رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن جامعة الأزهر والإرهاب.. أجيبوا يرحمكم الله


ربما كان بيان ما يُسمى «لواء الثورة» الأخير، والذى يُعتبر إحدى اللجان النوعية لتنظيم «الإخوان» الإرهابى، الأكثر دلالة على أحد مكامن الخطر فى بلادنا، والتى لا ينبغى تجاهلها أو المرور عليها مرَّ الكرام، ليس لعلاقة هذا الجناح بالإرهاب والعمليات الإجرامية، ولكن للتعرف على بذور الخطر المدسوسة، وضرورة اتخاذ إجراءات صريحة وواضحة فى التعامل معها.


فالبيان ـ الذى حمل عنوان «بلاغ رقم 04 ـ 2017» وصدر فى 11 مارس الجارى حمل إشارة مهمة فى نعيه لأربعة من عناصره الإرهابيين الذين قتلوا فى عملية أمنية، واعتبرهم «شهداء أبطالا لقوا نحبهم مقبلين مرابطين» وكشف عن أسمائهم ومؤهلاتهم، وكانت المفاجأة أنهم جميعًا من خريجى جامعة الأزهر، اثنان منهم «رجب أحمد على وعبدالله هلال» حاصلان على بكالوريوس الهندسة، والثالث «أحمد محفوظ» بكالوريوس العلوم، أما الرابع «حسن جلال» فخريج الشريعة والقانون.. هذه واحدة.

الثانية، ومن منطلق خبرتى الأمنية، التى استمرت 30 عاماً، وتحديدًا فى ملف الإرهاب والتطرف وتيارات الإسلام السياسى، فإن «لواء الثورة» المزعوم، المتورط فى جريمة كمين العجيزى بمدينة السادات فى شهر أغسطس الماضى، وهو مخطط ومرتكب جريمة اغتيال الشهيد العميد عادل رجائى بمدينة العبور قبل أشهر، هو أحد خيوط الربط التى تجمع ما بين تنظيم الإخوان الإرهابى وتيارات السلفية الجهادية المعروفة.. لذا يُعدُّ مع تنظيم داعش وبيت المقدس من أدوات الجماعة الإرهابية فى تنفيذ مخططات العنف والاغتيال والقتل.

وبالتالى يكون السؤال الذى لا يجب أن نغمض أعيننا عن إجابته: ما جدية ارتباط خريجى جامعة الأزهر بهذه التنظيمات؟. ولماذا غالبية المتورطين فى الأعمال الإرهابية ينتمون بشكل أو بآخر لجامعة الأزهر؟. ولا ننسى أن من قام بعملية اغتيال النائب العام الراحل هشام بركات وأعلنت أسماؤهم وصورهم كانوا أيضًا ممن انتموا أو درسوا بالجامعة الأزهرية.. بل إن جامعة الأزهر ذاتها كان طلبتها الأكثر عنفًا وإجرامًا عقب الإطاحة بنظام حكم الإخوان فى ثورة 30 يونيو، وقاموا بالعديد من جرائم الحرق وقطع الطرق والاعتداء، حتى على مبنى الجامعة أو المدينة الجامعية!.

هذا السؤال سبق أن طرحته أكثر من مرة، وحذرت منه ومن تداعيات تغلغل عناصر الإرهاب والتطرف وسط خريجى الأزهر بالذات، ومع ذلك ضاع فى الزحام ولم يُجِبْ عنه أحد، بل لم تتحرك الجامعة نفسها أو عبر مسؤوليها للتوضيح أو الفهم، وبالمناسبة فأنا هنا أتحدث عن جامعة الأزهر، وليس عن الأزهر كمشيخة أو مؤسسة، لها كل التقدير والاحترام رغم المآخذ العديدة، التى ليس هذا مجالها.!

الإجابة فى رأيى، وأقولها بشجاعة، تتلخص فى أننا فى أشد الحاجة لإعادة تقييم دور جامعة الأزهر، كمنارة دعوية شرعية حقيقية، تتولى نشر أفكار المؤسسة الرئيسية فى التسامح والتعايش والاعتدال فى العالم، وتلك كانت مهمتها القديمة قبل أن تنخرط فى منافسة الجامعات الأخرى العلمية، وهذا بالتالى يدعونا للتساؤل: هل نحن بحاجة إلى طبيب أو مهندس أزهرى.؟ وما الإضافة الجديدة لهذا التخصص الدنيوى الذى يزيد من الأعباء على المؤسسة الأزهرية أولاً، ويشغلها عن مهمتها التنويرية والدعوية التى تحتاج لتجديد حقيقى فى الخطاب الدينى، سواء فى الفكر أو الفهم أو القدوة.. خاصة أن منارة الأزهر تستوعب الآلاف من جميع الجنسيات حول العالم، للدراسة والبحث، ولا يصح أبدًا أن يكون من بين أقرانهم المصريين من يحمل لواء العنف والقتل والتكفير والتفجير.!

وربما هذا الأخير يدعونى للاستفسار عن مغزى غياب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر عن المؤتمر العام الـ27 عن دور القادة وصانعى القرار فى نشر ثقافة السلام ومواجهة الإرهاب، الذى عقد مؤخرًا بمشاركة 30 دولة، برئاسة معالى وزير الأوقاف، واحتضنته بلد الأزهر مصر.. وبالتالى نكون أمام معادلة صعبة لا يمكن فهمها.

باختصار.. ونحن نتحدث عن الهيكلة وضرورة أن يكون التصحيح من الداخل، وبالمقام الأول للأزهر ذاته، ألم يحن الوقت أمام السادة العلماء والمشايخ والدعاة والأساتذة للتفكير جديًا فى معرفة لماذا ينخرط بعض خريجيهم فى العنف والتكفير بدلًا من نشر رسالة السلام والمحبة.؟.. أجيبوا.. يرحمكم الله!.