رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة «ماتيس» إلى الرياض


عقب لقاء وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس بنظيره السعودى ولى ولى العهد محمد بن سلمان وعدد من المسئولين، قال: إن الولايات المتحدة تريد سعودية قوية، وقال أيضًا: إن الولايات المتحدة تستطيع تعزيز مقاومة السعودية لمواجهة إيران، وأضاف أن اجتماعه مع قادة المملكة، قد يفتح الباب لزيارة الرئيس الأمريكى إلى الرياض.

أما الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد ووزير الدفاع، فقد قال لوزير الدفاع الأمريكى: إن السعودية والولايات المتحدة تعملان معًا لمواجهة التحديات فى المنطقة، بما فيها أنشطة إيران الضارة، ولجلب الاستقرار لمنطقة باب المندب، التى تُعتبر من أكثر المضائق أهمية فى العالم.

من هذه الكلمات يتبين أن هناك رؤية مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية تجاه التحديات التى يواجهها الشرق الأوسط، ومن أهمها: مواجهة إيران، التى تعمل على زعزعة الاستقرار فى المنطقة، ودعم الإرهاب، كما أن هناك تطابقًا فى وجهات النظر نحو جلب الاستقرار للمنطقة، وباب المندب، الذى يُعتبر من أكثر المضائق أهمية فى العالم، وأضاف جيمس ماتيس: أن واشنطن تتكفل بعدم إيجاد ميليشيات إيرانية فى اليمن على غرار حزب الله، وإيقاف شحن الأسلحة الإيرانية التى من شأنها عرقلة السلام.

وهذا يتطلب دعم المملكة لتكون قوية، لمواجهة الصواريخ الإيرانية التى تطلقها إيران تجاه المملكة، كما يتطلب ذلك التعاون مع المملكة العربية السعودية، وإصدار عقوبات جديدة على إيران، ومراجعة الاتفاق النووى، وإعادة تنشيط التحالف بين الرياض وواشنطن فى مواجهة العدو المشترك إيران.

لقد وصل وزير الدفاع الأمريكى ليسمع من القيادة السعودية، للتعرف على أولويات المملكة، وهو ما صرح به مسئول فى الجيش الأمريكى، خصوصا أن العلاقة بين المملكة وأمريكا شابها شىء من التوتر فى عهد الرئيس الأمريكى السابق أوباما، وأن السعودية شعرت بأن الرئيس الأمريكى السابق كان يميل نحو إيران على حساب المملكة العربية السعودية، خصوصا أن المملكة هُمِّشَت خلال المفاوضات الدولية بشأن برنامج إيران النووى بحسب ما ذكره المسئول الأمريكى.

وقد توقعت وكالة فرانس برس، رفع التجميد المفروض على تسليم المملكة قنابل دقيقة، جمدتها إدارة أوباما تحسبًا من إصابة المدنيين فى اليمن، كما أن واشنطن تستطيع تكثيف مشاركتها فى الحملة ضد مسلحى تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا.

لقد وجدت الولايات المتحدة المملكة شريكًا استراتيجيًا فى تحقيق السلام فى الشرق الأوسط، والحرب على الإرهاب بنوعيه القاعدة وداعش، وغل يد إيران التى تعبث بأمن الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إيقاف الحرب فى سوريا.

كل ذلك كان يعتمد على العلاقة الطويلة مع المملكة العربية السعودية لاسيما أن لها دورها القيادى فى العالمين العربى والإسلامى، لقد كان لعاصفة الحزم أثر واضح للدلالة على أهمية المملكة العربية السعودية، فقد حققت المملكة عندما أطلقت عاصفة الحزم مفاجأة استراتيجية أربكت إيران، فلم تدع لها فرصة للتحرك خصوصا عندما وجدت إيران، أن هناك دولًا فى التحالف وصلت إلى عشر دول عربية، بالإضافة إلى التعاون الأمريكى، فلم تتمكن إيران حتى من إنزال طائرة ادعت فيها مثلا أنها للإغاثة.

هذه المفاجأة الإستراتيجية والمحافظة على المبادءة ، نقلت المملكة من الدولة السادسة فى الدول العربية، إلى الدولة الأولى فى العالم العربى، وبوأها ذلك قيادة للتحالف العربى ضد المتمردين على السلطة الشرعية فى اليمن وقيادة التحالف الإسلامى فى مواجهة الإرهاب.

كما أن «عاصفة الحزم»، حسنت من أداء القوات المسلحة السعودية، وأكسبتها المناورات خبرة ودراية بالحروب المشتركة والمعارك الخاصة على مستوى القوات المختلفة من بحرية وبرية وجوية، بالإضافة إلى تنمية الوحدة الوطنية، فى الداخل والاحترام فى الخارج.

لقد ضربت عاصفة الحزم مثالًا فى النجاح، إذ إنها ساعدت الشرعية التى لم يكن معها جندى واحد، أو بوصة على الأرض، أن تُكوَن جيشًا وتتولى تدريبه، فاستطاع أن يدحر المتمردين بجيشهم السابق، وحرسهم الجمهورى، والعصاة الذين التفوا حولهم.

وكما أن المملكة كانت قد شكلت مركزًا للأعمال الخيرية، أنفق مئات الملايين على الذين سرق الحوثيون أموالهم، واختطفوا طعامهم وجعلوا منهم مشردين ولاجئين، فتكفلت المملكة بعلاجهم وإيوائهم وإغاثتهم.

إن هذه الأعمال التى كانت تراقبها الولايات المتحدة، جعلتها تتخذ من المملكة شريكًا لها فى تحقيق الأمن والسلام فى المنطقة، بينما كانت إيران تطالب أمريكا بتقاسم النفوذ فى الشرق الأوسط.

لقد استيقظت الأمة العربية، ونفضت عنها غبار الماضى، وأصرت على أن تحمى ديارها بنفسها، وتبنى حضارتها بسواعد أبنائها، وأن تواجه التحديات التى فُرضت عليها.