رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبل أن نتفاءل.. هل نُقلِّد ترامب أولًا؟


رغم أنه يبدو واضحًا أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يسير بصرامة لتحقيق وعوده الانتخابية، وإصدار قرارات مثيرة للجدل، إلا أننى أعتقد إلى حد كبير أن قرارًا مثل اعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية سيشوبه الكثير من الغموض، ولا أتفاءل حول جدية إمكانية اتخاذ قرار كهذا.



صحيح أن ترامب، بدأ بإقالة كل من يعارض سياساته، وكان أولهم وزيرة العدل بالوكالة سالى بيتس، التى عارضت قراره بشأن منع رعايا 7 دول إسلامية من السفر للولايات المتحدة، والمسئول بالوكالة عن إدارة الهجرة والجمارك دانيال راغسديل.. والأخير دون إبداء الأسباب، وهو ما يعنى أننا أمام شخصية أمريكية غير مراوغة، ويبدو أنها لا تقبل أنصاف الحلول.

قد نتفاءل نعم، بإمكانية إدراج جماعة الإخوان على لائحة الإرهاب الأمريكى، ولكن لا يجب أن نفرط فى هذا التفاؤل، لأنه ربما يصطدم بعقبات داخلية تتمثل فى أنه لا يوجد تواجد رسمى للجماعة هناك، والموجود شخصيات محسوبة على الجماعة ضمنياً، لكنهم ينخرطون فى منظمات مدنية لها تأثيرها، منظمة مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «كير» الشهيرة ورئيسها نهاد عوض، واحدة منها، إضافة لعدم ضلوع التنظيم فى أى عمليات ضد الولايات المتحدة، ويجب أن نعترف بأن الجماعة نجحت فى تسويق نفسها داخل مراكز النفوذ الأمريكى فى العقدين الأخيرين وتحديدًا فى فترتى إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، لدرجة أن إحدى مستشاريه وهى مصرية الأصل، محسوبة على جماعة الإخوان.. وكثير من أعضاء إدارته أداروا صفقات مع الجماعة، هيأت لهم تنفيذ ما يسمى الربيع العربى.

وبعيداً عن كل ذلك، ينبغى أن نسأل أنفسنا: كيف نتفاءل أو نعول مصريًا على قرار أمريكى ضد جماعة الإخوان، بينما نحن تأخرنا كثيراً وسبقتنا دول عربية فى إعلان الإخوان جماعة إرهابية، قبل أن يعلن ذلك رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوى، وللأسف دون أن نفعِّل تبعات هذا القرار بشكل جرىء وواضح، رغم كل الجرائم التى مازلنا نتعرض لها على أيدى ميليشيات الجماعة وأذرعها الإرهابية.

خلال طيلة 4 سنوات، منذ عام حكم الإخوان الأسود، ونحن نعلن محاربة الإرهاب، لكن الحقيقة أننا فقط نحارب جماعات إرهابية، ولا نقترب إطلاقاً من مفهوم محاربة الفكر الإرهابى ذاته، وهناك فرق كبير. كل يوم نسمع عن تصفية جيوب وعناصر إرهابية، ومع ذلك فالظاهرة كامنة بشكل أو بآخر، والدليل هذه الأرقام المتتالية عن عناصر مجرمة قتلت أو اعتقلت.. المواجهة المسلحة التى تخوضها الشرطة والقوات المسلحة، معروفة.. ولكن أين مواجهة المعركة الأخطر، وهى تجفيف جذور المنابع الفكرية والتعامل الواضح مع عناصر الجماعة المعلنة أو الخفية دون هوادة أو ارتعاش وتردد.

أرجو ألا ننتظر ما يمكن أن تفعله إدارة الرئيس ترامب، لأن حساباته تأتى حسب مصلحة بلاده، وهذه ربما تختلف عن حساباتنا نحن الذين اكتوينا بالنار ودفعنا الثمن من دماء وأرواح أبناء شعبنا.

فقط ليكن لنا فى ترامب «أسوة» حسنة.. الرجل كما قلت فى البداية أقال من عارض توجهه وقراراته.. بينما لدينا عشرات المئات من الجماعة الإرهابية مازالوا فى أماكنهم ووظائفهم رغم أنهم لا يعترفون بالدولة الجديدة، بل ويحاربون توجهات الرئيس والحكومة نفسها.. باختصار.. قبل أن ننتظر ما سيفعله ترامب.. فلنقلده فى حسمه أولًا!