رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يهاجر المصريون؟


قامت ثورة يناير «التى لم تكتمل بعد» وجلبت لنا ما أرهقنا وأسعدنا وأشقانا. إنها الفرحة التى لم تكتمل ومن أسوأ ما أتت به هو النسبة الحالية للهجرة ـ نعم هجرة المصريين إلى الخارج ـ دون أن نجد مواجهة عقلانية أو علاجاً لهذا النزيف الخطير الذى يشل حركة الجسد المصرى القومى لوطن يحتاج إلى جهد وخبرة أبنائه.

ولعل الشباب لديه من المبررات التى تجعله يقدم بشجاعة وقناعة على هذه الخطوة الأخيرة.

أولاً: إحساس هذا الشباب بترهل قيمة المواطنة وإحساس الإنسان بكرامته فى وطنه وانعدام هذا الإحساس لدى المرء يفقده القدرة على العطاء ويدمر سعادته.

ثانياً: عدم توافر فرص العمل التى تناسب كل خريج وما حدث من انهيار كامل لقطاعات متعددة أولها السياحة واتساع رقعة العشوائيات وسياسات التمييز التى يعانى منها قطاع كبير فى المجتمع.

ثالثاً: روح القلق والتهديدات الدائمة التى توجه للأقباط من بعض القنوات الدينية.

والعديد من دعاة الإسلام غلاة التشرد والتعصب الدينى وفتواهم ضد الأقباط أصحاب البلد الأصليين!

نعم لأنه بذلك نشهد أن خاصية مصر فى نسيجها يخالف نظم كل العرقيات والأوطان فى العالم كله. هذا ما دفع الآلاف من شباب الأقباط للهجرة، وهناك أيضاً الآلاف من أخواتهم المصريين المسلمين. إذ أصبحت الهجرة شعاراً للجميع! لماذا يحدث ذلك؟ وكيف تتعاون الدولة فى أن تتخلص من شبابها وأولادها؟

ألا يعلم المسئولون ما يحدث فى مصر أم أن لسان حالهم يقول «أحسن.. خلى البلد تخف».

رابعاً: يساعد على الهجرة أيضاً عدم إحساس الإنسان بالأمان فى وطنه، فكيف يشعر الإنسان أنه غريب فى وطنه. أنا لست من أنصار الهجرة فأنا أحب مصر ترابها وحلوها ومرها، وأذكر صديقاً كان يقول لى: «أنا لفيت كل بلاد الدنيا بس بحب مصر بعبلها» ويقول الشاعر: «لعمرك ما أرقت لخير مصر.. ومالى دونها أمل يرام».

لذلك فأنا أطالب الشباب بألا يهاجر ولا يترك بلاده «بلدى وإن جارت على عزيزة.. وأهلى وإن ضنوا على كرام» أيها الشباب المصرى الجميل.. لا تهاجر فغداً سوف تشرق الشمس، فمصر التى تحيط بها الغيوم اليوم حتماً إن الله يضع يده على قتامة هذه الغيوم، لأنه سوف يحيلها إلى زوال لتشرق الشمس من جديد.. فلا تتعجلوا الرحيل.. فعندما يميل المساء علينا بظلمته.. نؤمن بأن هناك فجراً جديداً سوف يسطع بنوره على كل الأحرار ومنهم أنتم يا زهرة المدائن الجميلة.

وبالتأكيد أن الإيمان يملأ قلوبكم بذلك الأمل القادم، جاهدوا وارفعوا رؤوسكم لتشرئب هاماتكم، شاركوا فى تحرير مصر وأكملوا ثورتكم، فالهروب ليس من سماتكم.

وأقول ذلك لكل المصريين المسلم والمسيحى جددوا عهدكم مع الحرية والأمل، وأنت أيها القبطى لا تخشى لن يستطيع أحد أن يقصيك عن بلدك بتهديد أو تهميش.. أقول لكل شباب مصر.. أكملوا ثورتكم فهى أمانة فى أعناقكم اليوم أو غداً!

آخر العمود: يقول الشاعر بشارة خورى «الأخطل الصغير»:

حتام أحيا غريب مالى وطن.. يا يوم وصل الحبيب أنت الزمن.

■ عضو اتحاد كتاب مصر