة؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أثار امتناع ٥ دول إفريقية عن التصويت لصالح مشروع القرار المصرى، الذى قدمته تركيا واليمن عن المجموعتين العربية والإسلامية فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لرفض أى قرارات تغير من الوضعية القانونية والديموغرافية لمدينة القدس المحتلة، فضلًا عن تصويت توجو ضد المشروع - جدلًا واسعًا، نظرًا لعمق الروابط التاريخية بين الدول العربية ونظائرها الإفريقية. وقدمت مصر - بعد اعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل - مشروع القرار فى مجلس الأمن ولاقى «فيتو» أمريكيًا، فطرحته اليمن وتركيا ممثلين عن المجموعتين العربية والإسلامية للتصويت، على الجمعية العامة، الخميس الماضى، التى أقرت بأغلبية ١٢٨ صوتًا، اعتبار مسألة «القدس» من قضايا الوضع النهائى، التى يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وتلقى «الدستور» فيما يلى الضوء على الأسباب التى دفعت ٦ دول إفريقية إلى «الحياد» والوقوف بجانب تل أبيب فى معركة العرب بشأن القدس.


توجو رأس حربة تل أبيب لاختراق القارة السمراء.. والفوسفات كلمة السر
رغم الجدل الجماهيرى حول تصويت جمهورية توجو ضد القرار، إلا أن موقفها لم يكن مفاجئًا للمراقبين، فأمام المصالح والمكاسب، تنزوى المبادئ وتخبو المُثُل وتبدو الحقوق الأصيلة والثابتة للبعض أمورًا لا طائل منها. رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو افتتح الاجتماع الأسبوعى لمجلس الوزراء بتاريخ ٦ أغسطس ٢٠١٦، بنبأ استقباله الرئيس التوجولى فور إيسوزمنا جناسينجبى، للتباحث بشأن قمة «إفريقيا - إسرائيل» حول «الأمن والتنمية» التى كان من المقرر أن تستضيفها العاصمة لومى، خلال الفترة من ٢٣ إلى ٢٧ أكتوبر، بعد عدة تأجيلات بسبب اضطرابات ومظاهرات مناوئة للرئيس التوجولى ومطالبات شعبية له بالاستقالة. وقال نتنياهو إن مشاركته فى تلك القمة تعد زيارته الثالثة لإفريقيا فى غضون عام أو أكثر بقليل، وأخبر وزراءه بأن مسئولى جمهورية «الرأس الأخضر» على سواحل غرب القارة السمراء، أبلغوه بأنهم لن يصوتوا ضد إسرائيل أمام المؤسسات الأممية، ما اعتبره نتنياهو أمرًا مهمًا، وهو ما حدث بالفعل، فامتنع مندوب الرأس الأخضر عن التصويت بشأن قرار القدس.
كما زار وزير خارجية توجو البروفيسور روبرت دوساى، إسرائيل، بتاريخ ٢٣ يناير ٢٠١٧، ووجه الدعوة إلى نتنياهو رسميًا للمشاركة فى القمة بحضور أكثر من ٢٠ من رؤساء الدول الإفريقية، بالإضافة إلى رئيس الاتحاد الإفريقى.
أما الرئيس التوجولى جناسينجبى، فزار الكيان الصهيونى رسميًا خلال الفترة من ٧ إلى ١١ أغسطس ٢٠١٦، وزارها مرة أخرى للعزاء فى وفاة بيريز، سبتمبر ٢٠١٦، وكانت زيارته الأولى بناءً على دعوة نتنياهو، وانتهز الفرصة فى البند الخامس من البيان الختامى للزيارة، الموقّع فى القدس بتاريخ ١٠ أغسطس، ليسجل ثقته فى الآفاق الاستثنائية للعلاقات الثنائية.
وأعرب جناسينجبى عن عزمه العمل مع تل أبيب، من أجل تعزيز التعاون المشترك فى مجالات الزراعة والصحة العامة والتعليم والتعليم العالى والعلوم التكنولوجية والاقتصاد الرقمى.
وكان الرئيس التوجولى منبهرًا بما حققته بعض الدول الإفريقية من مكاسب جراء التعاون مع تل أبيب، فقرر أن يحذو حذوها، وتباهى نتنياهو بذلك عبر تغريدة نشرها على حسابه على «تويتر» بتاريخ ٧ أغسطس، مؤكدًا أن الرئيس التوجولى دوّن فى سجل كبار الزوار: «أحلم بعودة إسرائيل إلى إفريقيا، وعودة إفريقيا إلى إسرائيل». وصرحت مصادر مقربة من الرئيس التوجولى بأن استضافة العاصمة لومى القمة، وترويجها لها، كانت بغرض حصد قدر من المصداقية لدى حلفاء تل أبيب، خاصة واشنطن، وتحقيق قدر من النفوذ عن طريق التسبب بشكل مباشر ومن موقع اللاعب الفعلى فى الواجهة، لا المتفرج، فى إعادة إسرائيل لإفريقيا سياسيًا واقتصاديًا.
وتعتبر علاقات توجو بإسرائيل الأقوى إفريقيًا، وسبق أن صوتت كل من توجو ورواندا وكينيا وبوروندى لصالح الموقف الإسرائيلى فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واللافت أن لومى عاصمة توجو، التى أثقلت الديون الخارجية كاهلها، انشغلت بتنظيم قمتيْن على شرف إسرائيل، بالرغم من أوضاع عدم الاستقرار الداخلى وعجز مؤسساتها العامة بما فى ذلك المرافق الصحية والتعليمية عن تلبية الحد الأدنى من احتياجات المواطنين.
ويسعى الرئيس التوجولى إلى اجتذاب استثمارات رجال الأعمال الإسرائيليين المعنيين بأنشطة التعدين، وبصفة خاصة استخراج الفوسفات، وعلى رأسهم رجل الأعمال الإسرائيلى رافى إيديرى، أحد عملاء «الموساد» السابقين.
ويحاول الرئيس التوجولى التقرب من إسرائيل، بغرض خلق فرصة قوية لمنح امتياز استغلال فوسفات توجو للإسرائيليين، وبالتالى تحقيق مصالح أوسع نطاقًا لصالح الرئيس نفسه، وفى الوقت نفسه خدمة المصالح الإسرائيلية بتوفير فرصة لاختراق مُؤثّر للمشهد الإفريقى.
جنوب السودان انفصل بدعم من «الموساد».. وغزو عبرى لـ«جوبا» بالسلاح والزراعة
كشف موقع «ميدل إيست مونيتور» الشهر الجارى، عن بُعد جديد للتعاون العسكرى بين تل أبيب وجوبا، وذكر وفقًا لمصادره الرسمية، أن سلطات جنوب السودان أنفقت ملايين الدولارات على شراء طائرات إسرائيلية دون طيار وكاميرات مراقبة أمنية.
وقال رئيس جنوب السودان سيلفا كير فى تصريحات بمناسبة استلام الطائرات: «ستتم الاستعانة بطائرتين دون طيار ونشر ١١ كاميرا مراقبة تم الاتفاق بشأنها مع شركة (جلوبال جروب) الإسرائيلية، بغرض تتبع المجرمين، وبفضل هذه الصفقة سيتم تأمين جميع المقاتلات التابعة لقواتنا الجوية».
وتتولى شركة «جلوبال جروب» الإسرائيلية، توريد الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية لجنوب السودان، كما تشرف على تدريب أكثر من ١٥٠ من ضباط الشرطة فى جنوب السودان فى إطار برامج للتطوير الشرطى.
وأكدت «جلوبال» الإسرائيلية المتخصصة فى النشاط الزراعى، اعتزامها بدء الاستثمار فى جنوب السودان، تحديدًا شرق المنطقة الاستوائية، واجتمع ممثلو الشركة بعدد من المسئولين الحكوميين بتاريخ ٥ أبريل ٢٠١٦، فى بلدة «بور بايم توريت» بأحد الحقول التى استحوذت عليها الشركة لإطلاق أنشطتها الزراعية.
وفى كلمته أثناء إطلاق المشروع، أكد حاكم ولاية «إماتونج»، تقديره لالتزام الشركة الإسرائيلية بمساعدة جنوب السودان فى إنتاج الأغذية، وقال إن ما يقرب من ثلث شرق المنطقة الاستوائية يقع على منطقة الحزام الأخضر، ما يجعلها واحدة من المناطق المرشحة لتصبح سلة غذاء.
وقال رئيس شركة «جلوبال» الإسرائيلية آران روتم، إن أحد أهدافه ليس فقط السعى إلى تحسين الإنتاج الزراعى، ولكن أيضًا ضمان وفتح المزارع التجارية، وتوفير الإنتاج المحلى من المواد الغذائية من مختلف المصادر فى جميع أنحاء جنوب السودان. واعترفت إسرائيل بدولة جنوب السودان فى ١٠ يوليو ٢٠١١، بعد يوم واحد من إعلان استقلالها، فيما أعلن جنوب السودان عن نيته إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل، وفى أكتوبر ٢٠١٥، سمحت الرقابة العسكرية فى تل أبيب، بصدور كتاب إسرائيلى جديد بعنوان «مهمة الموساد فى جنوب السودان»، تضمن تفاصيل عن دور الجهاز فى تقسيم السودان، وبناء القوة العسكرية والاقتصادية لدولة الجنوب.
احتلال رواندا بالزراعة.. إعادة التخطيط العمرانى لـ«أوغندا».. و«إنفلونزا الطيور» تُقربها من الكاميرون
زار رئيس رواندا، بول كاجامى، إسرائيل فى ١٠ يوليو الماضى، وفقًا لصحيفة «التايمز» الإسرائيلية، لإجراء محادثات تركز على تعزيز التعاون الثنائى بين بلاده وتل أبيب، فى المستقبل، وتطرقت المباحثات إلى تجربة الدولتين المؤلمة فى التغلب على فظائع الإبادة فى الماضى.
وقال الرئيس كاجامى أمام اجتماع، حضره مستثمرون إسرائيليون، إن الأبواب مفتوحة للأعمال التجارية فى رواندا، ونصح بأنه ينبغى الشروع على الفور فى استغلال الفرص المتاحة، مضيفًا: «رواندا منفتحة على مجال الأعمال، وتتطلع إلى الترحيب بوفود القطاع الخاص من إسرائيل بشكل أكثر تواترًا». واستقبل الرئيس الإسرائيلى روفين ريفلين، ورئيس الوزراء نتنياهو الرئيس كاجامى فى القدس، وأشاد رئيس رواندا بالتزام إسرائيل بتجديد علاقاتها مع إفريقيا، وفى يوليو من العام الماضى زار نتنياهو رواندا كجزء من زيارته الرسمية لإفريقيا التى استغرقت ٤ أيام.
وتعتمد شراكة إسرائيل مع رواندا على التكنولوجيا والزراعة، وغيرها من القطاعات، ويتابع مئات الطلاب الروانديين دراسات فى تخصصات مختلفة بإسرائيل.
وفيما يتعلق بأوغندا، زار الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى إسرائيل فى يوليو ٢٠١٦، والتقطت له الصور إلى جوار نتنياهو بالمطار، وأطلق تصريحات سلط خلالها الضوء على العلاقات التوراتية بين أوغندا والدولة اليهودية. وهناك علاقات طويلة بين أوغندا وإسرائيل، ففى عام ١٩٠٣، اقترح جناح فى الحكومة البريطانية أن تكون أوغندا وطنًا للشعب اليهودى.
وحديثًا فى عام ٢٠١٦، تم اختيار شركة إسرائيلية لوضع خطة للتطوير العمرانى فى أوغندا، على الطراز الإسرائيلى.
فيما تحتفظ الكاميرون بعلاقات جيدة مع الكيان الصهيونى، وللبلدين علاقات تعاون ممتدة فى العديد من القطاعات، وأشاد مسئولون بالكاميرون بعلاقات التعاون بين بلادهم وإسرائيل، لا سيما المساعدات الطارئة التى قدمتها الحكومة الإسرائيلية للكاميرون فى يوليو ٢٠١٦ إبان انتشار وباء إنفلونزا الطيور فى جميع أنحاء البلاد. ولعب السفير الإسرائيلى ران جيدور رغم حداثة وصوله إلى العاصمة ياوندى دورًا نشطًا فى الخطوط الأمامية خلال تلك الأزمة، من أجل تنظيم وشحن وتسليم ٢٠٠ سترة واقية للمسئولين الحكوميين.