رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مراكز الفكر الاستراتيجي


فى حوار لجريدة «الأخبار»، أجرته الزميلة حسنات الحكيم، أوضح اللواء أركان حرب سيد غنيم، استشارى الدفاع والأمن القومى، أن فكرة مراكز الفكر الاستراتيجى، تتلخص فى إنشاء مراكز دراسات وبحوث استراتيجية، تمثل دعمًا رئيسيًا للدولة فى صناعة قراراتها الاستراتيجية داخليًا وخارجيًا، وذلك من خلال صفوة الباحثين من العقول الشابة النابغة فى مختلف المجالات، بحيث تعمل جنبًا إلى جنب مع نظيراتها المعترف بها دوليًا، فى جميع المجالات المتعلقة بالأمن القومى، ومن منطلق علمى بحت، بعيدًا عن أى توجهات سياسية، وبما يعين فى النهاية رئيس الدولة ومجلس الأمن القومى ورئيس الحكومة على اتخاذ القرارات السليمة.



مثلك تمامًا، خطر ببالى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ألا يقوم بهذا الدور؟!.. بادر اللواء «غنيم» فأوضح أنه تتلمذ على إصدارات مركز الأهرام، مؤكدًا أنه يقوم بمجهودات رائعة تضعه فى المركز الأول عربيًا، ومعه فقط المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى المركز العاشر عربيًا، ومع ذلك، المراكز العربية العشرة كلها خارج المراكز العشرين الأفضل دوليًا، وذلك وفقًا لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، المعتمد دوليًا فى هذا المجال، ويتقدم العشرين الأوائل معهد بروكنجز الأمريكى، بينما يأتى فى المركز العشرين معهد جنوب إفريقيا للشئون الدولية، وكلها ضالعة فى صناعة القرار فى بلدانها، ومثلها مئات المراكز المتخصصة فى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وغيرها، جميعها منفتحة على بعضها البعض، ومنها ما يتبع مجلس الأمن القومى أو وزارات الدفاع والخارجية والتخطيط، ومنها التابع للجامعات والأكاديميات العلمية، ولكن معظمها مستقل تمامًا لا يتبع أى جهة حكومية.

أما عن معايير التصنيف الدولية التى تخضع لها هذه المراكز، فهى خمسة معايير، تتلخص أولًا فى القدرة على صنع السياسات ودعم اتخاذ القرار، ثم ثانيًا دور المؤسسة البحثية فى دعم القرار الوطنى وتطوير استراتيجياته وسياساته داخليًا وخارجيًا، وثالثًا عدد التقارير والدراسات السنوية المرفوعة إلى صناع القرار، ويتمثل المعيار الرابع فى عدد مشاركات المؤسسة البحثية فى عمليات التقييم السابقة للاقتراحات المطروحة على صانعى السياسات، وأخيرًا قدرة المؤسسة البحثية على طرح حلول عملية وواقعية لتحديات المجتمع الداخلية والخارجية، بحيث تزول الفجوة بين الرؤى النظرية والسياسات التنفيذية.

طرح اللواء سيد غنيم يأخذنا إلى توصية مهمة، ترتبط ببناء الثقة فى قدرات الدولة وتوجهات مفكريها خاصة من الشباب، فلابد أن تنفتح الدولة على مراكز الفكر الاستراتيجى الدولية، فيتحول توجهها هنا من الاستنكار والتشكيك وتصدير الشبهات، إلى التواصل والتفاعل وتنشيط العلاقات، وبما يجعل مراكز الفكر الاستراتيجى المصرية قادرة على المساهمة الحقيقية فى صناعة القرارات الاستراتيجية الهادفة، بل وبما يؤثر أيضًا فى صناعة القرار فى دول عظمى، ترى فى مصر حليفًا استراتيجيًا مثل أمريكا وبريطانيا وغيرهما، هذا بشكل غير مباشر، إن كنا غير قادرين على التأثير فيها بشكل مباشر، كما يجب على الدولة أن تطلق الثقة فى أداء مراكز الفكر المستقلة فى الداخل، طالما توافرت المعايير العلمية فى أنشطتها والباحثين العاملين بها، وبما يجذب قطاعًا كبيرًا من الشباب النابغ المأزوم، فيتصالح مع نفسه والدولة، حين يستشعر أنه فاعل ومشارك فى وضع السياسات، وصناعة قرارات بلاده، وكذا تتصالح الدولة معه ومع أفكاره المجردة.