رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فضيحة المصور


ما يميز الصحفى عن أى مواطن عادى، هو أن مهنة الأول تفرض عليه واجبات، وتلزمه بمعايير ليس على الثانى حرج لو ضرب بها عُرض الحائط. ولا يستطيع المواطن أن يكون صحفيًا إلا لو امتلك القدرة على تتبع الخبر أو المعلومة، وتمكن من فصل المعلومات والوقائع عن الخيالات و«الفبركات» والهلاوس!
ورأسمال الصحفى، هو أمانته فى نقل ما حدث وما قيل، وإذا كان الحياد مستحيلًا، فالموضوعية ممكنة، وهى ترادف القيمة الخبرية، وتتحقق بالدقة والإنصاف والتوازن، وبها تتميز الصحف والمواقع الالكترونية، عن مدونات المواطنين العاديين وحساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعى. والدقة بالمفهوم الإجرائى، هى تفادى الأخطاء المعلوماتية والمفاهيمية واللغوية و.... و..... إلخ.
ولكى يكون الصحفى، صحفيًا، فهو لا يحتاج فقط إلى التثبت أو التحقق من صحة المعلومات والآراء والمواقف، وإنما يحتاج أيضًا، إلى إدراك ومعرفة السياق، وإلى أن يمتلك من الخلفيات والتراكمات ما يجعل نسبة ارتكابه الأخطاء أو وقوعه فيها، تقترب من الصفر. وبتلك النسبة يكون التمييز، بين صحفى وآخر، وهى تتناسب عكسيًا مع ثقله المهنى: كلما زادت نسبة الأخطاء، قل الثقل والعكس. وبتجاوز تلك النسبة لحد معين، تكون النصيحة الواجبة هى: ابحث عن مهنة أخرى، أو «شوف لك شغلانة تانية»، وهى النصيحة التى يحتاجها، الآن، الأستاذ غالى محمد، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، رئيس تحرير المصور وإن لم يستجب، فالواجب يقتضى إجباره أو إكراهه عليها، ولو لم يكن المجلس «الأعمى» للصحافة، أعمى، لأسدى له النصيحة، قبل أن يجبره أو يكرهه على العودة إلى صفوف المتفرجين، أى الجماهير أو القراء!
لا أقول ذلك، لأنه هاجم فلانًا، فحق النقد والانتقاد وحتى الهجوم أو «الردح»، مكفول، وأنا شخصيًا أستمتع بقراءة «الردح» ولا تضايقنى «قلة الأدب»! أما ما يستوجب الاستقالة واعتزال المهنة «الشغلانة»، فهو أن المذكور «اتقرطس»، وسبق أن أوضحنا فى مقال «القرطسة مستمرة» أن الكلمة تصف من راح ضحية عملية نصب، ولو أردت أن تردّها إلى «لبس القرطاس» أى «الطرطور»، فلن نختلف!
رئيس تحرير المصور «اتقرطس» فعلًا، وكان بإمكانه أن يتفادى سهم الرامى أو النصاب، أو ألا يلبس «القرطاس»، لو قام بـ«ألف باء» ما تتطلبه «شغلانته» أو مهنته: بحث سريع على أى محرك بحث، وليكن «جوجل» ولو «ما بيعرفش» يرسل ساعى مكتبه (أو أحد مكاتبه الخمسة) إلى مكتب جريدة الشرق الأوسط بالقاهرة، أو يتصل تليفونيًا بزميلنا محمد مصطفى أبو شامة، مدير المكتب، وسيجده يرد من «تانى رنّة»!
لو فعل ذلك، لعرف أن جريدة «الشرق الأوسط» لم تنقل تلك التصريحات عن «رئيس المخابرات السعودية»، كما زعمت مواقع إلكترونية، تحت مستوى الشبهات!
هل يعقل أن تكون العناوين الرئيسة لغلاف المجلة، مبنية على تصريحات «مفبركة»؟!
هل تصدق أن تكون افتتاحية المجلة العريقة (أو التى كانت كذلك)، والتى كان عنوانها «الوقاحة»، عبارة عن «وصلات ردح» متتالية، تأسست على تصريحات لا أساس ولا أصل لها؟!
وذلك كله، فى «كوم» والمقال الطويل العريض الذى كتبه «الدكتور» حسن أبوطالب، فى «كوم» آخر!
ولك أن تضرب كفًا بكف، حين تقرأ فى «وصلات ردح» رئيس تحرير المصور: «لم نتحرك إلى كتابة هذه السطور إلا بعد أن تأكدنا من أنها نُشرت بالفعل فى الصحف السعودية والمواقع الإلكترونية العربية!».
ولك أن تضرب «رأسك فى الحيط»، حين تجده يتعجب: «لا نعلم لماذا صمتت الخارجية المصرية، بل جميع أجهزة الدولة المصرية عن هذه التصريحات!».
وفى بيان اعتذاره، الذى لا أرى له ضرورة (أو أى لازمة) ما لم ترافقه استقالة كاتبه، يحق لك أن تضرب كفا بكف و«رأسك فى الحيط»، حين تقرأ: «إن أى موضوعات تنشرها مجلة المصور حول العلاقات المصرية السعودية هى من قبيل الحفاظ على تلك العلاقات».
وكأن هناك من «قرطسه» وأوهمه، بأن الحفاظ على العلاقات ممكن مع من وصفهم بأنهم «صغار صغار صغار، لكنهم وقحون، يحتاجون إلى دروس فى التربية!».. أو أنه الحريص على العلاقات يكون بأن يسبق اسم ولى ولى عهدهم ب«المدعو» وأن يصفه بأنه يمارس ألعابًا سرية «عبيطة»!
والمؤسف، هو أن غالى محمد نفسه، سبق أن كتب: «العلاقات المصرية السعودية أقوى من أبواق الإخوان، وأقوى مما قاله محمد حسنين هيكل حول السعودية وقادتها، الذى يكره السعودية دائما، ولا يكره دولة مثل قطر التى تعادى مصر ليل نهار»، وما بين التنصيص أنقله من مقال كتبه ونشرته المصور، عنوانه «قول واحد ورغم أنف الإخوان وهيكل.. العلاقات المصرية السعودية فى أفضل حالاتها».
وما يؤسف أكثر، أنه كتب فى المقال ذاته: «الأمر المؤكد أن هناك خطة إخوانية ممنهجة للإيحاء دائما بأن هناك خلافات بين مصر والسعودية، وهذا مكمن الخطر أن تنساق بعض وسائل الإعلام إلى تصديق الأبواق الإخوانية، وتقوم بالصيد فى الماء العكر».
ولا تعليق بغير: ربنا لا تؤاخذنا بما فعل الـ«غالى» أو الرخيص!.