رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«البابا تواضروس».. صيدلي بدرجة حكيم

البابا تواضروس
البابا تواضروس

فى اليوم التالى لأحداث التفجيرات التى طالت كنيستين بطنطا والإسكندرية، لم تنشر «الدستور» فى صفحتها الأولى صورا لأشلاء الضحايا أو لآثار الانفجارين، بل احتلت صورة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، المساحة الأكبر من الصفحة، وهو يستند على عصاه، مغمض العينين، وكأنه يستحضر كل هدوء العالم وحكمته ليعينه على تحمل الفاجعة بقلب مطمئن.

هو «صبحى باقى سليمان» المولود يوم 4 نوفمبر 1952 بالمنصورة. كان والده مهندس رى، وعائلته انتقلت خلال طفولته من المنصورة إلى سوهاج ثم إلى دمنهور. حصل على درجة البكالوريوس فى الصيدلة عام 1975 من جامعة الإسكندرية وحصل على زمالة منظمة الصحة العالمية من المعهد البريطانى الدولى للصحة فى إنجلترا فى العام 1985. ودخل الأكاديمية القبطية وتخرج فى العام 1983. ثم عمل مديرًا فى شركة أدوية فى دمنهور كانت مملوكة لوزارة الصحة.

النشأة والتعليم كان لهما دور كبير فى صناعة شخصية البابا تواضروس، فدراسة علوم الطب والصيدلة تجعل الشخص صاحب تفكير منظم ومرتب وأكثر ميلا للهدوء والحكمة، والبابا يعد نموذجا للحكمة، وإلا لم تكن لتمر كثير من الأزمات التى شهدتها البلاد بسلام، فكانت حكمته بمثابة الدرع الواقية للبلاد من شر الفتن وشر المتربصين بها.

تظهر شخصية الإنسان والقائد الحقيقية وقت الأزمة، هكذا تقول مراجع الطب النفسى وعلم النفس الإدارى، وهناك صفات يجب أن تكون موجودة فى القائد وقت الأزمات، منها الهدوء والقدرة على اتخاذ قرار بعيدا عن الاندفاعية والبروباجندا، وأيضا العقل المتفتح والقدرة على الإنصات والمرونة، ويمتلك البابا أغلب تلك الصفات التى تجعل منه رجل دولة وقائدا من الطراز الأول.البعض يقارن بين البابا تواضروس والبابا شنودة، من حيث الكاريزما واللغة الأدبية والعلاقة مع الدولة، لكنها فى الحقيقة مقارنة ظالمة للأول، لكون التوقيت مختلفا، فمصر تواجه إرهابا غادرا لا يفرق بين أحد، ما يستلزم معه الاتحاد ووجود مرجعية دينية حكيمة لديها وعى بمفهوم الدولة والوطن. ومن أشهر أقوال البابا تواضروس: «وطن بلا كنائس أفضل كثيرا من كنائس بلا وطن»، و«يجب أن يحمل كل إنسان فى قاموسه 3 كلمات: (متشكر، ومن فضلك، وآسف)».. ولا يسعنا فى النهاية إلا أن نقول قداسته: «شكرًا لك، ومن فضلك، تقبل أسف المصريين جميعا».