رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى ثورة 19.. ثورة ألهمت العالم


هل نسينا الأمس القريب، عندما خرج العالم كله ليسجل انبهاره بثورة 25 يناير 2011؟ هل نتذكر أوباما، رئيس أكبر دولة فى العالم؟ وكيف خرج ليسجل إعجابه بما قام به المصريون فى ثورة يناير؟ هل نسينا مقولة رئيس إيطاليا عن عدم دهشته لما حدث فى مصر 25 يناير، لأن المصريين تعودوا على إدهاش العالم؟ هل نسينا كيف أصبح اسم «ميدان التحرير» اسم علم على لسان الناس فى جميع أرجاء المعمورة؟ هل نتذكر زيارات الساسة والمفكرين من شتى الجنسيات لميدان التحرير الذى أصبح بحق رمزًا إنسانيًا للحرية؟

هل نسينا ما حدث فى 30 يونيو 2013، وكيف خرج المصريون ضد الاستبداد الدينى، وضد مشروع الخلافة، ومشاريع إعادة تقسيم المنطقة؟ هل نسينا أن العالم كله لم يكن يتوقع خروج المصريين فى ذلك اليوم؟ أو ظهور صيغة 30 يونيو، الأزهر والكنيسة، الجيش والقيادات المدنية، فى محاولة لرسم خارطة طريق، ليس لمصر فقط، ولكن فى الحقيقة للمنطقة بأكملها. هل نسينا كل ذلك؟ هل اكتمل الحلم؟

تذكرت كل ذلك فى هذه الأيام، فى شهر مارس المجيد، الذى يذكرنا بالثورة الشعبية الأولى فى تاريخ مصر المعاصر، ثورة 1919.. نعم الثورة الشعبية الأولى، هذه الثورة التى نقترب الآن من المئوية الأولى لها، فبعد عامين سنحتفل بمرور مائة عام على ثورة 1919، هذه الثورة التى خرجت من حيز كونها ثورة مصرية، لتصبح بحق ثورة ألهمت شعوب العالم معانى الحرية والاستقلال.

أُعجِب الزعيم الهندى الشهير المهاتما غاندى، إعجابًا شديدًا بثورة 1919، وأدرك مبكرًا أهمية أن يخرج الشعب المصرى فى ثورة عارمة على بريطانيا العظمى التى خرجت منتصرة فى عام 1918 من الحرب العالمية الأولى، وحيث أصبحت بريطانيا سيدة العالم بلا منازع، إذ خرج المصريون فى عز جبروت بريطانيا مطالبين بالحرية والاستقلال، وليواجه هؤلاء بالبنادق والمدفعية، وتصبح دماء وتضحيات المصريين بمثابة العار على جبين التاج البريطانى، وتضطر بريطانيا فى نهاية الأمر إلى الاعتراف من جانبها باستقلال مصر عبر تصريح 28 فبراير 1922، الذى مهما تحدثنا عن عيوبه، إلا أنه ترتب عليه ظهور المملكة المصرية، وصدور دستور 1923، وإقامة الحياة الليبرالية أو شبه الليبرالية التى ما زلنا نفتخر بها حتى اليوم.

ولم يكن الزعيم غاندى، هو الزعيم الوحيد الذى أشاد بثورة 19، بل أشاد بها أيضًا الزعيم التركى الشهير مصطفى كمال أتاتورك، كثورة ألهمت الشعوب معانى الحرية والاستقلال، وتأثر بها الشعب التركى آنذاك، وهو فى خضم دفاعه عن التراب الوطنى.

كما أيقظت ثورة 1919 فى الشعوب العربية معانى الحرية والاستقلال، إذ يُجمِع جل المؤرخين العراقيين على أن ثورة 19 فى مصر كانت هى الثورة الأم لثورة 1920 فى العراق، كما تبرز الدراسات السودانية كيف أثرت ثورة 19 فى مصر تأثيرًا واضحًا فى الثورة السودانية فى عام 1924 بزعامة على عبداللطيف. كما تركت ثورة 19 تأثيرًا واضحًا فى بلاد الشام، ويعترف زعماء ثورة 1925 فى بلاد الشام بأن ثورة 1919 هى الثورة المُلهِمة لهم.

لم يكن انبهار العالم بما حدث فى مصر فى (25 يناير- 30 يونيو) بالأمر الجديد، فلقد اعتاد المصريون على ذلك، إذ كانت ثورة 1919 بحق هى الثورة المُلهِمة للعالم، ليعرف الجميع أن الشعب هو المعلم والقائد.