رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تبيعوا ممتلكات الوطن


حتى قناة السويس لم تبع فى عصر الخديوية، بل كانت بحق انتفاع لمدة 99 عامًا منذ 1869 حتى 1968.

ولم يفكر أحد فى بيع أى مؤسسة وطنية رغم الاحتلال.. والآن خرجت علينا جماعة الإخوان المسلمين وحزبها لتطرح علينا صكوكًا تسميها إسلامية كى تبيع ممتلكات الوطن وهو ما صنعه الشعب المصرى عبر سنوات طويلة من تاريخه.. والآن أصبحت ممتلكاتنا بما فيها أعز ما نملكه، وما يمثل لنا العزة والكرامة مثل قناة السويس وغيرها أصبحت مطروحة للبيع فى ظل صكوك بضمان ممتلكات الوطن، فكيف تسمح جماعة لنفسها وصلت إلى مؤسسات الرئاسة بفضل قوى الشعب وليس بأصواتها أن تعطى لنفسها الحق فى بيع أعز ما نملكه؟!

إن قناة السويس لا تمثل القيمة المادية فقط، بل تمثل لنا القيمة التاريخية والاجتماعية حيث أصبحت القناة التاج الاجتماعى والاقتصادى للبلاد وشريان الحياة للعالم فكيف تطرح فى ظل صكوك علنية وتباع القناة سرًا؟ إننا لدينا المشروع القومى للشعب المصرى فى تحويل ضفاف القناة إلى حضارة تخرج الشعب المصرى كله مما يعيش فيه إلى ما يحلم به ونتطلع إليه.

لقد رفض النظام السابق تعمير ضفاف القناة من خلال بعض المشروعات بقوانين التى قدمتها فى البرلمان ومسجلة باسمى فى أمانة مجلس الشعب من أجل تطوير القناة اجتماعيًا واقتصاديًا حتى يتجه إليها ملايين المصريين للعمل بها، ولكن النظام السابق كان يفضل أن يحصل على إيرادات القناة بطريقة «الكمسرى» أى بالحصول على الإيرادات من خلال الرسوم للسفن العابرة.. وتم البطش بى وبالمشروعات المقدمة.. والآن استولوا على أفكار التطوير حتى تزيد القناة من قيمتها والعالم كله يتطلع إلى متر واحد على ضفاف القناة حيث تمر بها فى العام حولى 18 ألف سفينة وهى تحمل الكثير من تجارة العالم ولكن من كانوا يحكمون كانوا مصابين بالجمود الفكرى والتخلف العقلى، وكل ما كانوا يفكرون فيه هو الحصول على نسبة من إيرادات هذه القناة لخزائنهم وحساباتهم فى بنوك سويسرا وغيرها.

وكان الحساب الختامى فى كل عام بالبرلمانات السابقة يشهد على ذلك.. والآن أصبحت أغلى أرض وأهم ميناء فى العالم كله هى التى تقع فى هذه المنطقة، حيث تطل عليها قاراتان من أكبر قارات العالم.. وعلى الضفة الأخرى من المتوسط تقع أوروبا، أى أن ما ذكره المؤرخ المصرى، «جمال حمدان» عن عبقرية المكان كان يقصد هذا المكان! إننا نريد وكما طالبنا من قبل أن تتحول القناة إلى المشروع القومى والوطنى لبعث حضارة جديدة على ضفاف القناة حتى لا تضيع قناتنا وسيلة وطوق نجاة الإنقاذ لجماعة الإخوان المسلمين من الكارثة الاقتصادية.

إن طرح الصكوك الإسلامية» لا علاقة لها بأن تحمل اسم ديننا الإسلامى، بل هى صكوك سيشتريها العالم كله بكل أديانه السماوية.. وحتى من لا يعبدون الله ويعبدون غيره سوف يشترون هذه الصكوك.. إذن ما علاقة الإسلام بصكوك سوف تباع فى بورصات العالم والبنوك والشركات ويملكها من يدفع ثمنها؟

إن علينا أن نعلم أن ممتلكات الوطن لا يمكن أن تتحول هكذا لمقامرة والمغامرة والتفريط فى أغلى ما نملك وهل تم استفتاء الشعب على البيع الخفى والسرى لقناة السويس والمعلن باسم «الصكوك الإسلامية»! ولعل إضافة كلمة إسلام لكلمة صكوك هى لإرهاب المعارضين لذلك.

إذن كيف يمكن أن تطرح الصكوك دون ضمانات ومن الذى سيضمن قيمة الصكوك؟ وهل الخزانة العامة صاحبة أعلى رقم قياسى فى الدين العام، حيث تخطى التريليون وأكثر من 0.2 جنيه.. هل الخزانة العامة صاحبة هذا تملك ضمان الصكوك؟ ولكن الحقيقة أن هذه الصكوك تطرح بضمان واحد هو أهم الممتلكات السيادية ويمكن الحجز عليها والاستيلاء عليها بأحكام المحاكم الدولية إذن ما الضمان غير ذلك؟

إن الشعب المصرى العظيم وفى طليعته شبابه لن يقبل أن تصبح قناته مملوكة لبعض حاملى الصكوك لنعود مرة أخرى لعصر الشركة العالمية لقناة السويس وهى الشركة الأجنبية التى كانت مالكة لحق الانتفاع للقناة.. وما قيمة الدماء الطاهرة التى سالت دفاعًا عن هذه القناة؟ هل كانت دماؤنا أرخص من صكوك الجماعة الآن؟ والحقيقة أن هذه القناة تحمل اسم مؤممها وهذا ما يعكر صفو الجماعة ويشعرها بالقلق النفسى كلما تذكرت أن جمال عبد الناصر اسم لن تمحوه كل صكوك الجماعة!!

وسيبقى السد العالى شاهدًا على شموخ من فكر فيه وبناه ولن تستطيع الجماعة هدمه حتى لو قامت بتغطيته حتى لا يظهر ما يُذكِّر الشعب المصرى خاصة شبابه بمن بنى السد العالى ولم تستطع بيعه فهو أصبح أكبر الأهرامات، حيث يوهب الحياة ويسيطر على نهر مصر العظيم!!

وبقى لدينا ما هو باق من المؤسسات الاقتصادية التى لم تبع فى عهد مبارك فقد قام نظامه ببيع مئات الشركات المملوكة للشعب ولم نسمع عن ثمن البيع أين ذهب؟

وما تبقى تحاول جماعة الإخوان الآن بيعه للتخلص من شبح الرجل الذى أنشأ القطاع العام..! إن المؤسسات الاقتصادية الموجودة الآن بالشركات القابضة والتابعة هى آخر ما يمكله الشعب من موسسات فكيف يمكن بيعها بصكوك لتصبح ممتلكات الشعب المتبقية الآن فى أيدى غيرنا؟ لقد قام نظام مبارك فى أيامه الأخيرة بمحاولة فاشلة ولكنها كانت أرحم وأعدل مما تقترفه جماعة الإخوان الآن.. فقد فكر النظام فى طرح ملكية كل مواطن مصرى بحقه فيما تبقى من هذه الشركات أى أنه كان يدير نقل هذه الملكية إلى كل المواطنين، ولكن الفكرة رفضت تمامًا وقاومها الشعب المصرى كله حتى لا تقوم جهات أجنبية بشراء هذه الأسهم من الشعب ويعيد ملكيتها إليه مستغلاً حاجة الفقراء لذلك.

ولكن صكوك الإخوان تريد أن تبتلع كل ما بدأناه عبر سنوات طويلة من أجل أن تتخطى وتعالج فى أشهر قليلة من فشلها فى إدارة شئون البلاد، وحدها دون غيرها بعد أن استولت على السلطة من رفاق الثورة!

ولكن الأخطر أن تقع المؤسسات الخاصة بمياه الشرب والصرف الصحى تحت رحمة من يملكون هذه الصكوك فكيف يمكن أن نأمن على حياتنا بصكوك يملكها غيرنا؟ ولعل الموانئ المصرية هى المحطة التالية للبيع بصكوك الإخوان رغم أنها المنافذ البحرية التى تؤمن أمننا القومى رغم ما يحدث فيها الآن فكيف نبيع ممتلكات وطن دون إذن من صاحب هذا الوطن وهو الشعب!! وتبقى لنا الطرق والكبارى والمنشآت والترع وكل ما يمكن أن يباع فهو أيضًا مرهون بمن يملكه، أى أن حملة الصكوك سوف تضمنها جميع مؤسسات الوطن.

ومن لا يعجبه هذا فعليه أن يلجأ للمحاكم الدولية.. وتبقى ثرواتنا وشركات بترولنا وغازنا تحت رحمة أصحاب الصكوك!!

فهل يمكن أن يفرط الوطن فى كل ما نملكه؟.. من هذا الذى يعطى لنفسه هذا الحق؟ إن هناك رجال أعمال الجماعة ينتظرون أن يتوجوا أنفسهم أمراء على ثروات البلاد بصكوك لا نعلم من اخترعها لهم؟ لقد احتوت زنازين ليمان طرة «أحمد عز» ويبدو أننا فى الطريق للألف «عز»!!

إننا نهيب بطليعة الشعب المصرى وهم الشباب والمثقفون وكل من فى صدره نفس أن يقف ليصنع من جسده حائطًا لمنع بيع وطن بممتلكاته وهذه القضية الآن أرواحنا لا قيمة لها فى سبيل الدفاع عن الوطن وفى معركته الأخيرة إنها معركة النهاية أن ننتصر أو نموت وتبقى الجماعة