رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أفعال اوباما تتحدث أعلى من أقواله!


تثير الأنباء القادمة من الولايات المتحدة أسئلة حول دوافع الرئيس الأمريكي لتدليل إسرائيل ومساعدتها على البطش بالعرب الذين يعيشون حول إسرا ئيل، وأسباب حرصه على استمرار المعونة العسكرية لإسرائيل حتى بعد انتهاء فترة رئاسته، وعلاقة كل ما سبق بحديثه

عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ومطالبته للطلبة الإسرائيليين أن يضعوا أنفسهم في مكان الفلسطينيين وأن ينظروا إلى العالم من خلال عيونهم، وحق الطفل الفلسطيني في النمو في دولته وألا يعيش في ظل جيش أجنبي يضبط حركته وتحركات والديه في كل يوم!

تشير المعلومات الواردة من الولايات المتحدة والمنشورة في موقع ألترنت أن أقوال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لا تتناسب مع أفعاله، ووفقا للمثل الإنجليزي فإن الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات ، حيث يشحب صوت كلماته بالمقارنة مع المعونة العسكرية الحقيقية التي قدمها لإسرائيل خلال رحلته الأخيرة إلى المنطقة حيث كشف الرئيس الأمريكي في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اليوم السابق لكلمته العاطفية السابقة أن الولايات المتحدة ستبدأ التفاوض مع إسرائيل لإطالة أمد الأسلحة الأمريكية التي يمولها دافع الضرائب الأمريكي إلى إسرائيل بعد أن يغادر البيت الأبيض عام 2017. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش قد وقعت اتفاقا يعطي إسرائيل أسلحة قيمتها 30 بليون دولار في الفترة من عام 2009 إلى 2018 وقد نشرت مجلة ديفنس نيوز أن إدارة أوباما تدخل في مفاوضات مع إسرائيل تجعل دافع الضرائب الأمريكي معلقا مع إسرائيل ليمول أسلحة إضافية بما يساوي نحو 40 بليون دولار لإسرائيل خلال الفترة من 2017 إلى السنة المالية 2027-2028. وتشير الصحيفة إلى أن هذا يكاد يضاعف تمويل دافع الضرائب الأمريكي للقوات الإسرائيلية منذ تولي باراك أوباما السلطة. ولا تنسى الصحيفة المفارقة أن إسرائيل دولة غنية بمتوسط دخل للفرد أكثر من اسبانيا وكوريا الجنوبية والمملكة العربية السعودية، بينما الولايات المتحدة دولة تتزايد ديونها وتضطر لإلغاء بعض المشروعات الاجتماعية. كما أن هذا غير مقبول ولا أخلاقي أن تعطى إسرائيل ما تحتاجه للمحافظة على قبضتها الشديدة على الفلسطينيين بينما نتحدث عن حق الفلسطينين في تقرير مصيرهم!

وتقول صحف أمريكية، وتتبناها الحملة الأمريكية المطالبة بإعادة التمويل أنه إذا كان أوباما يعتقد حقيقة ما ذكره للجمهور الإسرائيلي أنه ليس صحيحا أن نمنع الفلسطينيين من زراعة أرضهم ، وأن نقيد قدرة الطالب على الحركة حول الضفة الغربية أو أن تنزح العائلات الفلسطينية من منازلها، فكيف يمكن تبني سياسة متعارضة ومتناقضة تمد إسرائيل بالأسلحة التي ستستخدمها لبناء الجدار العازل العنصري والذي يفصل بين الفلسطينيين وأراضيهم، وتشكل نقاط التفتيش لضبط حركة الفلسطينيين وتدمر منازلهم وزراعتهم!

كانت المواطنة الفلسطينية التي تحمل الجنسية الإسرائيلية ربيعة عيد قد تحدت أوباما خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل وسألته عمن قتل راشيل كوري؟ وهي مواطنة أمريكية من دعاة السلام قد دهستها بلدوزر إسرائيلية حتى الموت منذ عشر سنوات تقريبا حيث قام جندي إسرائيلي بدهسها ببولدوزر كاتربيلر أمريكي ممول من دافع الضرائب الأمريكي، حيث كانت تقف محاولة منع الإسرائيليين من تدمير منزل فلسطيني في قطاع غزة، وقد ذكرت السيدة ربيعة عيد لجريدة النيويورك تايمز أنها كانت مدفوعة للتعبير للشعب الأمريكي عما يجري في فلسطين وأن يعلموا أن الأموال التي يدفعونها تذهب إلى تسليح إسرائيل لترتكب انتهاكات الحقوق الفلسطينية التي كان يتحدث عنها الرئيس أوباما!

غريب أن تنشأ حملة في الولايات المتحدة تطالب بإعادة التمويل احتجاجا على ذهاب أموال دافع الضرائب الأمريكي إلى تسليح إسرائيل على النحو السابق، بينما لا نجد في المنطقة شيئا مشابها، لا في الدول العربية التي سبق أن اعتبرت القضية الفلسطينية قضيتها المركزية، ولا في فلسطين، لا السلطة الفلسطينية ولا حكومة غزة ولا المنظمات الفلسطينية غير الحكومية، وكما لو أن سوريا اصبحت هي القضية المركزية، بل الحقيقة أن قضية العرب لم تعد قضية فلسطين، ولا قضية سوريا، بل أصبحت بفضل نبيل العربي وحمد بن جاسم هي قضية بشار الأسد ولتفعل إسرائيل ما تريد ولتذهب سوريا والشعب السوري إلى الجحيم! ولتستمر الدول العربية في دعم علاقاتها مع الولايات المتحدة، ولتدعمها أكثر كلما أعطت الولايات المتحدة أسلحة أكثر إلى إسرائيل!

صادف نشر هذه الأخبار أن حدثت أحداث الانفجارات في بوسطن، والزلزال الشديد الذي هز منطقة إيران والخليج، وكانت المفارقة الاهتمام الزائد لوسائل الإعلام بما جرى في بوسطن بينما توارت الأنباء عن الزلزال، كذلك اتجهت التقارير لنسبة الانفجارات في بوسطن إلى من يحمل جنسية سعودية، أو إلى مسلمين أو إلى شرق أوسطيين، وهنا لا بد من الإشارة أن وسائل الإعلام العربية قد انساقت وراء وسائل الإعلام الأجنبية التي ركزت اهتمامها على أحداث بوسطن، وهو أمر يمكن انتقاده، لكن لا بد من تقدير أن هذا أمر طبيعي حيث القضية تهمهم أكثر لمساسها بمصالحهم، لكن غير الطبيعي أن ينساق الإعلام العربي والإسلامي وراء الإعلام الأمريكي والغربي في حين ؟أن هناك كوارث يعاني منها، كما أن ضحايا الأحداث العربية الناجمة عن الصراع العربي الإسرائيلي، وعن الفتن التي زرعها الاحتلال الأمريكي المدعم والمؤيد من الغرب في العراق وسوريا، أضعاف أضعاف الخسائر الناجمة عن أحداث بوسطن، هذا فضلا عن الخسائر الناجمة عن الزلزال في إيران والخليج. وللأسف فهناك من أبدى شماته في خسائر إيران مستندا إلى أسباب مذهبية في حين أن الخسائر تكاد تكون قد تركزت في المناطق ذات التركيز السني!

لا أستطيع إلا أن أوجه انتقادي إلى الحركة المدنية العربية في مصر وخارج مصر والتي مازالت تنقصها الفاعلية والتأثير والتي لا يؤثر فيها السلوك الأمريكي المدعم لإسرائيل بلا شروط، والتي تعطينا من طرف اللسان حلاوة بينما تعطي إسرائيل الأسلحة والأموال، بل يمكن القول بأنها تنزح الأموال العربية وخاصة الخليجية لتمول تدعيم القوات المسلحة الإسرائيلية.

أما بالنسبة لأحداث بوسطن فيجب ألا يستخدم ما يسمى بالشرق الأوسط للتغطية على الفشل الأمريكي، فنحن مسؤولون عما يحدث على أرضنا أيا كان فاعله، وهم مسؤولون عما يجري على أرضهم أيا كان فاعله، ولا يجوز أن يتحدثوا عن الإرهاب، وقد كان لديهم حادث فظيع راح ضحيته أطفال أبرياء في الولايات المتحدة وكان عدد قتلاهم ستة أمثال قتلى بوسطن حتى الآن على الأقل، في حين نسيت الشرطة الأمريكية أن الإرهاب لا بد أن يعلن عن مسؤوليته عن الحادث حتى يتحقق الهدف الإرهابي فالمؤكد أن الإرهاب لا يحمل غلا شخصيا ضد ضحاياه، ولكنه يوجه إرهابه نحو المجتمع!

أخيرا الأفعال تتحدث أعلى من الأقوال، وعلينا أن تعلو أفعالنا بعد أن انخفض صوتها فترة طويلة!