رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إغفال المشكلات لا يعنى حلها


من يقرأ الصحف ويتابع تصريحات المسئولين يتصور أننا لا نعانى من مشكلات ولا أزمات، فى حين أن مصر، كباقى الدول، تعانى من مشكلات، بل من أزمات بحكم ما مرت به، خاصة منذ عام 2011، حيث أدت الحركات الجماهيرية إلى اضطراب فى العمل، وتوقف عجلة الإنتاج أحيانا، وتباطؤ فى أغلب الأحيان، فى حين لم يتوقف الاستهلاك ولم يقل، ونعانى من نزيف للموارد بعضه متعمد وبعضه بالصدفة، ويبدو أننا نخشى من ذكر المشكلة، ولذلك فإننا نكتفى بمحاولة العلاج دون ذكره وربما نتجاهل المشكلة!



هناك مشكلات فى العلاقات الخارجية رغم ما يبذله رئيس الجمهورية وزياراته الخارجية، ولم تقتصر المشكلات على علاقات بعينها، فالمشكلات تبدأ بالعلاقات مع الدول العربية، ثم مع دول الجوار الجغرافى، ثم مع القوى العالمية، فعلاقاتنا مع إيران تعانى من أزمة ناجمة عن علاقات دول الخليج معها، وعن آثار استضافة شاه إيران، وليس من الطبيعى البقاء على هذا الحال دون محاولة العلاج، وواضح أن المشكلة الكبرى فى هذا المجال أن دول الخليج فى خلاف شديد معها وتعتبر أن أى تحسن فى علاقاتها مع مصر ضد مصلحتها، رغم أن لهم علاقات مع إيران. ولا يحدثنا أى مسئول عما نفعل لمعالجة هذه العلاقات.

وعلاقاتنا مع تركيا ليست أفضل منها مع إيران، خاصة فى إيوائها العناصر الإرهابية المعارضة، وكذا موقفها من الأزمة السورية وتدخلها فى العراق رغم رفض الحكومة العراقية ورغم ذلك فإن تركيا على علاقات قوية بدول الخليج التى أكدنا لهم استعدادنا لمعاونتهم ضد أى عدوان عليهم، ومرة أخرى لا نعرف اتجاهاتنا لعلاج العلاقات مع تركيا.

أما إثيوبيا فهى تشكل أخطر مصدر للمشكلات، ومن الواضح أن المشكلة تتعلق أساسا بمياه النيل وحق مصر فى نصيبها من مياه النيل الواردة من الهضبة الإثيوبية، وتصريحات المسئولين لا تذكر أن هناك خلافا، وتبشر بالوصول إلى اتفاق حول سد النهضة، ليبقى السؤال الذى يردده الكثيرون عما يمكن أن نفعله إذا فشلت المفاوضات مع إثيوبيا، وهو أمر محتمل، وتزداد المشكلة تعقيدا بموقف السودان من الأزمة، حيث يبدو أقرب إلى الموقف الإثيوبى منه إلى الموقف المصرى، كما أن موقف دول الخليج من الأزمة يبدو أنه يشجع كلا من إثيوبيا والسودان، بل إن السودان أجرى مناورة مشتركة مع السعودية بالقرب من الحدود المصرية وهو إجراء غير ودى.

علاقتنا مع الولايات المتحدة بدا أنها تتجه إلى التحسن، إلا أنها بدت متجاهلة لمصلحة مصر فى الأزمة السورية بعد أن تصورنا أنها اقتربت من تفهم الموقف المصرى، ولكن واقعة خان شيخون وما تلاها من ضربة أمريكية أفسد ما سبق، ويبدو أننا أردنا أن نحافظ على ما حققته زيارة الرئيس للولايات المتحدة فوافقنا على مشروع قرار مجلس الأمن الذى اقترحته والذى يلقى باللوم على سوريا دون انتظار لنتيجة التحقيق، وهكذا لم نحافظ على مصلحتنا فى الأزمة السورية، وبدا كما لو كنا ضحينا بعلاقتنا مع روسيا. والحق يقال إن الولايات المتحدة تتخذ مواقف مضادة لمصلحتنا وإن الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب لا يمكن الاعتماد على موقفه حيث هو متقلب وقاعدته غير قوية على نحو ما بدا فى الفترة التالية لتولى رئاسته، وهناك من يتنبأ بعزله وعدم استكمال فترة رئاسته.

علاقاتنا مع روسيا تبدو معضلة، فرغم أنها اتجهت نحو مرحلة جديدة طيبة بزيارة وزيرى الخارجية والدفاع، وما تلاها من رد للزيارة، ورغم كثرة الوفود الروسية التى قدمت إلينا، فإننا نلاحظ تباطؤا فى العلاقات سواء فى مجال السياحة أو فى مجال العلاقات الاقتصادية، خاصة ما يتعلق بإنشاء مجمع الضبعة النووى أو حتى منطقة عتاقة الاقتصادية، وأى مراقب للعلاقات المصرية الروسية لا بد أن تتملكه الحيرة وأن يتساءل عما تتجه إليه العلاقات، والغريب أننا لا نجد إجابة، وكما لو كان الصمت كفيلا بالحل.

علاقاتنا العربية ليست أفضل حالا، وبيان عمان يشير إلى أننا لم نحقق تقدما فى العمل العربى المشترك ولو فى مجال العلاقات العربية العربية، والخلافات بين الدول العربية، فعلاقاتنا مع دول الخليج ليست فى أفضل حال، خاصة العلاقات مع قطر وحمايتها للإرهاب، كما تعرضت علاقاتنا مع السعودية لخلافات ظهر بعضها فى الاختلاف حول الأزمة السورية وفى أزمة الوقود مع شركة أرامكو، كما ظهر فى العلاقات مع إثيوبيا والمناورات مع السودان على الحدود المصرية، ومن جهة أخرى فقد أوقفت دول الخليج عمليا تشكيل القوة العربية المشتركة.. هذه المشكلات تحتاج إلى مواجهة وحل، واستمرار السكوت ليس حلا!.