رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد "رغيف وكتاب".. مؤسس مشروع "بتانة" الثقافي في حوار «للدستور»: ندعم الكتاب كغذاء للعقل والمستقبل مثلما ندعم الخبر

عاطف عبيد
عاطف عبيد

يستقر في ذهن الجميع أن غالب المسابقات التي تنظم ترتكز على مبارزات في الهوايات أو اكتشاف المواهب أو الاتصال بأرقام بعينها أو حتى الخضوع لمقامرة الحظ.

لكن أن تكون المباريات في الثقافة العام، تتعلق بأشياء وأمور تحيطنا طيلة الوقت، لكنها لا تسترعى انتباهنا، سواء في الأصل التاريخي لهيئات البريد أو التلغراف، والاتصال والمواصلات، والأدباء والفنانين والمفكرين .. الخ من مجالات الحياة، فهو الجديد الذي طرحته مؤسسة "بتانة" الثقافية، فلم يقف الأمر عند مجرد طرح أسئلة وإجاباتها، بل شمل الجوائز أيضًا.

ظهرت باكورة أنشطة المؤسسة عبر موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية؛ لتتخذ منهجًا يحث الشباب على القراءة والمعرفة، عن طريق المسابقات ورصد جوائز من الكتب يختارها المتباري.
وتسارعت خطى "بتانة" وتحولت فكرة المسابقات الثقافية إلى مبادرة "رغيف وكتاب" التي دشنتها المؤسسة في دورة معرض القاهرة الدولي ٢٠١٦.

ثم كُللت جهود المشروع بنجاح منقطع النظير؛ مع حرص القائمين عليه في دعم الكتاب كما يُدعم رغيف الخبز عصب الحياة، ومثلما أدركنا أهمية الرغيف كغذاء للجسد، وقف الكتاب ودعمه علي قدم المساواة كغذاء للعقل والمستقبل أيضًا. ولم يمض كثيرا من الوقت حتى ظهرت في سوق النشر المصري دار "بتانة للنشر"، وكان من اللافت تعدد مجالات النشر وتنوعها وضمها نخبة من المبدعين والكتاب.

في رحاب هذه النشاطات والوقائع، ألتقينا "عاطف عبيد" مؤسس وصاحب مشروع "بتانة" الثقافي، قاص مصري من أبناء كفر الشيخ، حاز دكتوراه النظم المعرفية، وصدرت له مجموعتان قصصيتان: "خوفو يعلن إسلامه"، و "سماوي" السيدة كاف. وله تحت الطبع: "أولاد فبراير: رواية"؛ "سيدي الغلبان: رواية"؛ "عجوز الحكاية: رواية ".
وإلى سرد الحوار:

- نود بداية حوارنا بشأن الدوري الثقافي المصري الذي أطلقته مؤسسة "بتانة" الثقافية، والداعم للمبادرة والجوائز التي تصل إلى خمسين ألف جنية مصري.. هل هي للقصة فقط أم لغيرها من الأجناس الأدبية؟

*حقيقة الأمر أننا نستهدف عمل مسابقة ثقافية شبيهة بالدوري العام الرياضي بين المصريين، واستغلال شبكات التواصل الاجتماعي بشكل جيد، وتعتمد على مفهوم التسابق الحر، مفهوم التصفيات للفوز، ومفهوم التحكيم الجماهيري ودعم القطاع الخاص للثقافة.
وينهض الدوري على تحريك الطاقة المجتمعية نحو الثقافة الحقيقية والجادة واكتشاف مبدعين جدد، ورفع معدلات القراءة وإشاعة التنافس الأدبي الجاد في المجتمع، كما يهدف الدوري إلى دمج القطاع الخاص مع القطاع الحكومي لتعزيز المناخ الثقافي
ويركز الدوري في موسمه الأول على القصة القصيرة، على أن يكون للأجناس الأدبية أو حتى المقالات نصيب في المواسم التالية. وأطلقنا اسم الشهيد "خيري سلبي" على الموسم الأول من الدوري؛ تخليدًا لإبداعه ودوره في الحكي.

-وماذا عن مشروع "بتانة" الثقافي؟
*"بتانة" مشروع ثقافي نوعي يستثمر تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في رفع الوعي بالهوية المصرية، بالإجابة عن مجموعة من الأسئلة المُعدة بعناية، تؤكد في مجملها على مصرية الوطن، وتعظيم العامل المشترك بيننا كمصرين أبناء وطن له من العراقة ما يجعلنا نلتف حوله ونحافظ عليه. كما تهدف بتانة إلى إعادة هندسة عملية إنتاج واستهلاك المعرفة بمعادلات جديدة تصعد بمعدلات الإفادة من المنتج الثقافي حتى أقصى درجة.

- إذن.. من أين جاء أصل تسمية "بتانة "؟
*تعود كلمة "بتانة" إلى اسم آلة زراعية استخدمها الفلاح المصري لوقت قريب، تتولى هذه الآلة عمل " البتون" في الحقول، أي عمل الخطوط العريضة في الأرض المراد زراعتها، ومن هنا التقط القائمون على هذا المشروع الثقافي فكرة التسمية؛ حيث يهدف المشروع إلى إعادة تخطيط المشهد المصري بخطوط ثقافية عريضة ينتظم معها النسيج المصري ويتناغم مع تاريخه ومستقبله.

-ما تعليقكم على تراجع القصة القصيرة وسط اتساع المشهد الروائي والترويج النقدي والإعلامي لها؟
*القصة القصيرة والرواية وغيرها من الأجناس الأدبية هي أجناس بنت المناخ الاجتماعي والثقافي، وحالة الارتباك بالمناخ الحالي يعد بيئة مشجعة للإبداع؛ فالإبداع ابن القلق، وأرى أن الوضع الحالي يبشر بازدهار مرتقب للقصة القصيرة وشديدة القصر، خصوصًا في ظل وجود شبكات التواصل الاجتماعي. أما الرواية فأرى أن سبب تزايدها الآن؛ وجود جوائز محفزة لهذا النوع، غير أنّي أراهن على انحسار موجة الرواية، في شكلها الحالي، تبعًا لعدد الروايات، مع ارتفاع ملحوظ في جودة الروايات على قلتها.

-بعد الانطلاقة القوية والكبيرة لمؤسسة "بتانة" الثقافية في مجال النشر.. ما معايير النشر التي تستند إليها الدار في إجازة الأعمال التي تقدم إليها؟
*تحاول "بتانة" طرح محتوى جيد يساعد في تهيئة ذهنية المتلقي في إنتاج قادم إيجابي، مع التركيز على إنتاج محتوى يُغذي مفهوم الهوية المصرية كمرجعية رئيسية، و"بتانة" لديها لجنة لتحكيم الأعمال.

-ما الفلسفة التي كانت نصب عينيك وأنت بصدد تأسيس مشروع بتانة الثقافي؟
*تعتمد بتانة على رؤية مؤسسها في حتمية وجود معايير جديدة تحكم عملية إنتاج الثقافة وتوزيعها.

-وماذا عن مبادرة "كتاب ورغيف"؟ وما الجديد الذي ننتظره منكم في معرض الكتاب؟
*تعد مبادرة كتاب ورغيف إحدى المعادلات الجديدة، التي لاقت نجاحًا ملحوظًا. ومن المنتظر أن يشهد معرض القاهرة المقبل تطويرًا لهذه المبادرة مع وزارة الثقافة ووزارة التموين.

-ما الذي يميز دار نشر "بتانة" عن غيرها من دور النشر مما دفع العديد من الكتاب لتغير وجهتم إليها؟
* تحاول "بتانة" دعم المؤلفين دعمًا ماليًا يليق بإنتاجهم الثقافي، ضمن عقد نشر يلبي رضا كل المؤلفين الذين تشرفت "بتانة" بالنشر لهم.

-وما علاقتك بتجربة الكتابة الروائية؟
*لدي رواية قيد النشر باسم "عجوز الحكاية"، وستنشر مع دار نشر شقيقة إن شاء الله.

- إلى متي ستصمد مقولة زمن الرواية؟
** الكتابة قدر لا تحكمه خطة مسبقة، والإبداع رزق المبدع.

-اقترحت العديد من الحلول للقضاء على ظاهرة تزوير الكتب، لكن دون فائدة، فكيف تري الأمر وسبل مواجهته؟
* تقديم الكتاب بسعر رخيص للقارئ هو ضرب لسوق الكتب المزورة، وهو ما تكفله مبادرة كتاب ورغيف، غير أن هذه القضية تحتاج جهد مؤسسي في أكثر من اتجاه في نفس الوقت.

-هل تؤثر الجوائز أو قوائم "البيست سيلرز" في تفاعل الكاتب مع الساحة الثقافية، عبر مواصلة الكتابة والنشر؟ وهل تُعد معيار صادق للعمل الجيد؟
* معظم ما وصلنا من تراث معرفي جيد هو منتج على أبوب السلاطين وبدافع مادي، والمتنبي وأبو حيان التوحيدي وغيرهم أبدعوا وهم على أبواب السلطة والمال، غير أن المحتوى الجيد يتجلى من وضاعة صاحبه، وسوء الباعث إلى الكتابة لا يعني أن مخرجات الإبداع ملوثة. أما فكرة الفساد في بعض ظواهر النشر؛ فالحالة الثقافية تعكس بدقة الحال العامة.

-كيف ترى الفروق الفنية بين القصة الومضة والقصة متوسطة الطول والقصة الطويلة؟ وهل يمنح طول القصة مخرجًا لظهور حس روائي في عملية السرد؟
* المتعة شرط وحيد مميز للحكي، والقصة الومضة ستشهد تأطيرًا نظريًا قريبًا، ربما يخلصها من اتهامات يرتبط بنسبها لجنس الحكي.

-ازدادت الآونة الأخيرة عدد دور النشر التي تطبع وتنشر الغث لمجرد دفع صاحب الكتاب تكلفة الإخراج، بل وانتهاك حقوق المؤلف الأدبية والمادية. في رأيك ما أسباب هذه الظاهرة وكيف تؤثر على حركة النشر؟
* أتمنى أن تطرد العملة الجيدة العملة الرخيصة.

-ما أبرز العناوين التي تعاقدت عليها "بتانة"، وذكرت أنها ستصل للمائة عنوان حلول يونيو ٢٠١٧؟
* "التنزلات الإلهية"، "من فيوضات سماحة الإمام صلح التيجاني". كل العواطف: ج 2 | مؤمن المحمدي. ع الحلوة. والمرة | مؤمن المحمدي. الصعيد في بوح نسائه| سلمى أنور. المهرج | نعيم صبري. وغيرها، وسنصل للمستهدف يونيو 2017 إن شاء الله.

-ما أحلامك وطموحاتك على مستوى الكتابة أو بالنسبة لمؤسسة بتانة الثقافية وخاصة دار النشر؟
* الاستمرار المحروس برؤية.

-كيف تري مقترح توحيد جهات النشر الحكومية؟
* أتفق مع دمج كل نشاط النشر في وزارة الثقافة تحت مظلة حكومية واحدة مركزية الرؤية مع وجود طرفيات لامركزية تعمل بمرونة في إطار الرؤية المركزية.



-ما الجهات التي تدعم أو تمول "بتانة"؟
** بتانة ليست جمعية خيرية أو مؤسسة تتطلع إلى تبرعات وتمويل، بتانة شركة مسجلة في هيئة الاستثمار وتخضع لقانون الشركات ذات المسؤولية المحدودة. هي شركة مملوكة بالكامل لمصريين وممسوكة الدفاتر وفق قانون الشركات بمصر.
كون بتانة لديها معادلات تسويقية جديدة؛ فهذا لا يعني أنها مؤسسة غير ربحية، ولا ينفي مع الربحية أن يكون لها رسالة ثقافية برؤية جديدة. بتانة تحاول تغيير معادلة إنتاج واستهلاك المعرفة بشكل يرفع من معدلات الإداء من المنتج المعرفي بشكل عام، ويحافظ على ربحية المؤسسية الضامن الوحيد لاستمرار المشروع.

يثق القائمون على بتانة في أن كل استثمار مالي في مجال الثقافة يمكن أن يكون له مردود مالي كبير، كذلك مردود ثقافي مؤثر؛ إذا ما أحسنت إدارة رأس المال بشكل جيد. ولدى القائمين على بتانة ثقة كاملة ورهان محسوم بجدوى الاستثمار في مجال الثقافة، ولعل هذا أهم ما يميز بتانة حيث الثقة في جدوى الاستثمار، والثقة في طبيعة الأثر الذي تسعى بتانة لوضعه كبصمة على المشهد الثقافي.