رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصريحات العـريان وزوال إسرائيل


أرجو ألا يكون ذلك هو مقصده، وهـل يمكن أن يبدى الدكتور العـريان تسامحاً لبنى جلدتـه من المعارضين والأقباط كالذى أبـداه للإسرائيليين؟ عسى أن يكون قريباً! والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.

يشغـل الدكتور عـصام العـريان منصب مستشار رئيس الجمهورية، ونائب رئيس حزب الحرية والعـدالة، وعـضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يضفى عـلى تصريحاتـه أهمية سياسية خاصـة، فـقـد أثارت تصريحاتـه التى تتعـلق بعـودة اليهود المصريين إلى مصـر جدلا واسعا ليس فقـط عـلى الساحة المصرية، بل وخارجها أيضا فانهالت عـليه عـبارات الثناء والمديح عـلى كرمه ومشاعـره الطيبة تجاه أبناء العـم حتى لقبـوه بالبطل المحب لليهـود، وعـندما طاله نـقـد لاذع برر ذلك بأن القـصد من عـودة اليهـود إلى أوطانهم الأصلية هو إتاحة الفرصة للفلسطينيين بالعـودة إلى وطنهم فلسطين لا سيما أن إسرائيل ستزول خلال عـشـر سـنـوات، الأمر الذى أدى إلى استياء شعـب الله المختار، فرموه بأنـه يعـمل عـلى إشاعة المشاعـر المعـاديـة للسامية والتشكيك فى بقاء الدولة اليهـوديـة، ويـبـدو أن الدكـتـور العـريان قد استـنـد فى تصريحه بزوال إسرائيل إلى كتاب الأستاذ بسَام جـرار ـ أستاذ الرياضيات فى جامعة الـقـدس ـ الذى طُبع بدمشق عام 2000، وصدر عن دار الشهاب بعـنوان «زوال إسرائيل نبوءة قرآنية أم صُدف رقمية»، واعـتمد المؤلف عـلى التأويـل الرياضى أو الرقمى لنبوءة دينية يهودية قديمة تنذر بزوال إسرائيل، واستـنـد أيضا عـلى بشرى قرآنية بتفسيـر بعـض آيات من سورة الإسراء، ليصل إلى نتيجة مفادها بأنَّ إسرائيـل سـتـزول فى عام 2022 م.‏ وبغـض النظر حول صدق هـذه النبوءة أو عـدم صدقها ، إلا أن المؤلف قد ساق مجموعة من القرائن والدلائل لإثبات صحة هـذه النبوءة.

فقد نزلت سورة الإسراء عـلى الرسول «صلى الله عليه وسلم»، وتناولت الصراع المستقبلى بين المسلميـن واليهود الذى سينتصر فيه المسلمون كنبوءة قرآنية من لدن عزيز حكيـم بالرغم من أنَّه لم يكن هناك أى احتكاك بين المسلمين واليهود وقت نزول هذه السورة التى تسمى أيضا سورة بنى إسرائيل، وهذه النبوءة القرآنية تقول: «وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا. وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ فِى الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِى الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْـلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا. فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُـواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولا.ً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا. إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا»، وقد فسر قدامى المفسرين تلك النبوءة بأنها وقعـت فى الماضى، إلاَ أن اليهود كانوا مستضعـفـين فى الأرض ولم يعـلو علواً كبيراً مثلما هو حادث فى الوقت الراهن، وهو ما استند إليه المفسرون المعاصرون الذين أكدوا أن هذه النبوءة تتناول الصراع العـربى الإسرائيلى المعاصر، وعـززوا تفسيـرهم هذا ببعـض الأحاديث النبوية الصحيحة، وتتحدث سورة الإسراء عن إفسادين لليهود، الأول هو الذى وقع فى منتصف القرن الأول قبل الميلاد من خلال صراع أبناء سليمان عـليه السلام عـندما اختلفوا على السلطة فتقاتلوا فيما بينهم، وتحول الشعـب اليهـودى إلى عـصابات وقـطاع طرق كانت تعـترض وصول قوافـل التجارة إلى العـراق والجزيـرة العـربية، مما دفع «نبوخذ نصر» العربى العراقى عام 586 ق.م إلى شن حملة أدَّبَ فيها اليهود وحطم هيكلهم قبل أن يستكملوا بناءه، وسبا الأطفال والنساء والأحبار وسُمى ذلك تاريخياً بالسبى البابلى، أما الإفساد الثانى فقد كانت بدايته متمثلة بإعلان دولة إسرائيل عام 1948م، واكتملت دورة الإفساد الثانى عندما احتل الصهاينة القدس عام 1967م وعاثوا فيها فساداً، فكان لابد لسُنة الله أن تفعـل فعـلها حيث يرسل الله عـليهم عـباداً له أولى بأس شديد يزيلـون هذا الإفساد الثانى.‏

ويسوق المؤلف لبيان غرضه من مؤلفه، أن هناك من الموروثات الدينية اليهودية التى تقول إن عـمـر الدولة اليهوديـة بعـد تأسيسها وبعـد أن جمعهم لفيفا من بعـد الشتات سيكـون «76» سنة قمرية، إذ يعـتمد اليهود عـلى التقويم القمرى مثل العـرب، والمعـروف أن دولة إسرائيـل كانت قد أعلنت عام 1948، وقد تناول مناحم بيجين هذه المقولة عام 1982 أثناء الغـزو الإسرائيلى للبنان، حيث أعـلن فى مؤتمر صحفى أن إسرائيل ستنعم بسلام، كما نصت عليه التوراة لمدة أربعـين عاماً، ثم تكون المعـركة الفاصلة مع العـرب، ووفقا للتأويـل الرقمى والحساب الرياضى فإن عام 1948 وافق عام 1367 بالتقويم الهجرى، ولو جمعـنا 1367هـ +76 سنة قمرية هى عـمر دولة إسرائيل كما تقول الموروثات الدينية اليهودية، فإن ذلك يوافق عام 1443 هجرياً الذى يوافق عام 2022 بالتقويم الميلادى. كما أن عام 1982 «العام الذى صرح فيه بـيجيـن أن إسرائيل ستنعم بسلام مدته 40 عاماً» فلو جمعـنا 40 عاماً عـلى 1982 لكان الناتج هو عام 2022 وهو عام الزوال الذى تتنبأ به الموروثات الدينية اليهودية، كما أن سورة الإسراء تُسمى أيضاً بسورة بنى إسرائيل التى تتناول فى مطلعها نبوءة أنزلها الله سبحانه وتعالى على موسى ـ عليه السلام ـ تقضى بقيام بنى إسرائيل بإفسادين، ينتهى الإفساد الثانى بنصر عـباد الله ويُزيل دولتهم، وإذا أحصينا عدد كلمات تلك النبوءة القرآنية من قوله تعالى «وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَائِيلَ»......إلى قوله تعالى «فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا.....» نجد عدد كلماتها «1443» كلمة وهـو الرقم ذاته الذى يتطابق فى التقويم القمرى والهجرى الذى تقوم عليه النبوءة اليهودية التى تقول بزوال دولة إسرائيل، ويرتبط‏ مذنب هالى ارتباطاً وثيقاً بعـقائـد اليهود، وهـذا المذنب بدأ دورته الفلكية عام 1948 وقت قيام دولة إسرائيل الذى يوافق عام 1367 هجرية، ومن المعـروف أنه يستكمل دورته الفلكية فى 76 سنة قمرية، فلو جمعـنا 1367هـ + 76 سنة قمرية هى عمر الدورة كاملة لمذنب هالى لأصبح الناتج هو عام 1443 هجرية الذى يوافق عام 2022 ميلادية وهو عام الزوال الذى يتسق مع الموروثات الدينية اليهودية.

تلك كانت القرائن والأدلة والبراهين التى ساقها المؤلف فى مؤلفه حتى يبرهن عـلى صحة ما يرمى إليه فى مؤلفه التى تتعـلق بنبوءة زوال إسرائيل وفقا للموروثات الدينية اليهوديـة، والتى ربما يكون الدكتور العـريان قد استند إليها عـندما أطلق تصريحاته بشأن عـودة اليهـود إلى مصر وإلى أوطانهم الأصلية، عـندما تزول إسرائيل ويعـود الفلسطينيون إلى وطنهم، وبغـض النظر حول صدق ما توصل إليه المؤلف من قرائن وأدلة وبراهين لإثبات صحة هذه النبوءة اليهودية أو عـدم صدقها، فما كان للدكتور العـريان أن يطلق مثل هذه التصريحات التى تدعـو إلى عـودة يهـود مصر إليها مرة أخرى، فلم يعـد هناك يهـود مصريون، وإنما يوجد فقط إسرائيليون هم الذين يدعـوهم للمجىء إليها، فهل يدعـو الدكتور العريان الإسرائيليين إلى احتلال مصر والتحكم فيها اقتصادياً؟

■ استاذ العلوم السياسية جامعة بورسعيد

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.