رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صحيفة إيطالية ترصد جنون طغاة دول الربيع العربى

صحيفة إيطالية ترصد
صحيفة إيطالية ترصد جنون طغاة دول الربيع العربى

تحدثت الصحيفة الإيطالية AVVENIRE - عبر موقعها الإليكتروني على لسان الكاتبة الصحفية موريل مارك الخبيرة في شئؤون الشرق الاوسط - انها قامت بتحليل شخصيات عديدة من الطغاة الاوروبين في القرن العشرين الذين اصيبوا بجنون العظمة مثل موسولوني وهتلر وستالين وكثير منهم وصلوا لهذا الحد من الظلم نتيجة لتجارب الطفولة المؤلمة، كما في حالة مولوسفيك الذي عاصر سلسلة من حالات الانتحار في عائلته، وتقدم الان بحثها الجديد بشأن الحكام العرب، حيث اشارت الكاتبة الى المشاكل النفسية التي عانى منها القادة العرب كي يصلوا لهذا الكم من الظلم والطغيان.

فاتخذت الكاتبة نموذج لهؤلاء الاشخاص هو القدافي وتحدثت عن فترة طفولته، وما كان لديه من معرفة ودراية بالمعارك الحربية وخصوصا معركة العلمين بجانب ما عاصره منذ ايام القصف في ليبيا.

واشارت الكاتبة ان جميع الطغاة الاربعة الذين سقطوا ما بين بلاد تونس واليمن هم كانوا ينتمون الى عائلات فقيرة جدا وخرجوا جميعا من الفقر المدقع واستقر في نفسيتهم السخط على المجتمع والمكر واللؤم لتحقيق اهدافهم، وبدأوا حياتهم ملتحقين بصفوف الجيش وكأنه الطريق الوحيد الذي يتيح للمحرومين الظهور وتحقيق امانيهم، والتحق هؤلاء الحكام السابقين جميعا بالجيش وهم لا يزالوا شباب في عمر الزهور، حيث التحق الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالجيش وهو في عمر 12 عام واعتاد على القتل واستخدام الاسلحة، وكل تلك الظروف ادت الى جنون العظمة والنرجسية وجميعها صفات ملازمة للشخصية الديكتاتورية.

ووصفتهم الكاتبة بانهم ضحايا في بداية حياتهم ثم تحولوا لجلادين بعد ذلك، واكدت ان العنف يولد العنف والاذلال يولد الانتقام واشارت انه كان عليهم ان يجدوا السبيل لنمو شخصيتهم، وكان عليهم ان يتحلوا بالتسامح وطيبة النفس، ولكن هؤلاء الطغاة قد عاشوا في ظروف قاسية، حيث تغيب وتنعدم كل تلك المفاهيم؛ وذلك باستثناء بشار الاسد، حيث تلقى تعليمه في افضل المدارس وتخرج من جامعة في بيريطانيا، وعمل طبيب عيون وكان يرغب في الظهور كأب مثالي وهو يصطحب ابنائه للمدرسة كل صباح.

واشارت الكاتبة الى الازمة النفسية التي تعرض لها بشار الاسد بعد موت اخيه الاكبر عام 1994، وكان من المفترض ان يكون الاخ الاكبر خليفة الاب حافظ الاسد، وبذلك تم استدعاء بشار الاسد على الفور من الخارج للمجئ الى وطنه للتدريب على تولي مهام الرئاسة، وبذالك اصبح اول رئيس عربي يخلف والده في حكم الجمهورية، وكان الاب حافظ الاسد يعتبر نموذجا يظهر الشخصية الديكتاتورية التي تستر الشخصية العنيفة وراء وجه البرجوازية الوديع.

واشارت الكاتبة الى انه عندما توفي حافظ الاسد كان اول خطاب لابنه بشار الاسد عن منظور جديد، حيث اقترح طرق جديدة لتحقيق الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية وحرية الرأي.

وظهرت فيما بعد الجرائد المستقلة التي تثير حوار وجدل فكري يعمل على نشر ثقافة ديمقراطية فارغة، وكان ينظر الجميع للاسد باعتباره شخصية تتقبل النقد والرأي الاخر، ولكنه في غضون عام تم اغلاق الصحف والقبض على أؤلئك الذين يحثون على الثورة والمطالبة بالحقوق الضائعة، ومع ذلك استمرت المظاهرات في سوريا للاحتجاج ضد تعذيب الشباب التي تعارض مليشيات نظام الاسد، وبعد ذلك انضم بعض الجنود للاحتجاجات وبذلك تحولت الى تمرد مسلح.

واوضحت الكاتبة امداد كلا من السعودية وقطر للثوار الليبين بالاموال والسلاح بينما تؤيد روسيا وايران النظام السوري بقياده بشار الاسد، مما جعل الاحتجاجات السلمية تتحول الى حرب اهلية تشمل قوى سياسية مباشرة وغيرمباشرة وقوى استعمارية جديدة او سابقة.

واضافت الكاتبة ان الثورات العربية تسير الان بطرق مختلفة ومتفاوتة عن بعضها البعض وخصوصا في ليبيا، التي تعرضت لتدخل العسكري من حلف الناتو بدعم من قرار الامم المتحدة.

والتي لم تلق بالا بما حدث بالمذبحة في ليبيا وما نتج عنها من ضحايا او اضرار مادية.

وقالت الكاتبة انه يبدو هذا هو نظام الثورات العربية، ويتضح في "المعرفة الواعية من اين يبدأ الشباب للقيام بثورات والتعبير عن آرائهم، ولكن لا يعلموا الى اين سينتهي بهم المطاف وخصوصا لو هناك مصالح اجنبية".

وترى الكاتبة ان الربيع العربي لديه امكانيات هائلة والبلاد الاسلامية قادرة على اقامة انظمة ديمقراطية كالعالم الغربي، وتحدثت بعد ذلك عن كتاب "الدولة المثالية " للفيلسوف الفرابي الذي كتبه على نمط الكلاسيكين اليونانين، حيث تناول فيه كثير من الحكم، واشار فيه الى الخصال المناسبة التي يجب ان تتوافر في من يحكم اي بلد وهي كالاتي:

القوة والقدرة على سرعة الفهم والاقناع واليقظة والحساسية وحب المعرفة والبعد عن الملذات المادية والجسدية والسعي وراء الحقيقة وتحقيق العدالة والشهامة ونبذ العنف، وان لم يكن هناك شخص لديه كل تلك الصفات جميعها اذن فينبغي عليه تهذيب نفسه على التحلي بتلك الصفات كي يكون مهيئ لحكم شعب.

واوضحت الكاتبة ان الربيع العربي لم يولد فقط لإطاحة الطغاة ولكن لمحاولة إنشاء نظم جديدة للحكومات تسود فيها المساواة امام القانون والديمقراطية وتحقيق العدالة، وهذا لم يكن ممكنا تحقيقه خلال العشر سنوات الماضية ولو ذهب اي الشخص الى تونس او مصر او اليمن قبل الربيع العرب، لوجد الشباب والمفكرين يتحدثون ويعبرون عن ارائهم في صمت. وانهم كانوا على وعي تام بمدى الفساد الذي وصلت إليه بلدهم بسبب استنزاف الحكام الطغاة لهم، ولكنهم كانوا خائفين من التعبير عن آرائهم او حتى التفوه بأي كلمه ضد النظام الحاكم.

وقالت الكاتبة انه في الشهور الاخيرة تحول الموقف للنقيض وذكرت مقولة لأحد الشباب بميدان التحرير "اني عشت عشرات السنوات في خوف وذعر واليوم قد انتهي هذا كله وادرك حاليا اني انسان ولي حقوق وكرامة".

وتشير الكاتبة ان كثير من الشباب في المجتمع المصري كانوا يعانون من تلك الأوضاع حتى تحول ميدان التحرير الى مكان للمطالبة بالحقوق والديمقراطية.

وبذلك  "تحول جنون الطغاة لمجرد ذكرى سيئة".

المصدر

http://www.avvenire.it/Cultura/Pagine/virtu_follie_primavere.aspx