رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"جوليو ريجيني" إخطبوط يخنق "الداخلية".. 4 مواقف دفعت إيطاليا لوضع الشرطة المصرية في دائرة الإتهام

جريدة الدستور

حين لقى الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني" مصرعه في يناير 2016، كانت الداخلية أول المتهمين من ‏وجهة نظر روما، لكن بالعودة إلى محطات القضية، نجد أن الوزارة هي من وضعت نفسها في دائرة ‏الإتهام، بالرغم من أنها قد تكون بعيدة تمامًا عن هذه القضية.‏

‏"الفيديو المجتزأ"‏
كانت الورقة الأخيرة التي خرجت بها مصر للرأي العام حول القضية، هي فيديو للطالب أثناء وجوده في مصر، ‏ويتحدث مع نقيب الباعة الجائلين، أعلنت خلاله السلطات المصرية أنه كان جاسوسًا وليس مجرد طالب، ‏بعدما بثته على التلفزيون المصري، دون الإعلان عن مصدره.‏

ظهر "ريجيني" وهو يطلب من النقيب طرح أفكار ليقوم ببحثها، فيما طلب منه الأخير مالًا لإجراء عملية ‏جراحية لزوجته، فرفض الشاب الإيطالي، بدعوى أن المال الذي بحوزته يخص المؤسسة البريطانية التي ‏يعمل بها.‏

وكان رد الفعل الإيطالي حادًا للغاية، بل ومشككًا في تلك الرواية برمتها، إذ أعادت روما بث نفس الفيديو ‏كاملًا، بعدما كانت قد حصلت عليه في وقت سابق، مؤكدة أن الفيديو الأصلي تعرض للمونتاج والتجزأة ‏في عدة أجزاء، وتم تغيير التدرج الزمني للمقابلة بين ريجيني والنقيب.‏

وفي الفيديو الإيطالي يظهر نقيب الباعة الجائلين وهو يسأل الطالب قائلًا: "لا أنت لا تفهمني جيدًا يا جوليو، هذه الأموال ‏سنستخدمها في مشروعات لتأجير محال، أو قد نستخدمها في مشروعات سياسية لتعزيز الحرية"، ليجيبه ‏‏"ريجيني" قائلًا: "أرى أن السياسة صعبة في هذه المرحلة"، وهو ما استندت عليه روما بإنه ليس جاسوسا ولا علاقة له بالشأن السياسي.

وللمرة الرابعة وضعت الداخلية المصرية نفسها في دائرة الإتهام، لاسيما بعدما أعلنت النيابة العامة ‏الإيطالية، أن محققين إيطاليين يعتقدون أن الشرطة ضالعة في تصويره بمعدات متوفرة لديها؛ ما يدل على ‏وجود اتفاق بين الشرطة والبائع المتجول.‏

لم يقف التشكيك الإيطالي إلى هذا الحد، بل تفاقم مع تصريح وزير الخارجية الإيطالي "أنجيلينو ألفانو"، ‏وتأكيده أن الفيديو لا يبرأ الشرطة لأن التسجيل تم تصويره باستخدام كاميرا صغيرة بحجم زر قميص، ‏وهو جهاز متوفر لدى الداخلية، مستدلًا على تصريح سابق للنائب العام الذي أكد فيه أن "جوليو" أنه لا ‏يمارس أي أنشطة تضر بالأمن القومي.‏

‏"صدمته سيارة"‏
روايات الداخلية المتعددة هي من وضعتها ظلمًا في دائرة الإتهام، فكان أول سبب أعلنته حول مقتل ‏الطالب الإيطالي، هو أنه توفى نتيجة صدمة سيارة له بقوة أثناء سيره، بالرغم من أن الجسد الذي وجد ‏ملقى على قارعة الطريق بمشارف القاهرة يحمل آثار تعذيب وانتهاكات بالجسد.‏

ووقتها شككت النيابة العامة الإيطالية في الرواية؛ مستندة على تقرير الطب الشرعي في روما، الذي أكد ‏استحالة أن تكون الوفاة نتيجة صدمة سيارة؛ لكون جسده مصاب بكسور علامات صعق بالكهرباء في ‏مكان حساس، وجروح قطعية بآلة حادة.‏

‏"سرقة بالإكره"‏
عصابة مكونة من خمسة أفراد، تقطن في عقار بمنطقة الهرم، قامت الشرطة المصرية بتصفيتهم وإتهامهم ‏بالتورط في مقتل الطالب الإيطالي بدافع السرقة، بعدما عثرت على حقيبة بها متعلقات للباحث الإيطالي ‏بحوزة تلك العصابة الإجرامية.‏‎

وأعلنت الداخلية أن التشكيل العصابي تخصص في انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب ‏وسرقتهم بالإكراه، وقاموا بتبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة، ما أسفر عن مصرع عناصر التشكيل ‏وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.‏

ووصفت الخارجية الإيطالية رواية الداخلية بـ"الهراء"، وتسائلت عما يدفع خاطفين مفترضين يسعون ‏لفدية مالية أو للسرقة لقتل "ريجيني" بطريقة بشعة، وقالت إنه لا يقوم بذلك إلا محترفون في التعذيب، ‏فضلًا عن احتفاظههم بالأوراق الخاصة به، ودشن نشطاء إيطاليون هاشتاج باسم "الحقيقة من أجل ‏ريجيني".‏

ولم يمر سوى أيام قليلة بعد التشكيك الإيطالي، حتى تراجعت الخارجية عن روايتها، من خلال اللواء أبو بكر عبدالكريم، ‏مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة، الذي أكد إن كل البيانات التي صدرت عن الوزارة لم تشر إلى إلقاء ‏القبض على العصابة المسؤولة عن قتل "ريجيني". ‏

‏"المكالمات الصوتية"‏
كان تعنت السلطات المصرية في تسليم الجانب الإيطالي سجلات الاتصالات الهاتفية التي قام بها ‏الطالب الإيطالي مع آخرون، مبررًا لوضع الداخلية في دائرة الإتهام من وجهة النظر الإيطالية، بالرغم من ‏أن تسيلم السجلات يعد مخالفة جسيمة للدستور والقانون في مصر.‏

روما لم تقنتع بذلك المبرر وكانت قد قامت بسحب سفيرها بالقاهرة،؛ لإجراء مشاورات احتجاجًا على عدم ‏إحراز تقدم في التحقيق، وما آثار الغضب بشكل أكبر، حين طالبت روما مصر تسليم كاميرات مكان ‏اختفاء "ريجيني"، فرفضت مصر بدهوى أنها حدث لها مسح تلقائي وذلك عبر الشركة الأمريكية ‏المسؤولة.‏