رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أم القنابل.. وأبوها وأخواتها!


هى حملة إعلانية وليست عسكرية.
ودعك أى «سيبك» من كونها رسالة لكوريا الشمالية أو لـ«أى حد» أو «حتة تانية»، فما أتصوره هو أن المستهدَف (بفتح الدال) من الرسالة هو «الزبون» الذى جرى الرهان على أن يسيل لعابه فيقول «عايز من ده»!
لم يكن مهمًا مكان تفجير القنبلة التى وصفوها بـ«أم القنابل»، بقدر أهمية التفجير نفسه وما سبقه وتزامن معه ثم استمر. وأقصد سيل الأخبار والتقارير التى قرأناها وشاهدناها عن «أكبر قنبلة غير نووية فى التاريخ»، والتى عرفنا كل تاريخها وتصفحنا أو أرغمونا على تصفّح كتاب حياتها يا عين: من طراز «جى بى يو 43» وتعرف اختصارًا باسم «MOAB» أو أم القنابل.. تم تطويرها فى سلاح الجو الأمريكى سنة 2002، ودخلت الخدمة فى 2003، حين تمكنت الولايات المتحدة من إنتاج 15 قنبلة منها.. يبلغ طولها 11 مترًا، ووزنها 11 طنًا من متفجرات TNT.. وطبيعى ألا ينتهى الإعلان دون تحديد السعر: تكلفة القنبلة الواحدة 16 مليون دولار أمريكي. ولاحظ أن هذا هو سعر التكلفة!
وإمعانا فى توضيح مزايا المنتج الجديد، جرت مقارنة «أم القنابل» بقنبلة «ديزى كوتر» التى كانت سابقًا هى «البطلة» التى قتلت العديد من أعضاء تنظيم القاعدة، وكانت «القاضية» التى وجهها مسوقو البطلة الجديدة هى أن «ديزى كوتر» لم تتمكن من قتل «بن لادن» وعدد من كبار مساعديه!
هكذا، وقع الاختيار على أفغانستان، قرب حدودها مع باكستان، بزعم استهداف سلسلة من الأنفاق، كان الإرهابيون يستخدمونها بكل حرية، ويهاجمون القوات الأفغانية والأمريكية انطلاقًا منها. وقام مسئولون أمريكيون وأفغان، بادعاء أن طهران وموسكو استفادتا من غموض الموقف الأمريكى من أفغانستان، لتوسيع نفوذهما هناك وتدعيم علاقتهما بطالبان، وإضعاف السلطة الأفغانية الحالية المدعومة غربيًا وأمريكيًا.
والنكتة، هى أن «أم القنابل» لم تقتل إلا 36 فقط، طبقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الأفغانية، من 600 إلى 800 إرهابى يتواجدون بتلك المنطقة حسب تقديرات الإدارة الأمريكية!
مهما كانت الأسباب أو التبريرات، فالواضح أن الاختيار وقع على أفغانستان، لأن رد الفعل مضمون، هذا بافتراض وجوده من الأساس. ويدعم هذا الاحتمال أن الحرب فى أفغانستان فى المرحلة الأضعف لها، بالنسبة للأمريكيين والأفغان معًا. بل ولا يكاد أحد يتذكر حركة طالبان أو يذكرها بخير أو بشر، مع أنها تسيطر على ثلث مساحة أفغانستان أى على منطقة يسكنها 10 ملايين على الأقل، وهو رقم يزيد كثيرًا عن عدد سكان المناطق التى تمكّن تنظيم «داعش» من السيطرة عليها وهو فى أقوى وأحسن حالاته.
ماذا يعنى ذلك؟!
يعنى ببساطة أن حركة طالبان لا تزال حية تسعى وتلعب، ولا نكشف سرًا لو قلنا إنها تقوم بتصدير الإرهابيين إلى كل دول العالم، بل وقد يتسلم المستورد شهادة المنشأ وضمان 5 سنوات أو 100 كيلو أيهما أقرب! بما يعنى أن القضاء عليها (على الحركة) كان يستحق قدرًا من الاهتمام يتساوى مع ذلك الذى يوليه العالم لـ«داعش» إن لم يزد. ولا أريد أن أوجع دماغك بفتح موضوع ذوبان الفارق بين كل تلك التنظيمات والحركات وعلاقتها بـ«الجماعة الأم»، جماعة الإخوان. لكن ما قصدته هو أن حركة طالبان موجودة ولم تنجح الولايات المتحدة فى القضاء عليها، بل تركتها وهربت من المستنقع، ربما لعدم وجود مُموّل، أو لظهور ممولين يدفعون أكثر فى مناطق أخرى!
السؤال الصعب، الذى سيخطر على بالك وبال روّاد «القلش» فى المنطقة هو: إذا كانت تلك هى أم القنابل، فأين أبوها؟!
قبل أن تجهد نفسك فى البحث، قام موقع «روسيا اليوم» بالإعلان عنه، بشكل يؤكد الفكرة سابقة الطرح، فكرة أننا أمام حملة إعلانية لا حملة عسكرية!
الموقع الروسى المعروف، زعم أن الإعلام الأمريكى هو من ألقى الضوء على «أبو القنابل» الروسية، التى تضاهى بقوتها 4 أضعاف «أم القنابل»! ونسب إلى ما قال إنها «معظم وسائل الإعلام الأمريكية» أن «أم القنابل» (GBU-43) ليست على ما يبدو أقوى قنبلة على وجه الأرض. وزعم «روسيا اليوم» أن هناك تقارير أوضحت أن «أبو القنابل» الروسية وعلى الرغم من كونها أصغر حجمًا من نظيرتها الأمريكية، إلا أنها بقوة 44 طنا من مادة تى إن تى (مقابل 11 طنًا لدى القنبلة الأمريكية)، ناهيك عن أن قطر سطحها التدميرى أكبر بمرتين من «أم القنابل». كما زعم الموقع الروسى أن «بعض وسائل الإعلام» تعتبرها «أقوى الرءوس الحربية غير النووية فى العالم على الإطلاق».
ثم استفاض الموقع فى الشرح: «تكتسب القنبلة الروسية قوتها من تكنولوجيات النانو التى تستخدم فى صنعها. وتستطيع تدمير مواقع تفوق مساحاتها عشرين مرة مساحة تدمير القنبلة الأمريكية. وانتهى تقرير «روسيا اليوم» بالإشارة إلى أن روسيا أجرت اختبارًا لهذا النوع من القنابل غير النووية فى 2007 بإلقائها من قاذفة استراتيجية من طراز «تو-160».
وتبقى الإشارة إلى أنّ شركات سلاح كثيرة كانت قد قامت بتسريح آلاف العاملين لديها بعد انتهاء الحرب الأمريكية فى أفغانستان والعراق. منها شركة «سيل ساينس» مثلًا، التى استعادت كل العاملين فيها مرة أخرى مع بداية إعلان الحرب على تنظيم «داعش»!
.. ومع السلام عليكم.