رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الانفتاح" يُعادي "الأدب".. والحجة: "الجمهور عايز كده"

جريدة الدستور

استمدت السينما المصرية من الأعمال الأدبية وسير الكتاب المصريين الأشهر سيناريوهات أفلام، منها ما استطاع صناعها الإمساك بتلابيب العمل الأصلي وصنع فيلم يوازي الأصل الأدبي إبداعيًا، ومنها ما لم ينجح. لكن الثابت أن تقديم الأعمال الروائية والمسرحية على شاشة السينما، تكسبها جماهيرية واسعة، لكون المتلقي المنصرف إلى حد كبير عن القراءة في مجتمعنا ما عليه سوى أن يفتح عينيه في الظلام، على حد تعبير الراحل سمير فريد، لتلقي العمل. ومن ثم، تسدي السينما، في كثير من الأحيان، خدمة للعمل ومبدعه.

ولنجيب محفوظ (1911- 2006)، الروائي العربي الأشهر والحائز على جائزة نوبل في الأدب، نصيب الأسد من الأعمال الروائية التي تحولت لأفلام سينمائية. وإن كانت معظم الأفلام التي تقوم على أعمال لمحفوظ كانت سابقة على حصوله على نوبل.

لكن أعمالًا لتوفيق الحكيم، وطه حسين، ويوسف السباعي، ويوسف إدريس، وإحسان عبدالقدوس، وثروت أباظة، ولطيفة الزيات، ويحيى حقي، وصبري موسى، وإبراهيم أصلان، وجدت أيضًا طريقها لشاشات السينما المصرية كذلك.

والملاحظ بشكل عام أن عدد الأفلام المأخوذة من أعمال أدبية في الفترة التي يشار إليها غالبًا على أنها العصر الذهبي للسينما المصرية، أي فترة التي شهدت ازدهار السينما المصرية في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي، أكثر بكثير من الفترة اللاحقة التي شهدت انهيارًا في جميع النواحي الثقافية والمجتمعية في مصر.

فمع تمكن قيم الانفتاح، وتراجع قيم الإبداع الأصيل، ودخول عدد من الأثرياء لسوق الإنتاج السينمائي، باعتباره وسيلة للكسب وتراكم الثروات، قل تدريجيًا عدد الأفلام المستندة إلى أصل روائي، أو تلك التي توظف عنصرًا أو أكثر من عناصر الدراما الكلاسيكية (سواء رومانية أو يونانية أو شكسبيرية).

ومؤخرًا اتجهت السينما لتحويل الروايات "الأكثر مبيعًا" دون غيرها من الروايات التي قد تكون جاذبة للجمهور، لكن المنتجين يرفضون المغامرة بتحويلها لأفلام قد لا تجد رواجًا جماهيريًا.

ولم تنتج السينما في الآونة الأخيرة أفلامًا تستند إلى أصل "أدبي" سوى "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني، و"الفيل الأزرق" لأحمد مراد، و"مولانا" لإبراهيم عيسى، و«هيبتا» لمحمد صادق، وكلها أعمال لا تؤخذ بجدية من جانب نقاد الأدب. بينما أعلن بلال فضل سابقًا، على سبيل المثال، أنه حول رواية بهاء طاهر "نقطة النور" إلى سيناريو سينمائي لكن لا أحد من المنتجين رحب به.

وساهم تخلي الدولة عن دعم الإنتاج السينمائي والتليفزيوني للأفلام في تراجع مستوى السينما عمومًا، لخضوعها تحت رحمة آليات السوق، وبالتالي قلة عدد الأفلام المأخوذة من أصول أدبية عالية القيمة الفنية.

لكن الملاحظ أيضًا اتجاه بعض صناع المسلسلات التليفزيونية لتحويل الأعمال الروائية إلى مسلسلات، ومنها ما لاقى نجاحًا جماهيريًا ونقديًا، على حد سواء، كمسلسل «أفراح القبة» المستند على رواية نجيب محفوظ والذي عرض أثناء شهر رمضان العام الماضي «سيناريو وحوار محمد أمين راضي ونشوى زايد، وإخراج محمد ياسين».

وقبلها بسنوات، عام 2001، حول السيناريست الراحل محسن زايد رائعة نجيب محفوظ «حديث الصباح والمساء» لمسلسل مدهش، أخرجه أحمد صقر، وحظي بجماهيرية وترحابًا نقديًا واسعين.

كما حول السيناريست يسر السيوي رواية بهاء طاهر «خالتي صفية والدير»، عام 1994، لمسلسل يحمل نفس العنوان، أخرجه إسماعيل عبد الحافظ... إلى آخر القائمة الطويلة التي شملت أعمالًا لخيري شلبي «الوتد، وكالة عطية»، أحمد الشيخ «الناس في كفر عسكر»، صنع الله إبراهيم «ذات».

ويعمل فريق بقيادة المخرجة كاملة أبو ذكري حاليًا على الانتهاء من تصوير مسلسل «واحة الغروب» والمأخوذ من رواية لبهاء طاهر بنفس الاسم حولتها لسيناريو السيناريست مريم نعوم.