رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحلم الذى تبدد في كنيستنا «31»


من العجيب فى الكنيسة القبطية أن العلمانيين أكثر حرصًا على الالتزام بقوانين الكنيسة من معظم رجال الدين، وقد تجلت هذه الظاهرة بوضوح فى انتخابات عديدة «خمسة انتخابات»، كان فيها المرشحون من المطارنة والأساقفة!!



حدث بعد اختيار الراهب القمص مينا البراموسى المتوحد ليكون البطريرك 116 باسم البابا كيرلس السادس، كتب د. كمال رمزى استينو – وزير التموين فى ذلك الوقت– بجريدة «مصر» بالعدد التذكارى الصادر يوم الثلاثاء 10 مايو 1960 «فى العيد الأول لرسامة البابا كيرلس السادس» يقول: «إثر نياحة البطريرك السابق – يقصد البابا يوساب الثانى البطريرك 115 – تجدد الخلاف القديم والأليم، بين الإكليروس والشعب حول هذه الانتخابات، وبحثنا الموضوع بحثًا علميًا محايدًا، فوجدنا أن قانون الانتخابات هو بيت الداء، وأس البلاء. وأن انتخاب الرئيس الدينى الأعلى للأقباط على نحو ما يحدث فى الانتخابات الشعبية أو السياسية هو النظام الذى يترعرع فى جوه الخلاف والانقسام والذى تتحلل فى ظله الأخلاق ويحل الشقاق. والبابا الذى يأتى وليد هذه الانتخابات التى تُستعمل فيها كل وسائل التهريج والتجريح يمثل الانقسام دون أى معنى من معانى المسيحية أو المحبة أو الصالح العام. وها نحن اليوم – يقصد يوم اختيار البابا كيرلس السادس البطريرك 116 – نحصد ما زرعناه: رئاسة مُصلحة اختارتها عناية السماء وانعقدت عليها إرادة الأقباط قاطبة، واجتمعت حولها قلوبهم إكليروسًا وشعبًا. رئاسة تجمع بين الوقار والقداسة، وبذلك قامت بدورها التاريخى فى شحذ الهمم وتصفية النفوس وأعادت للحركة الإصلاحية سيرتها من العمل لمجد الوطن وخدمة الأقباط فى أمانة كاملة واستقامة تامة. وها نحن نلمس أثرها فى حل المشكلة الإثيوبية، وإنشاء الكلية اللاهوتية وإيجاد مجتمع قبطى يقوم على أسس روحية سليمة ورعاية منزهة عن الأغراض والأهواء إلى جانب العناية بالأديرة والإكليروس. سنسعد جميعاً وننعم.. لأن هذه نتيجة رئاسة دينية من صنع الله، لا من صنع القدر أو البشر». وهنا وضع د. كمال رمزى إستينو يده على الداء عندما تكون الانتخابات من صنع القدر أو البشر وليس من صنع الله!!.

لقد كان يتحدث د. كمال رمزى استينو – إذ كان معاصرًا للعديد من البطاركة – عن المشاكل الجمة التى حدثت فى الوطن والكنيسة بسبب البطاركة الذين كانوا أصلًا أساقفة، كما أنه رأى بعينيه شجاعة قائمقام البطريرك فى انتخابات 1959 وهو الأنبا أثناسيوس- مطران بنى سويف- الذى منع المطارنة والأساقفة من الترشح تماماً للبطريركية واقتصر الترشح فقط على الآباء الرهبان، ومن هنا جاءت نتيجة الانتخابات براهب تقى وحكيم وراعٍ صالح حقيقى، فعاش الوطن فى سلام وعاشت الكنيسة فى هدوء حقيقى دون أى اضطرابات.

بعد أن تم تنصيب الأنبا شنودة باسم البابا شنودة الثالث فى 14 نوفمبر 1971، كانت علاقته بمجلس ملى الإسكندرية ليست طيبة، بسبب تبنيهم موقفًا موحدًا هو الالتزام بقوانين الكنيسة وإقامة البطاركة من بين الرهبان فقط الذين لا تعلو درجتهم عن درجة «قمص». وعلى الفور تم تغيير أعضاء مجلس ملى الإسكندرية بالكامل.