رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متخلفون عقليًا أم متآمرون؟!


ثلاثة معايير تحدد ما إذا كان الشخص «متخلفًا عقليًا» أم لا: مستوى وظائف المخ وتقاس بمعامل الذكاء أو الـ«I Q»، وقصور فى اثنتين أو أكثر من مهارات الشخص اليومية، والتصرف بسلوكيات طفل، توقف نموه العقلى عند أقل من 18 سنة.
المعايير الثلاثة، تنطبق على بعض مقدمى برامج «العك الليلى» التليفزيونية، وعلى كثيرين ممن تقرأ لهم فى الصحف والمواقع الإلكترونية. وافتراض «حسن النية»، هو ما يدفعنا إلى استنتاج ذلك، وإلا سنكون مضطرين لتوجيه اتهامات لا نحب أن نوجهها ولا نعتقد أن توجيهها يصح!.
ما عادت تصلح تفسيرات كونهم ساقطين مهنيًا أو أنهم مجرد «بغبغانات». كما لم يعد ممكنًا إرجاع الأمر إلى طيبتهم «سذاجتهم» الزائدة عن الحد. ولم يعد أمامنا غير افتراض «التخلف العقلى» بنزول ما نراه ونقرأه إلى ما تحت مستوى «الهبل» بكثير.
رأيناهم، كثيرًا، يقعون بسهولة فريسة لأى نصاب، وكثيرا ما نقلوا أخبارًا عن صفحات وهمية، على شبكات التواصل الاجتماعى، أو عن مواقع إلكترونية تحت مستوى الشبهات أو عن أخرى «ساخرة» تؤكد، هى نفسها، أنها متخصصة فى نشر الأخبار المفبركة أو الهزلية! ورددوا «ومازالوا» «هلاوس» و«خزعبلات» نقًلا عن وسائل إعلام إسرائيلية، دون تحقق أو تدقيق.
ومما يثير الدهشة، مثلًا، أن تجد كاتب رأى بـ«المصرى اليوم» يصر على ترديد «هلاوس» إسرائيلية، مدعيًا فى مقال عنوانه «جمهورية سيناء الشقيقة!» أنه لا يفهم «كيف يتردد كل هذا الكلام هنا وهناك عن وطن بديل فى سيناء لفلسطين، دون أن تصدر كلمة من مؤسسة الرئاسة المصرية بشأن الموضوع!».
والواضح أنه «لا يفهم» فعلًا، وإلا لكان استوعب أو فهم أن الرئيس «نفسه» سبق أن نفى تلك «الهلاوس»، صوتًا وصورة، فى «يوم المعلم، 8 سبتمبر 2014»، كما سبق نفيها مرتين، مصريًا وفلسطينيًا، فى 2014 و2016، وتكرر النفى ثالثًا قبل أيام، بل إن المتحدث باسم الخارجية قال نصًا، 16 فبراير، لبرنامج «مساء dmc» أى لزميلنا أسامة كمال: «سيناء أرض مصرية ولم تكن فى أى مرحلة محلًا لحديث أو تفاوض بين أى مسئول مصرى أو أجنبى حول أن تكون وطنًا للفلسطينيين، وهذا الكلام لا أساس له من الصحة ولا يمت للواقع بأى صلة»، وهو المعنى نفسه الذى تكرر فى بيان، صدر الخميس، عن المتحدث باسم الرئاسة، أعتقد أنه يكفى لإخراس الصهاينة «وبغبغاناتها أو ببغاواتها» إلى الأبد.
وما يثير الدهشة والسخرية، أيضًا، أن تجد الكاتب نفسه يواصل فى اليوم التالى، مضيفًا إلى «الهلاوس» السابقة «هلاوس» أخرى نشرتها «هآرتس» بشأن لقاء تم العام الماضى، بين الرئيس ورئيس الوزراء الإسرائيلى وملك الأردن ووزير الخارجية الأمريكى السابق. ثم يطالب الرئيس بأن يجيبه عن أسئلة، سبق أن أجاب عنها المتحدث باسم الرئاسة فى بيان رسمى صدر، ونشرته كل وسائل الإعلام تقريبًا، قبل تاريخ نشر مقال «المذكور» بأربعة أيام!
أما ما يجعلك تضرب كفًا بكف أو «رأسك فى الحيط»، فهو تطوّر حال البعض من ترديد «الهلاوس» الإسرائيلية، إلى اختلاقها، كأن يزعم الموقع الإلكترونى لجريدة «الشروق»، أن «وزير الدفاع الإسرائيلى يعلن قصف عناصر من داعش فى سيناء»، وهذا عنوان التقرير الذى تم حذفه من الموقع بعد تداوله واشتغال كتائب الإخوان الإلكترونية عليه، وكذا قنواتهم الممولة من المخابرات التركية والقطرية، وربما الإسرائيلية!
ثم كانت الخيبة الثقيلة لمقدم برنامج الـ«10 مساءً» على شاشة «دريم»، لصاحبها أحمد بهجت رجل الأعمال ذى الثأر، غير البائت، مع الدولة.
بالصوت والصورة، شاهدت الجماهير العريضة، وقائع أكثر عمليات النصب وقاحة واستفزازًا، ولولا افتراض «حُسن النية»، لقلنا إنك مشارك ابن عمر عبدالرحمن والنصاب المحترف الذى انتحل صفة مستشار رئاسة الجمهورية، وزعم أنه أوفد لتقديم واجب العزاء لأسرة مفتى الإرهاب، وادعى تقديم الرئاسة لكل التسهيلات حتى وصول الجثمان إلى القبر!
ولو كان مقدم البرنامج أو مراسلوه، يستعملون عيونهم، لعرفوا أن السيارة «كومودو لاند مارك» «هندية الصنع» وليست «تويوتا لاند كروزر»، كما زعم اللوجو الملصق على مؤخرة السيارة وعلى مقدمتها، المكتوب عليها أيضا بخط مائل «لاند كروزر»، كعادة سائقى التاكسى الذين يضعون لوجو «تويوتا» على السيارة BYD الصينية، ويصعب على أى «عاقل» تصديق أن «يتدحدر» حال «مؤسسة الرئاسة» إلى هذه الدرجة! ولو كان لديهم أى قدر من المعلومات، لعرفوا أن أسطول سيارات مؤسسة الرئاسة ليس به «كومودو» أو «تويوتا». ولو أجهد مقدم البرنامج نفسه قليلًا واتصل بأحد مصادره فى الداخلية، واستعلم عن رقم السيارة «ب. و. ص 546»، الذى يظهر واضحًا، لعرف أن رخصتها صادرة من مرور البساتين وأنها مملوكة لـ«محمود س م ع»، الذى قد يكون هو صاحب شركة «المصرية المتحدة لخدمات السيارات» التى يظهر اسمها وأرقام تليفوناتها بمنتهى الوضوح على يسار خلفية السيارة! ولو طلب من مراسله أن يلتقط صورة لمستشار الرئاسة المزعوم واستعلم عن صاحبها، لعرف أن اسمه «السيد عبدالخالق محمد الدسوقى الدويك»، ولاكتشف أنه معروف جيدًا لدى الداخلية، لكونه مسجلًا خطرًا، تتضمن صحيفة سوابقه 28 قضية متنوعة أبرزها النصب

ولو ولو ولو.. ما كنا شاهدنا ذلك الحوار «العبثي» الممتلئ بالأكاذيب والادعاءات، بينه وبين نجل مفتي الإرهاب، الذي لو استبعدنا أنه متفق عليه، ولو افترضنا «حسن النية» لصار من حقنا أن نتشكك في القوى العقلية لمقدم البرنامج!