رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

افرض.. تانى


افرض حضرتك أن كل كلام الإخوان صحيح وكل اتهاماتهم للمعارضة صحيحة وصادقة، افرض - مثلاً - أن المعارضة المدنية هى التى تستخدم العنف للتخلص من الرئيس ومؤيديه، وأنها تعمل لحساب جهات فى الداخل والخارج ضد المشروع الإسلامى،

وأن هناك مؤامرات يدبرها ويديرها أحمد شفيق وأعوانه لإقالة محمد مرسى، وأن عصابات من البلطجية تساعد وتساهم فى هذه المؤامرات من خلال ممارسة الجرائم والعنف والسرقات والحرائق، وغيرها ضد كل مؤسسات الدولة.

لو كان كل هذا الكلام صحيحاً فهل يكون الرد عليه هو تلك السياسات العقيمة التى يصر عليها مرسى وأعوانه؟.

ألست أيها الأخ الرئيس تملك صلاحيات مطلقة لإعادة الهدوء إلى البلاد؟، هل المعارضة المدنية هى التى أمرت سيادتكم باتخاذ كل القرارات العبثية الفاشلة التى أشعلت غضب الناس ضدكم وأجبرتكم على التراجع عن معظم هذه القرارات؟ هل المعارضة المدنية هى التى أجبرتكم على الشلل التام إزاء مطالب الناس مثل إقرار الحدين الأدنى والأقصى للأجور وإصلاح أحوال الفقراء والمعدمين والحد من فساد الفاسدين والسيطرة الأمنية على الشارع فى مواجهة الجرائم والبلطحة؟

هل المعارضة المدنية هى التى دفعتكم إلى الفشل الذريع فى مواجهة الأزمات الاقتصادية الخانقة وتدهور سعر الجنيه والارتفاع الرهيب فى أسعار كل السلع والخدمات؟، هل المعارضة المدنية هى التى أخرست سيادتكم عن مواجهة الشعب بأى كلام مفهوم حول سوء الأحوال وسوء الإدارة وسوء العاقبة؟.

هل المعارضة المدنية هى التى أوحت إليكم بالطاعة العمياء لجماعة الإخوان ورفض الاقتراب منها لتوفيق أوضاعها وتحويلها إلى حزب سياسى أو جماعى دعوية خاضعة للقانون؟ هل المعارضة المدنية هى التى أقنعتك بأن الغضب الشعبى يحتاج الحل الأمنى الغبى على حساب الحل السياسى الصحيح؟.

الموضوعية تجبرنا على الاعتراف بسلبيات التظاهرات والاعتصامات وأعمال العنف والتخريب التى توشك أن تحرق البلاد وتدفعها إلى الفشل والإفلاس التام، ولكن نفس هذه الموضوعية تضع المسئولية فى رقبة الإخوان ورئيسهم، فقد كان بوسع الأخ الرئيس أن يتفادى كل هذه الكوارث لو فهم من البداية أن وظيفته الجديدة تتعارض تماماً مع جذوره الإخوانية واقترب من كل القوى السياسية وسمع منهم ما يريدون ونفذ لهم كل ما يتفق مع صالح الوطن ولو على حساب المصالح الإخوانية الضيقة.

لو كان محمد مرسى قد بدأ عهده بتوفيق أوضاع الجماعة طبقاً للقانون لحمله الشعب على الأعناق، ولو كان قد أمر بتنفيذ الحد الأقصى للأجور على كل باشاوات مصر لحمله الناس على الأعناق، ولو كان قد أمر بتشكيل حكومة حقيقية تضم كل التيارات السياسية لنجح فى توزيع المسئولية على الجميع، ولو كان اعترف باستقلال القضاء ولم يخض ضده حرباً غير منطقية لما صار الآن عدواً للقضاة والعدالة، ولو كان قد حاول عقد مصالحة شاملة وحقيقية بين كل التيارات الإسلامية والمدنية والفلولية لكان قد قطع الطريق على كل المؤامرات والجرائم والكوارث التى مازلنا نعيشها حتى الآن.

لو كان محمد مرسى يحب الإخوان ويحب الإسلام ويحب نفسه وأسرته لكان قد اعتذر من البداية عن عدم قبوله الترشح للرئاسة حتى لا يتورط فى أمور لا يفهمها ولا يجيد التعامل معها، ولكنها فتنة السلطة وشهوة الحكم ومرض العزة بالإثم الذى دفعه للأسف إلى هذا الخازوق الذى عاقب به نفسه وجماعته والثورة المسكينة التى تاهت فى مغارة وخرابة الإخوان