رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعدد الرؤى بشأن التعديل الوزارى


سافر الدكتور الرئيس مرسى إلى البرازيل فى زيارة رسمية للقاء رئيسة البرازيل، ديلمار روسيف للتعرف على البرامج التى نجحت فيها البرازيل، خصوصاً البرامج الاجتماعية التى ساعدت البرازيل فى تحسين نوعية الحياة، ومن ذلك مكافحة الفقر والبطالة إما بتوفير فرص عمل جديدة أو غير ذلك من أساليب جيدة.

سافر الرئيس بعد أن اعتمد التعديل الوزارى الجديد، طمعاً فى تحسين الأداء، وإن جاء التعديل متأخراً عدة أشهر، هذا التعديل الوزارى الجديد فى مصر، ليس هو التعديل الأول، لأن التعديل الأول كان فى شهر يناير 2013، التعديلان يدلان على وجود تشكيل وزارى أصلى تم فى أواخر سنة 2012 بعد تأخير عدة أشهر، من تولى مرسى الرئاسة.

يبلغ عدد الوزارات فى مصر أكثر من ثلاثين وزارة، وتم تعديل 9 وزارات فقط. كان المأمول بين المتابعين وقوى المعارضة على الأقل، تعديل«11» وزارة من بينها الداخلية والإعلام وهو ما لم يتم كما هو متوقع أو مأمول، الواقع الذى ساد مصر فى الفترة الانتقالية كان واقعاً مريراً، وكأننا كشعب نتعلم السباحة لأول مرة فى المحيط، كانت الوزارة أيام مبارك ومن سبقه نوعاً من الأبهة والفخفخة، بل كانت باشوية جديدة، بعد أن ألغت ثورة يوليو 1952 الألقاب.

ربما يرفض بعضهم تولى وزارة لأسباب، منها: قصر المدة قبل توقع تعديل جديد، ومنها الخشية من الهيمنة على الأداء من وراء ستار أو تعويقه أو التدخل فى شئون بعض الوزراء، أو التكتيف، بحيث يجد المسئول نفسه غير قادر على الحركة، وغير مطلوب منه عمل، كما كان الحال مع معظم المستشارين الذين استقالوا من الرئاسة.

الانقسام الحاد فى المجتمع، والاستقطاب والصراع السياسى وليس التنافس النظيف، له دخل مباشر، بأن التشكيل الوزارى أو التعديل لم يكن الأمثل ولا الأنسب لشغل الفراغ.

من أهم الانتقادات الحادة التى وجهتها المعارضة كالعادة، ووجهها الراغبون فى الإصلاح الحقيقى إلى هذا التعديل الحكومى، كانت تتعلق باختيار المستشار حاتم بجاتو وزيراً للشئون القانونية والمجالس النيابية، بعد أن وصف بالخيانة والعمالة والعداء للإسلام، ودعم نظام مبارك بفساده المعلوم على حساب استقلال القضاء، عندما كان فى لجنة الانتخابات.

التعديل الوزارى الجديد لم يكن شاملاً، رغم أن الوزارة لم يبرز فيها إلا الوزير باسم عودة الذى تحدث معظم الشعب عن إنجازاته، فالشعب ليس ضد الحكومة ولا يعنيه الصراع على السلطة، والشعب اليوم يرى الإنجازات فلا ينكرها، ويرى الضعف أو الفساد فلا يسكت عنه.

تركز بعض الانتقادات الموجهة إلى التعديل الجديد خاصة من القيادات السلفية، على أنه لم يشمل رئيس الوزراء، رغم ضعف أدائه الواضح خصوصاً فى ملفات الاقتصاد والأمن والعدالة الاجتماعية وضعف الخطط الاستراتيجية التى توضح للشعب كيفية تحقيق أهداف الثورة الأربعة التى تكاد تنسى فى خضم الانفلات الأمنى، الدكتور عصام العريان عند تعقيبه على تعديل وزير الاستثمار السابق المقال قال عنه «إنه فلول ولكن كنا نعطيه فرصة» هذا إن كان النقل صحيحاً، ربما كان اختيار بجاتو من هذا القبيل، وهذا ما يثير مسألة المعايير فى الاختيار والبعد عن المزاجية التى تقوم على الهوى.

هناك مشكلة أخرى جديدة وحساسة إذ لا أدرى سبباً وراء تأخر النائب العام فى الطعن على قرار براءة المتهمين فى موقعة الجمل، ولا أدرى سبباً أيضاً فى الإبقاء عليه فى مكانه، رغم الحكم ببطلان بقائه، واليوم وقد أصدرت محكمة النقض قرارها برفض طعن النيابة العامة على براءة المتهمين الخمس والعشرين فى موقعة الجمل، وبعد أن استندت المحكمة فى حكمها إلى أن النيابة العامة قدمت طعنها بعد انتهاء الموعد القانونى، إن كان هذا دقيقاً، يتساءل الإنسان المنصف: لماذا تأخرت النيابة فى تقديم الطعن فى قضية حساسة كهذه؟ لا يهم إن كان هذا التأخير فى الطعن نتيجة إهمال أو نتيجة فشل أو تقصير فى جمع الأدلة التى تعين فى إظهار الحق، أو كان نتيجة تعمد وتواطؤ.

كان هذا القرار صدمة، خصوصاً عندما نعلم أن بعض الثوار الحقيقيين يقفون أو يجلسون وراء الأسوار اليوم، ومنهم الشاعر الثائر أحمد دومة أو سامح المصرى أو غيرهما من الثوار الشباب رغم أخطائهم التى لم تجد من يهتم بعلاجها، أو السيدة إيمان عبدالحميد ومعظمها بسبب الاتهام بإهانة الرئيس، تلك السيدة التى قالت من وراء الأسوار فى سجن القناطر ما كان يقوله بعض الإخوان وهم فى المعتقلات والسجون أيام مبارك، قالت إيمان بعد قرار رفض الطعن على الحكم ببراءة المتهمين بقتل الثوار فى معركة الجمل «أشرف لى إنى أفضل جوه السجن من إنى أستنى صفقة أو عطف من مرسى وعشيرته زى الفلول».

من يتحمل مسئولية هذا الخطأ أو العمد إن كان عمداً؟ أو الفساد إن كان فساداً؟ وأين وعود الرئيس مرسى بشأن القصاص للشهداء، وما وعد به أيضاً بشأن إعادة المحاكمات فى قضية قتل الثوار، حيث ردد أكثر من مرة علناً وفى مجالس غيرها: «دم الثوار فى رقبتى»، مما يذكر البعض بوعود عبدالحكيم عامر حيث قال للزعيم ناصر، رحمهما الله تعالى «برقبتى يا ريس». وعانت مصر آنئذ ما عانته بسبب ذلك الإهمال والتفريط فى حق مصر.

إن الإهمال أو التفريط فى دماء الشهداء وحقوقهم والذى يشمل الإهمال فى حماية المحاكم ونشوب الحرائق فى بعضها وحرق بعض المستندات والملفات فضلاً عن أنه مدعاة للثورة وضعف الاستقرار، فإنه مضيع للحقوق، وحقوق من التى يضيعها!! إنها حقوق الشهداء.

لم يستقر الأمر بعد وبقى وزير الداخلية رغم الانفلات الأمنى ووزير الإعلام رغم كثرة المطالبات بتعديل تلك الوزارة، فمتى يكون التغيير الحقيقى؟

والله الموفق.