رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زحام شديد على إنتاج وزارة الثقافة.. وسور الأزبكية خارج المنافسة

دور النشر الحكومية تهزم القطاع الخاص

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

يوصف يوم الجمعة الماضى، ثانى أيام معرض القاهرة الدولى للكتاب، بأنه الاستثناء فى الإقبال الجماهيرى على المعرض، ومن السهل أن يرصد متابع حركة المعرض، حتى الآن، انعكاس ظلال تعويم الجنيه على ارتفاع أسعار كل مستلزمات النشر، من أول أدوات الطباعة والأحبار، وصولاً إلى أسعار الورق، خاصة أن إنتاج الورق المحلى لا يكفى إلا لطباعة 50% من الكتب الدراسية لوزارة التربية والتعليم، فما بالك بدور النشر، سواء الحكومية أو الخاصة التى تلجأ هى الأخرى للاستيراد، والذى أصبح مكلفًا للغاية بسبب ارتفاع سعر الدولار.
يضاف إلى تلك الأزمات أن أصحاب دور النشر ضاعفوا أسعار الإصدارات القديمة حتى يستطيعوا معادلة الارتفاع الفلكى فى أسعار كل ما يخص عملية النشر، وإلا توقفت هذه الصناعة، وهو ما يذكرنا بالأزمة التى تعرضت لها السينما المصرية، وكيف تقلص حجم إنتاجها ـــ كصناعة ـــ إلى أقل من الربع.
«الدستور» لاحظت أيضًا، خلال جولتها داخل دور النشر، أن ارتفاع أسعار الكتب لم يتوقف على دور النشر المصرية فقط، وإنما طال الأمر دور النشر العربية، سواء بجناح اتحاد الناشرين العرب، أو صالة ألمانيا وصالة إيطاليا.
ورصدت «الدستور» ارتفاعًا يكاد يصل إلى ١٠٠ ضعف، بسبب ارتفاع سعر الدولار، فالكتاب الذى كنت تشتريه العام الماضى، بخمسين جنيهًا مثلاً أصبح سعره الآن ٢٥٠ جنيهًا مصريًا.
هذه الأرقام ليست من وحى الخيال أو «الفبركة»، فرواية «الفتنة»، الصادرة عن منشورات الجمل، كان سعرها خمسين جنيهًا، لكن سعرها هذا العام وصل إلى ٢٥٠ جنيهًا. ولذا فمن الطبيعى أن تسمع اليوم أسعار عناوين كثيرة تبدأ من أكثر من مائة جنيه للكتاب الواحد، بل ومائتين وأكثر للكتاب، بما يعنى أن الألف جنيه لا تشترى سوى خمسة كتب أو ستة.
كل هذه الأسباب أدت إلى إحجام زوار المعرض عن شراء الكتب، وإن حرصوا على الزيارة من باب «الفسحة» العائلية، وربما هذا ما يفسر الإقبال الشديد على زيارة المعرض فى ثانى أيامه، والذى تصادف أن كان يوم إجازة رسمية.
يمكنك أيضًا أن تسمع العديد من رواد المعرض وهم يتبادلون الأحاديث مع أصدقائهم، أو أفراد أسرهم، عن أن زيارتهم المعرض لمجرد النزهة الترويحية.
على أى حال الأيام القليلة التى مرت من المعرض لا تكفى للحكم على مدى الإقبال على الشراء. فهل سيحافظ المعرض خلال دورته الحالية على نفس عدد مرتاديه الذى سجله العام الماضى، حين بلغ عدد زواره حوالى مليون ونصف المليون زائر؟ وهل عدد زواره قل أو زاد يعد مقياسًا كافيًا للحكم على حركة البيع والشراء داخل أجنحته؟ هذا ما ستسفر عنه الأيام المتبقية من عمر المعرض.
فى سياق متصل، حافظت دور النشر الحكومية «الهيئة المصرية للكتاب بكل سلاسلها وإصداراتها، والمركز القومى للترجمة، والمجلس الأعلى للثقافة، وصندوق التنمية الثقافية، ومكتبة الإسكندرية، ودار الكتب والوثائق المصرية، وهيئة قصور الثقافة» على مستواها المطمئن، وحققت هيئة قصور الثقافة إنجازًا كبيرًا هذا العام، ونجحت فى الحصول على موافقة دار الساقى اللبنانية، والشاعر السورى الكبير «أدونيس» لطبع كتابه «الثابت والمتحول» وطرحه للجمهور فى أربعة مجلدات بسعر ٤٠ جنيهًا.
وبرغم أن هذه المؤسسات الحكومية تواجه الأزمات نفسها، فى ارتفاع أسعار الورق والأحبار ومعدات الطباعة، إلا أنها لم ترفع أسعار أى من إصداراتها، لذا كان طبيعيًا ما تشهده أجنحتها من إقبال شديد، خاصة المركز القومى للترجمة، والذى طرح منشوراته بتخفيضات وصلت إلى ٩٠٪ من السعر الأصلى، كما خصصت هيئة الكتاب خصمًا وصل إلى ٧٠٪ مع تنوع فى المنتج الثقافى المطروح والعناوين التى تعددت بين العلوم البحتة والعلوم الإنسانية، والأدب والتاريخ، والعلوم التطبيقية والطبيعية.
كما تواصل مطبوعات «مشروع مكتبة الأسرة» اجتذاب جميع القراء، ولا يفوت زائر للمعرض المرور بهذا الجناح والبقاء طويلاً، ومن ثم الخروج بأعداد هائلة من الكتب بسعر زهيد.
ولا ننسى أيضًا سلسلة الجوائز التى يقبل عليها الجميع، خاصة من طلاب الجامعات، لما توفره لهم من عناوين عالمية مترجمة عن كل اللغات لن يجدوها إلا فى هذه السلسلة، وحتى إن وجدوها فى أى من دور النشر الخاصة فلن تكون أسعارها مناسبة لهم.
تبقى الإشارة إلى سور الأزبكية العظيم، وهو الوحيد الذى ينافس دور النشر الحكومية فى الإقبال عليه، يصل لحد الزحام الشديد، فهو أيضًا لم يرفع أسعاره، ويتيح كل العناوين التى تبحث عنها، أيًا كان عام نشرها أو مؤلفها، وإن كان هذا يحتاج إلى جهد شديد ووقت طويل لتبحث بين تلال الكتب، بلا تصنيف سوى أسعارها، فستجد هنا كتبًا من فئة الجنيه حتى الخمسين.