رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خريطة الفقر فى بر مصر


اللحوم والأسماك لا تدخل ضمن قائمة الفقراء التى يتناولها حوالى 51.2% من الفقراء إلا حسب الظروف بينما لا يشترى 33% منهم الفواكه لعدم قدرتهم بينما يكتفى 58.8% منهم بوجبتين فقط فى اليوم فيما يعتمد 61% من الفقراء فى طعامهم على البقوليات «الفول والعدس».

كانت هناك حتى وقت قريب طبقة متوسطة تقف بين الأغنياء والفقراء فى مصر هذه الطبقة تضم نسبة كبيرة من المصريين وظلت تتضاءل وتتقلص وجاءت القرارات الاقتصادية الأخيرة والتى أدت إلى ارتفاع فى الأسعار لتقضى على وجود هذه الطبقة نهائيا وتصبح أثراً بعد عين وأصبح المواطنون والمحافظات مقسمة إلى أغنياء وفقراء وقد وصفت صحيفة «الواشنطن بوست» الأمريكية زيادة الأسعار بأنها «مؤامرة على الفقراء» بعد أن زاد سعر البنزين درجة 90 أوكتين بنسبة 35٪ ليصل إلى 1.75 جنيه مصرى «0.33 دولار» للتر وهو ما يعنى فعليا رفع دعم الطاقة الذى سرى لفترة طويلة وقالت الصحيفة إن سائقى سيارات الأجرة الذين يتقاضون أتعابهم بمساومة الركاب زادوا التعريفات وأن بعض سائقى الحافلات الصغيرة رفضوا العمل مطالبين الحكومة بأن تسمح لهم بزيادة التعريفات بحوالى 25 قرشاً للخطوط داخل المدن، كما أن بعض سائقى الحافلات الصغيرة الذين لم يسمح لهم بزيادة التعريفة قسموا خط السير إلى قسمين يتقاضون عن كل قسم أجرة، وبالتالى ضاعفوا التعريفة للمسافة التى كانوا يقطعونها فى السابق.

ومن المعروف أن الحكومة المصرية تريد منذ فترة زيادة أسعار البنزين قائلة إن دعم الطاقة يفيد أساسا الأغنياء الذين يملكون سيارات كبيرة وسوف يتحصل من الإجراء المتخذ مؤخرا 12 مليار جنيه لكن كثيرا من أعضاء الطبقة العاملة الفقيرة فى مصر يقولون إنهم سيتحملون عبء الزيادة فى أسعار الوقود دون أن تصيبهم فائدة من الزيادة فى الرواتب رغم أن تقرير التنمية البشرية المصرى لعام 2008 كشف عن أن مستويات الفقر فى مصر انخفضت بالنسبة المئوية وهو أمر يبتعد قليلا عن الواقع ويكفى مثلاً أن الفقر ما زال يتركز بشدة فى صعيد مصر إذ تقع 762 من بين القرى الألف الأشد فقراً فى المنيا وأسيوط وسوهاج وهى قرى يعانى أكثر من نصف سكانها من فقر شديد وتزداد خريطة الفقر فى مصر تعقيداً بوجود نحو 63 ٪ من الفقراء خارج حدود هذه القرى وصنف تقرير الصحيفة أسيوط بوصفها أفقر محافظات مصر حيث يبلغ عدد الفقراء بها 58.1% من عدد السكان منهم 24.8% لا يجدون قوت يومهم، فيما تحتل محافظة بنى سويف المركز الثانى حيث يبلغ عدد الفقراء بها 53.2% منهم 20.2% لا يجدون قوت يومهم وتأتى محافظة سوهاج فى المركز الثالث بنسبة 45.5%، منهم 17.2% لا يجدون قوت يومهم فى حين تحتل الفيوم المركز الرابع حيث يبلغ عدد الفقراء بها 35.4% بينهم 10.9% لا يجدون قوت يومهم تليها محافظة قنا 33.3% من بينهم 12.9% لا يجدون قوت يومهم، فيما تحتل محافظة الجيزة المركز الأخير بلائحة المحافظات الفقيرة بالوجه القبلى بنسبة 18.9% من سكانها 4.4% منهم لا يجدون قوت يومهم.

فى المقابل ذكرت الصحيفة أن 13.1% من سكان محافظات الوجه البحرى يعانون من الفقر فيما تعد محافظة المنوفية من أكثر محافظات الوجه البحرى فقرًا بنسبة 21.7% بينهم 3.7% لا يجدون قوت يومهم تليها محافظة الدقهلية بنسبة تصل إلى 17.7% ثم الشرقية بنسبة 16.1% والقليوبية 12.1% والإسكندرية 11.3% والبحيرة بنسبة 10.4% والغربية 10.1% والقاهرة 8.8% والإسماعيلية 7.9%، وأشارت إلى أن الوجه البحرى فى مصر يعد أفضل حظًا من الوجه القبلى حيث توجد به أغنى محافظات الجمهورية وهما محافظتا دمياط وبورسعيد.

وكشفت الصحيفة عن ارتفاع نسبة الفقراء فى الريف عنها فى الحضر حيث تقدر النسبة بـ 85% من السكان بينما تبلغ نسبتهم فى الحضر 42% ويعيش 48% من مجموع الفقراء فى الوجه القبلى بينما يعيش 36% فى الوجه البحرى كما أن اللحوم والأسماك لا تدخل ضمن قائمة الفقراء التى يتناولها حوالى 51.2% من الفقراء إلا حسب الظروف بينما لا يشترى 33% منهم الفواكه لعدم قدرتهم بينما يكتفى 58.8% منهم بوجبتين فقط فى اليوم فيما يعتمد 61% من الفقراء فى طعامهم على البقوليات «الفول والعدس».

وأشارت فى المقابل إلى تضخم ثروات الطبقة الغنية فى مصر التى يمثل أعضاؤها 20% فقط من المصريين والذين يمتلكون 80% من الثروات بينما يمتلك الـ 80% الباقية من مجموع الشعب المصرى 20% فقط من الثروات، وذكر التقرير أن هناك 1% فقط من أعضاء الطبقة الغنية يمتلكون 50% من حجم ثروات هذه الطبقة بينما يشترك الـ 99% الباقون فى ملكية الـ 50% الباقية، وأكدت انخفاض الدعم الحكومى المقدم للمنتجات الغذائية الرئيسية فى مصر من 9.7 مليار جنيه فى العام المالى 2005/2006 إلى 8.6 مليار جنيه حاليا بسبب انخفاض سعر صرف الجنيه المصرى 75% من المصريين يفقدون فرص عمل بسبب الواسطة.

أظهر استطلاع للرأى أجراه مركز جالوب لدراسات الرأى العام العالمى أن الشباب العربى أصبح عازفا عن العمل الحكومى ويفضل عليه القطاع الخاص حيث بلغت نسبة الشباب العربى الذين يفضلون العمل فى القطاع الخاص نحو 65 % ومن 20 إلى 25% تخطط للهجرة من بلدانهم للعمل فى الخارج وهى نسبة تتفق مع النسبة العالمية التى تصل فى معدلاتها إلى 25% وأن الـ75% الآخرين ساخطون وغير مبالين بتلك الجهود لأسباب مختلفة على رأسها الواسطة ومدى القدرة على العمل. وبحسب الاستطلاع فإن 58% من الشباب العربى على استعداد للانتقال للعيش فى بلد آخر إذا ما عُرض عليهم عمل جذاب هناك ولفت الاستطلاع الذى شمل مسحا للشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 عاما أن نسبة عالية إلى حد ما من الشباب العربى من الذين لا يمتلكون فى الوقت الحالى نشاطا تجاريا يخططون لبدء عمل خاص بهم فى العام المقبل. فعلى سبيل المثال يقول 38% من الشباب فى تونس والعراق و46 % فى السودان و32% فى السعودية إنهم يخططون لبدء عمل خاص بهم فى غضون الأشهر الاثنى عشر القادمة. وإذا ما قورن ذلك بالشباب الأمريكى نجد أن 4% فقط منهم ممن لا يمتلكون نشاطا تجاريا فى الوقت الحالى يقولون مثل ذلك ويقول ما متوسطه 36 % إنه من السهولة بمكان الحصول على قرض لبدء مشروع أو نشاط تجارى خاص فى بلدانهم. وبحسب إحصائيات البنك الدولى فإن العالم العربى بحاجة إلى 6 ملايين فرصة عمل سنويا حتى عام 2020.

■ أستاذ القانون الدولى