رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تسعة ملايين صاحب معاش يواجهون مشانق العدالة الاجتماعية


الآن وبعد أن سكتت مدافع الملايين وانخفضت حناجر الثوار وهيمنت الجماعة على مؤسسات الدولة، نقف أمام مشانق العدالة الاجتماعية، وليست كما كنا نحلم بها.. كان حلمنا أن نخرج من كابوس الفقر والمرض، ولكن ضاع حلمنا فى حياة كريمة

وعدالة اجتماعية حقيقية تنشلنا من خط الفقر والموت إلى واقع نعيش فيه ولكن استمر الكابوس يلازمنا.. والآن نعود نحن الملايين الفقيرة بعد أن قمنا ببناء أعمدة الدولة على أكتافنا، نقف كى ندافع عن أنفسنا بكل ما نملك حتى بالكراسى المتحركة!!.. نحن لا نطلب التسول أو الحسنات أو الصداقات، بل لنا حقوق قد دفعنا ثمنها من عرقنا ودمائنا، وبعضنا قد دفع حياته، وتحول كل هذا إلى تحويشة عمرنا التى ترقد الآن داخل دهاليز الخزانة العامة .. وإليكم بيانها بالفوائد، وبدون..

هناك 220 مليار جنيه بفائدة 8٪ والحقيقة أن هذه القيمة استمرت عدة سنوات بصكوك غير قابلة للتداول، مع أن الشركات والبنوك حتى الأشخاص يحصلون على الفوائد 17٪ بأذون خزانة بضمان الخزانة العامة .. ولكننا نحن أصحاب المعاشات قد منحونا الفائدة المنخفضة للغاية بقوة وسلطان النظام السابق، وقد تزعم ذلك الوزير الهارب بطرس غالى وبحسابات المالية يرتفع هذا المبلغ إلى 450 مليار جنيه!!

وأيضا هناك أكثر من 140 مليار جنيه دون فوائد على الإطلاق وهذه القيمة منذ عدة سنوات بضمان الخزانة العامة وتصل قيمتها الآن إلى أكثر من 350 مليار جنيه.

إذا تمت حساباتها بفائدة 17٪ كما هو سائد بالخزانة العامة وهذه الثروة الهائلة تم منحها قروضا إلى رجال أعمال مبارك دون فوائد، وكذلك بعض الشركات الأجنبية ويستمتع بها الآن بعض مواطنى أوروبا!!

ولدى بنك الاستثمار القومى حوالى 84 مليار جنيه الكثير من عائدها يستمتع به قيادات البنك من خلال عضويتهم بمجالس إدارات الشركات والهيئات المستثمرة فيها أموالنا.. إننا نقترب من التريليون تحويشة عمرنا ولكن وزير المالية السابق وكل الوزراء السابقين اعترفوا بـ 485 مليار جنيه.. ولكن دون فوائد!!

والآن عرفنا من أين أتى لنا بالفقر والموت..

وإننا أيضا نعلم الآن من هم المسئولون الذين تسببوا فى هذه الحالة الكارثية وغير الإنسانية التى نتعرض لها الآن ونحن ذوى التسعة ملايين ونبلغ 40٪ من تعداد الشعب المصرى بأسره.. إذاً لدينا ثروة مالية هائلة تفوق القدرات المالية للكثير من دول العالم، فكيف نعيش فى هذه الحياة؟

والحقيقة أن المجرمين الذين تسببوا فى هذه الحالة مازالوا طلقاء وسعداء بما نهلوا من أموالنا تحت مسميات مختلفة .. والغريب أنه بعد الثورة كنا نعتقد أن أموالنا ستعود إلينا بفوائدها.

ولكن كانت دهشتنا طويلة وعميقة عندما رأينا رجال بطرس غالى هم الثوار الجدد فقد سيطروا على وزارتى المالية والتأمينات.. فقد استمر «معيط» الذى كان مستشارا لغالى لشئون التأمينات بل ونائبا له بعد ذلك، ثم استمر نائبا لكل وزراء المالية بعد غالى وحتى الآن نائبا عن أموال التأمينات.. فكيف يمكن له أن يصبح محافظا على أموالنا وهو الذى أشرف على إبادتها وتحويلها إلى حزمة أوراق بضمان الخزانة العامة؟.. حتى قيادات وزارة التأمينات هم أنفسهم من رجال بطرس غالى وهو الذى عينهم فكيف يمكن أن يعملوا لصالح المعاشات وهم الذين نكلوا بنا فى كل مراحل حياتنا ونحن تحت مظلة التأمينات؟

ولكن بطرس غالى لم يترك أنصاره بدخلهم المحدود بل قدم لهم صندوقاً اجتماعياً يحصلون منه على مكافآت خيالية قدرها الجهاز المركزى للمحاسبات بمئات الألوف لكل منهم بمن فيهم «معيط» نفسه وقيادات التأمينات!! ولكن الخطير أن الهيئة القومية للتأمينات قامت بمنح معاشات استثنائية ومكافآت اجتماعية مرتفعة القيمة إلى بعض القيادات الفاسدة الذين باعوا وخانوا أصحاب المعاشات.. بل طرحوا تاريخهم كله للبيع مقابل ثمن رخيص ولكن على حساب الملايين الفقيرة من أصحاب المعاشات، أخرسوهم حتى لا يتحدثوا أو يفتحوا ملف أموال التأمينات التى ذهبت مع الريح وبقى الثوار تحت الأضواء بدلا من الزنازين وخلف الأسوار!!

ولكن عيون التسعة ملايين لا تنظر إليهم الآن بعد أن رأوا كيف باع الخونة قضيتهم وهى من أشرف القضايا الإنسانية فى هذا العصر.

والآن ننادى كل ربوع الوطن أننا لن نسلم رقابنا لمشانق هذا العدل الأسود الذى أتى لنا كى نعيش بمعاشات لا تكفى بمن هم تحت خط الموت.. وليس الفقر طبعا!..إننا سنقاوم وبكل ما نملك كى نستعيد أموالنا.. أو على الأقل فوائد هذه الأموال، ونحن نعلم أن زيادة المعاشات لن تأتى إلا من خلال فوائد أموالنا.. ونعلم أيضا لأن الزيادة الحقيقية يجب أن تشمل كل أنواع المعاشات بزيادة 50٪ على الشامل وهذا أقل ما يمكن القبول به.

ولابد أن تعود حقوقنا المتأخرة وبأثر رجعى وأهمها علاوات 2005 و2006 و2007 والأثر الرجعى لعلاوة 2008 وهى حقوق لابد من إعادتها.. وإلغاء القانون 130 لسنة 2009 وإعادة الأثر الرجعى لمن طبق عليهم.. كما أننا نرفض تعديلات القانون 79 لسنة 1975 وهى تعديلات قام بصياغتها أنصار غالى الذين يعششون الآن فى وزارتى المالية والتأمينات.. وإننا نطالب بطرح هذه التعديلات على أصحاب المعاشات أنفسهم وليس على العملاء الذين باعوا أنفسهم وخانوا أصحاب المعاشات.

إننا نعرف الطريق إلى العدل الاجتماعى وهو الذى طالب به الثوار وليس هذا العدل الذى يقيم لنا المشانق كى يبيدنا ويتخلص منا.. إنهم يفعلون بنا الآن كما كان يفعل بنا نظام غالى والذى اعتبرنا عبئاً على الخزانة العامة يجب التخلص منه.. والجميع يعلم أن الخزانة العامة كانت عبئاً علينا فقد استولت على تحويشة عمرنا!! حتى ما تقوم بصرفه الآن لا يأتى لنا بسهولة ولكنه يضيع بسهولة !!. بالرغم من هذا نعانى ما لم يعانه البشر من صرف هذه المستحقات الضعيفة.. فإننا ما زلنا نقف فى طوابير طويلة.. بل وبعضنا ينام منذ الفجر كى يحصل على ما يصرفه من معاش أمام البنوك خاصة بنك ناصر ومكاتب البريد، بل يستمر موقفنا هذا لعدة أيام والكثير منا لا يملك قيمة ركوب وسائل النقل للعودة وهل هذه المشقة التى يعانى منها أصحاب الأمراض الذين يتألمون بسبب طول اليوم وسط طوابير الموت بلا شفقة أو رحمة فهل هذا يمكن أن يتم لهؤلاء الناس؟!

إننا نطالب بتطهير وزارة التأمينات من قيادات غالى الذين تسببوا فيما نحن فيه الآن.. ونطالب أيضا بمحاسبة ومحاكمة المجرمين الذين جعلوا العدل الاجتماعى أمام أعيننا مشانق.. وليس حياة كريمة