رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أكاديمية الدستور.. نهار العيد أوله وقفة


كنت كلما ضاقت بى الدنيا.. وأحسست بالشوشرة تحاصر ذهنى.. ذهبت إليه.. أو قرأت «شخصية مصر» لجمال حمدان.. أو استعنت بسيد مكاوى وفؤاد حداد فى الملحمة الخرافية «من نور الخيال وصنع الأجيال».. وكثيرًا ما كنت أفعل الثانية والثالثة وأجدنى مضطرًا للذهاب إليه أيضًا.

وحده سيد حجاب كان يستطيع بعقله المهندس أن ينهى الأمر فى ساعات قليلة.. وتنتهى الليلة الصاخبة بجملة وحيدة «من عتمة الليل.. النهار راجع».

الآن.. أستلهم تعاليمه.. وأغنيات عم فؤاد.. وخرائط جمال حمدان.. فى مواجهة ذلك العبث الذى تمارسه ضدنا إمبراطوريات استعمارية غيرت شكلها «ولبست مودرن».. تلك النزعة الاستعمارية التى توارثتها جينات بعض أهل الغرب لا علاقة لها بملة أو دين.. لها علاقة «بالسيطرة».. بالتجارة.. يحاصروننا بالأسلحة مرة.. وبالفنون والعلوم والاقتصاد مرات.. وهذه هى الأشد فتكًا.. لأننا فرطنا فى أسلحتنا الأقوى.. أصحاب الحضارات لا يموتون يا سادة.. وهذا ما يجب أن نعض عليه بالنواجذ.. تمرض الأمم الكبرى.. لكنها لا تموت.

بهذا المنطق.. نحاول أن نبنى طوبة فى هذه المؤسسة الوليدة.. مؤسسة الدستور.. بهذا الفهم - وأرجو ألا نكون مغالين - نعمل هنا فى هذه التجربة التى خرجت إليكم منذ أقل من شهرين.. ليست صحيفة.. ولا موقعًا إخباريًا.. هى طوبة فى بناء يعمل بجوارنا فيه آخرون.. لاستكمال واستعادة ولو «شعاع ضوء».. قد يصير «نفقًا تعبر منه الشمس» لحظة أن تحتاج بلادنا إليه.

بهذا الحماس.. أستكمل وفريق الدستور مع العزيز محمد الباز - تجهيز اللبشة - لبناء قد ترونه بعد سنوات قليلة - مساحة نور - ومن قلب الصعيد الذى قال عنه جمال حمدان إنه الأرض التى «تصعد» كلها اتجهت جنوبًا.. نعلن إطلاق «أكاديمية الدستور للتدريب الإعلامى».. هى ليست ورشة لتدريب الطلاب.. وإن كان هذا الدور وحده يكفينا شرفًا أن نحاول إنجازه.. بالتعاون مع ١٦ جامعة مصرية.. النسبة الكبرى منها فى الريف والصعيد.. الفكرة «والمشروع بالأصل» هى العمل مع جيل جديد.. نراهن عليه.. ليس فقط فى مجال الإعلام.. ولا الثقافة.. هذا الجيل هو المفتاح لأى بناء قادم.. والصعيد الذى يعانى من تهميش سنوات طويلة مضت.. يحتاج إلى جسر ثقافى وإعلامى.. قبل أن نرصف الطرق التى توصل بضائعه للعالم.. ذلك الجسر لن تستطيع الدولة وحدها أن تقيمه.. الإعلام - ونحن نقطة صغيرة فى سماته - والثقافة والفنون.. هى ذلك الجسر.. وما فعله بليغ حمدى والأبنودى.. حجاب وحداد وجاهين وعلى إسماعيل.. وتلامذة ثروت عكاشة فى الستينيات.. هو ما نسعى لأن نتمثله من تجربة أكاديمية الدستور التى تنطلق فعاليات أولى دوراتها الإعلامية والثقافية صباح الخميس القادم من قاعات أقدم قسم للإعلام فى أقاليم مصر.

وفى السياق ذاته.. يمكن الإعلان أن معظم فنانى ومثقفى مصر رحبوا بمبادرة «الدستور» وأعلنوا مشاركتهم مجانًا فى كل الفعاليات القادمة فى أى مكان وفى أى وقت.. وفى المقدمة النجم الكبير على الحجار الذى يشاركنا فى فعاليات سوهاج السبت القادم.

مصر كبيرة على الاختراق.. وعصية على الكسر.. ليست صدفة.. الجغرافيا والتاريخ يؤكدان ذلك.. والجيل الجديد الذى نسعى للتواصل معه.. قادر على أن يبقيها كذلك.. للأبد.