رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العجلة من الإخوان


منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، والإخوان يعملون كأن أحدا يلهب ظهورهم ليسرعوا فى أخونة مصر قبل أن تصحو من رقادها، وأول مظاهر هذه العجلة هو الاتفاق سريعا لتمرير الإعلان الدستورى فى مارس 2012، عن تقرير الاقتراع عليه وخطف هذا الإعلان الذى مهد لهم الوصول إلى الاستيلاء الكامل على مقدرات مصر.

وبعد نجاحهم فى تمرير هذا الإعلان، رغم ما اعتراه من عوار أكده كثير من مفكرى وخبراء مصر، ثم جاءت بعد ذلك انتخابات مجلس الشعب، وعملوا بكل قوتهم وأساليبهم الشرعية وغير الشرعية للسيطرة على هذا المجلس هم وأنصارهم من السلفيين، وجاءت النتيجة كما يبغون، ثم أسرعوا مرة أخرى للسيطرة على انتخابات مجلس الشورى، الذى كانت نسبة الحاضرين أقل من 7٪ وكما هى عادتهم سيطر حزبهم وأنصارهم على المجلس.

وتعجلوا فى انتخابات الرئاسة، وأرهبوا الشعب المصرى ولجنة الانتخابات بحشد عشيرتهم فى ميدان التحرير وتهديدهم بحرق مصر إذا سقط مرشحهم، وجاءت النتيجة موافقة لرغبتهم، وبدأ -كما هى عادتهم- التكويش على مفاصل الدولة، بحجة احترام الصندوق، وأعدت سريعا لجنة لإعداد الدستور، ورغم الاعتراض على نوعية أعضاء هذه اللجنة وإعادة تكوينها، إلا أنها جاءت كما يريد الإخوان، وأعد الدستور الإخوانى فى أقل من شهرين، وجاء به الغريانى لرئيس الجمهورية الذى أسرع بالموافقة على هذا الدستور المعيب قبل أن يتصفحه، ثم أصدر أوامره بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه، رغم انصراف معظم الناخبين عن الذهاب لهذا الاستفتاء.

ووضع أهل مصر أمام الأمر الواقع واحترام الصندوق وبدأ العمل بهذا الدستور، وأسرع رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين لانتخاب مجلس النواب فى شهر أبريل 2013، ولكن تمت فرملة هذه الدعوة بعد أن اعترضت المحكمة الإدارية على إجراءات الموافقة الرئاسية قبل استكمال التعديلات التى أعدتها المحكمة الدستورية.

ولكن سارع مجلس شورى 7٪ وأصدر قانونا جديدا للانتخابات، وهنا لا أجد تعليقا على ذلك إلا ما قاله الأستاذ أحمد بهاء الدين فى كتابه «يوميات هذا الزمان: إن من عيوب الديمقراطية البطء أحيانا فى اتخاذ القرارات والتشريع، ولكن هذا البطء فى مجال التشريع بالذات هو من مزايا الديمقراطية، وأن «كركبة» أكبر كمية من القوانين والتشريعات التى تعرض على المجلس التشريعى فى وقت قليل ولا تجد وقتا كافيا للمناقشة ولا وقتا للبحث والدراسة.

أعتقد أنها ستكون قوانين سيئة، ويمكن لأى محام اختراقها وتفنيدها، والسؤال الذى يحير الجميع، لماذا هذه العجلة والتسرع؟ وماذا يبقى لمجلس النواب القادم والمفترض أن يتم انتخابه رغم اعتراض المتخصصين على قانون الانتخابات المعيب، العجلة التى تتصف بها سياسة الإخوان فى الأمور التى تتطلب البطء، والتجاهل والبطء الشديد فى أمور تحتاج إلى السرعة، يدعو للعجب، وهو مؤشر خطير على فقدان الرؤية والرؤى.

■ عضو اتحاد المؤرخين العرب