رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تحقق في القضية من أطرافها

المصير الغامض لـ«الدعم»

المصير الغامض للدعم
المصير الغامض للدعم

يمثل ملف الدعم أحد أهم الملفات الشائكة على طاولة الحكومات المتعاقبة، بداية من حكومات ما قبل الثورة، مرورًا بجميع الحكومات التى أعقبتها.


ظل التعامل مع منظومة الدعم حجر عثرة فى طريق 6 وزراء تموين تعاقبوا بعد الثورة بداية من الوزير اليسارى جودة عبدالخالق، مرورًا بالوزير الإخوانى باسم عودة وانتهاء إلى الوزير محمد على مصيلحى، حتى جاء الوزير الحالى على المصيلحى لعله يحسن التعامل مع هذا الملف الذى حير جميع الوزراء.


كان التوجه الغالب لدى الدولة من قبل ثورة 25 يناير وحتى الآن هو التخلص من دعم السلع والتحول إلى دعم الأفراد المستحقين، وواجه هذا التوجه عدة تحديات أهمها عدم توافر قاعدة بيانات شاملة سليمة ودقيقة لدى الدولة تضم تفاصيل بيانات جميع المواطنين، غير أن هذه الخطوة قابلة للتحقيق فى ظل عمل عدد من الوزارات على إنشاء هذه القاعدة بشكل سليم.


«الدستور» استطلعت آراء جميع المعنيين بملف هيكلة الدعم لضمان أقل نسبة من الهدر والتأكد من وصوله لمستحقيه، وهو ما تجدونه فى السطور التالية.


وزير التموين: تطبيق الدعم النقدى صعب.. و«العينى» أفضل


صلاح عامر


قال الدكتور على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية لـ«الدستور»، إن هناك صعوبة فى تطبيق تحويل الدعم العينى إلى النقدى، رغم أنه أكثر كفاءة، مشيراً إلى تفضيله استمرار الدعم العينى على شكله الحالى. وبرر الوزير موقفه، بالظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد التى تشبه ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، والتى انعكست سلبيًا على العالم وأدت إلى رفع معدلات التضخم عن المعدلات الطبيعية وانخفاض القيمة النقدية للجنيه، ما أسفر على رفع الأسعار.


وتابع: «المحافظات الحدودية لن تستفيد من تحويل الدعم العينى إلى نقدى، لأن السلع غير متوافرة»، معتبرًا أن محافظات شمال سيناء، وجنوب سيناء، والوادى الجديد، تحتاج إلى توفير السلع بها، لأنها مازالت تحصل على حصتها من الدقيق بدلا من الخبز رغم تطبيق منظومة الخبز الجديدة خلال الفترة الماضية.


وأوضح أن قيمة الجنيه ستصل إلى المواطن بـ 99 قرشًا حال الدعم العينى، و95 قرشًا حال الدعم النقدى، نتيجة زيادة تكلفة النقل للسلع وزيادة مراحل التداول، معبرا عن مخاوفه من عدم وصول الدعم النقدى إلى المواطن بشكل حقيقى.


وطالب المصيلحى بزيادة مظلة الأمان الاجتماعى وتوفير السلع لتعمل بفاعلية أكثر، وأشار إلى أن الدعم العينى مستمر منذ حكومة على لطفى ووزيرى التموين السابقين أحمد الجويلى وحسن خضر وغيرهما ونحتاج إلى ضبط الإيقاع للمنظومة الحالية ورفع كفاءتها. 



«المالية»: التحول فور وضع قاعدة بيانات المستفيدين


نانجى السيد


قال الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية للخزانة العامة، إن الوزارة لم تنته من إعداد خطتها لتحويل الدعم العينى إلى نقدى لعدم حصولها حتى الآن على قاعدة بيانات شاملة لمستحقى الدعم من وزارات التموين والتخطيط والإنتاج الحربى.


وأشار معيط إلى أن الوزارات بدأت فى تجميع بيانات المواطنين المستفيدين من الدعم منذ ستة أشهر، وأنه فور الانتهاء من إعدادها ستبدأ وزارة المالية فى تنفيذ خطة التحول إلى الدعم النقدى، وتوقع معيط ألا يلحق التطبيق بالموازنة الجديدة 2017 – 2018، لأن الانتهاء من وضع قاعدة البيانات لن يتم قبل نهاية العام الجارى.


وأضاف نائب الوزير أنه لم يتم تحديد قيمة الدعم لكل فرد حتى الآن، وجار حصر الأعداد لتحديد المعايير الخاصة بمستحقى الدعم، إلا أنه أكد أن كل من يمتلك وحدة سكنية، أو تتجاوز فاتورة هاتفه المحمول 1000 جنيه، أو يمتلك سيارة أكثر من 1600 CC لن يستحق الدعم.


وقال معيط إنه لا توجد أى معوقات تواجه التطبيق بعد توفير قاعدة البيانات التى تستبعد غير المستحقين، مبشراً بأن أصحاب المعاشات جميعهم داخل منظومة الدعم.


اقتصاديون: إجراء ضد محدودى الدخل يرفع العجز


صلاح عامر ـ أحمد أبوالمحاسن


رفض الخبير الاقتصادى مصطفى بدرة مقترح الحكومة ممثلة فى وزارة التموين والتجارة الداخلية، بتحويل الدعم العينى إلى نقدى، منوهًا بأن فكرة تحويل الدعم إلى نقدى يؤثر على المواطن محدود الدخل فى المقام الأول، نظرًا لارتفاع أسعار السلع الأساسية التى يحتاجها المواطن.

وطالب بدرة الحكومة بإرجاء القرار نظرا لتدهور الوضع الاقتصادى بعد قرارات البنك المركزى بتعويم الجنيه، مشددا على ضرورة دعمها للسلع بقدر يناسب الظروف الحالية.

وقال بدرة إن مثل هذه القرارات «تدل على غياب وعى الحكومة، وعدم حرصها على راحة المواطنين»، حسب قوله، معتبرا أن تطبيقها يشجع التجار والبقالين على استغلال المواطنين، ورفع أسعار السلع.


وأضاف بدره أن تحويل الدعم من عينى إلى نقدى يؤدى إلى عجز فى الموازنة العامة، نظرًا لكثرة عدد المستحقين، وإلى ارتفاع الأسعار بطريقة خرافية، مما يساعد على زيادة فى حجم التضخم، ويؤثر سلبًا على محدودى الدخل.


ورحب الخبير الاقتصادى، دياب محمد، بمقترح الحكومة بشأن تحويل الدعم من عينى إلى نقدى، منوهًا بضرورة وجود عدة ضمانات حتى يمكن الاستفادة منه، تأكيدًا لوصول الدعم إلى مستحقيه.


وأضاف محمد فى تصريحات لـ«الدستور» أن الدعم العينى لا يصل إلى مستحقيه، نظرًا لتلاعب بعض البقالين فى السلع، منوهًا بأن كثيرًا من المصريين لا يحصلون على الدعم العينى المقرر لهم.


وأكد أن الدعم العينى أثقل الموازنة العامة، وأصبح عبئًا كبيرًا على الحكومة فى ظل الوضع الاقتصادى الراهن لأنه يمثل نحو 33% من أوجه الإنفاق، مطالبًا بتوفير كروت ذكية للسلع الأساسية التى يحتاجها المواطن فى التعاملات اليومية.


وعن فكرة تطبيق الدعم المتوازى المنحسر، قال الخبير الاقتصادى إن تطبيقه يحتاج إلى جهود من الحكومة لضمان سيطرتها على السلع الأساسية، وتوصيلها لمستحقيها، من خلال تفعيل الكروت الذكية، لجميع السلع.


وأكد أن تشديد الرقابة على مقترح تحويل الدعم من عينى إلى نقدى يؤدى إلى تراجع فى سعر الدولار، بما ينعكس على مستوى دخل الفرد، وقدرة الجنيه على حيازة السلع والخدمات.


فيما كشف محمود المصرى، عضو المجلس الأعلى لجمعيات حماية المستهلك، أن تحويل الدعم العينى إلى نقدى ليس مناسبا فى الوقت الحالى، بعد فشل الحكومة فى توفير السلع الأساسية والغذائية بأسعار مخفضة، وانتشار الممارسات الضارة والاحتكارية.


وقال المصرى: رغم أن الدعم العينى حاليا أشبه بـ«السبوبة» التى تستفيد منها شركات القطاع الخاص والتجار والمحتكرون والمستوردون ورجال الأعمال فإنه الأفضل خلال الفترة الحالية.


وأكد أن تحويل الدعم العينى إلى نقدى سيرفع الأسعار لجميع السلع الغذائية، وعلى رأسها رغيف الخبز، موضحًا: فى حال عدم توفير الرغيف على البطاقات التموينية سيقفز من 5 قروش إلى 2 جنيه، وسترتفع أسعار السلع الغذائية مثل الأرز والمكرونة والسكر والزيت والشاى بنسب تتراوح بين 60 و100%.


وأشار المصرى إلى أن الحكومة لا تملك قاعدة بيانات حقيقية لمستحقى الدعم، ولا وضعت معايير لتحديد مفهوم محدودى الدخل، مما يتطلب وقتًا طويلًا لإعداد كل هذا قبل تطبيقه.

وقال إن المواطن سيحصل على نصيبه من الدعم النقدى، ثم ينفق أضعافه على السلع الغذائية، والتى ستتفاوت أسعارها طبقا لآليات السوق الحرة التى تخضع للعرض والطلب، وقد ينفق الأموال على أهوائه الشخصية، متجاهلا أسرته، مما يجعلها ضحية.


وقال إن ضحايا الدعم النقدى ستزيد أعدادهم على 25 مليونًا، منهم 6 ملايين من الجهاز الإدارى للدولة، و9 ملايين من أصحاب المعاشات، و3 ملايين من أصحاب معاشات الضمان الاجتماعى، ومليون ونصف المليون من معاشات «كرامة وتكافل»، بالإضافة إلى العمالة المؤقتة وأصحاب الحرف والمهن الحرة وعمال التراحيل، وغير ذلك من الفئات الأكثر احتياجًا والفئات المهمشة.


وطالب «المصرى» الحكومة بتكثيف الرقابة على شركات تجارة الجملة التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية الذين يقومون بإخفاء السلع عن بقالى التموين وفرض إتاوات وزيادة أسعار تكلفة النقل.


برلمانيون: التغيير التدريجى هو الحل.. ونحذر من التضخم


عائشة حسن ومحمد جعفر



أكد خالد شعبان، عضو الهيئة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطى، القيادى بتكتل 25/30، أن التحول من الدعم العينى إلى النقدى، فى الوضع الراهن، ينطوى على نوايا غير مقبولة من قبل الحكومة، موضحًا أن الحكومة تريد التخلص من الأموال التى تدفعها لصالح محدودى الدخل بهذه الطريقة.

وأشار شعبان إلى أن الدعم العينى الحالى يساعد إلى حد ما العديد من الأسر الفقيرة ويضمن توافر السلع أمامة، لافتًا إلى أن المعضلة تكمن فى تشتت الدعم وحصول غير المستحقين على نصيب كبير منه، ما يعرقل خطط زيادة الدعم.


من جهته، قال مدحت الشريف، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن الدعم العينى فتح الباب أمام التربح والفساد فى قطاعات الدولة، وإهدار موازنة الدعم لغير مستحقيه، مؤكدًا أن وضع آلية لاستبدال الدعم العينى بدعم نقدى تدريجى كمرحلة أولية، وصولًا إلى التطبيق الكامل لمنظومة آلية للدعم النقدى، يحقق الحل الوحيد للقضاء على منافذ الفساد، ويضمن حصول المستحقين وحدهم على الدعم. وأوضح الشريف أن الدعم العينى سببرئيسى لتوافر سعرين للسلع بالسوق، ويحقق ظلما اجتماعيا، فى ظل حصول مالكى السيارات على دعم للوقود وحرمان الفقير.


من جانبه، أوضح عمرو الجوهرى، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن المميزات التى يقدمها الدعم العينى للمواطن، من السلع، فى حالة التحويل إلى النظام النقدى، مهددة وغير مضمونة فى حالة وجود تقصير فى التطبيق، أو وجود أى نية من قبل الحكومة فى تثبيت قيمة الدعم المقدم، وزيادة الأسعار.


وأكد الجوهرى، فى تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن الدعم العينى مناسب للمرحلة الحالية وظروف محدودى الدخل، لافتًا إلى أن العيوب الحالية بالمنظومة يمكن تلافيها من خلال تنقية البيانات وتحديثها.


ولفت عمر حسنين، عضو لجنة الزراعة والتموين بمجلس النواب، فى تصريحاته لـ«الدستور» إلى أن التحول إلى الدعم النقدى يفتح الباب أمام جوع المواطن، وزيادة التضخم، منوهًا بأن إلغاءه سيحرم المواطن من أهم احتياجاته الغذائية التى يقدمها منها الزيت والسكر والأرز وغيرها.