رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلام إلك يا جارة


بالعامية المصرية الجميلة هاحكى لكم حكاية غريبة شوية، اسمعوها منى للنهاية، كان فيه زمان ملك عادل، اسمه ذو القرنين، الملك ده كان بيعبد ربنا، وربنا أعطى له علمًا فى كل شىء، تقول كيمياء، تقول فيزياء، تقول فلك، قول زى مانت عايز، المهم إن ربنا اداله العلم وهو أصبح بالعلم ده متمكنًا من الأرض، وفى ذات الوقت بيسعى أنه يقيم العدل فى الدنيا، وكمان كان حريص إن الناس تعبد ربنا لوحده، وتبعد عن طريق الشيطان والفساد والقتل والسرقة، فخد جيشه وقعد يلف الدنيا، من مغربها لمشرقها، بيدور على البلاد اللى فيها ظلم، فيقيم فيها العدل، ويشوف الناس اللى انحرفت وبقت تعبد الشيطان، فيدعوها لعبادة الله.

المهم وهو بيلف فى الدنيا وجد قومًا مساكين، غلابة، حالتهم صعبة قوى، ساكنين بين جبلين كبار، لكن كان فيه ناس غريبة متوحشة، متعرفش جنسهم إيه بالظبط، هل هما إنسان «النياندرتال» اللى العلماء اتكلموا عنه واكتشفوا آثاره؟ الله أعلم، المهم إن الناس المتوحشة دى عبارة عن شعبين، هما شعب يأجوج، وشعب مأجوج، يعنى دول يأجوج ومأجوج اللى ربنا قال لنا عنهم فى سورة الكهف، من الآية 93 للآية 97، وأكيد معظمنا بيقرأ سورة الكهف يوم الجمعة وحفظ قصتهم، المهم يأجوج ومأجوج دول كانوا ساكنين تحت الأرض، أيوه تحت الأرض!.

فى الغالب فى القشرة الأرضية السطحية، أو يمكن فى كهوف ممتدة تحت الأرض الله أعلم، لكن الناس دى كانت شريرة جدًا، كل شوية يطلعوا من تحت الأرض من خلال فتحة عملوها بين الجبلين اللى كان أصحابنا الغلابة ساكنين بينهم، وبعد ما يطلعوا بالمئات والآلاف هاتك يا قتل ويا سرقة، يقتلوا اللى يقدروا عليه، ويسرقوا مواشيهم ومحاصيلهم الزراعية ومنتجاتهم الجلدية، وكل شىء يوصلوا ليه، الدنيا قفلت فى وش القوم الغلابة دول، مش عارفين يقاوموهم إزاى، فجأة وجدوا جيش جاى من بعيد، جيش مين ده؟ دا جيش ذى القرنين، الملك العادل، عرفوا من تصرفاته وتصرفات جيشه إنه ملك طيب، وعادل، وحكيم، خصوصا لما ذو القرنين بعت لهم يسألهم عن حالهم: هل فيه حد بيظلمكم؟.

الناس من ربكتهم ما كانوش عارفين يعبروا عن الحالة اللى كانوا فيها، وبيتكلموا كلام مش مفهوم ولغة مش معروفة، لكن لأن ذو القرنين عنده معرفة بكل علم بما فيها علوم اللسانيات، عرف يتفاهم معاهم، وعرف مشكلتهم، قالوا له: اعمل معروف، انت ربنا بعتك لينا علشان تنقذنا من القوم الظالمين دول ولاد اللذينا يأجوج ومأجوج، وانت ما شاء الله عندك جيش قوى وعلم، فياريت يا سيدنا الملك تعمل بعد الفتحة اللى بيطلعوا منها، اللى هيا بين الجبلين، تعمل سد كبير، فيقوموا ما يعرفوش يعدوا ويوصلوا لينا، الملك ذو القرنين قالهم حاضر، أنا هاساعدكم، بس مش هأعمل اللى انتوا عايزينه لوحدى، لأه يا خويا انت وهو، أنا عايزكم تساعدونى، ربنا قال لنا فى القرآن إنه قال لهم: «فأعينونى بقوة» مش مجرد معاونة وبس، لأه لازم تكون قوية وقوية جدا، لوحدى مش هاقدر أعمل لكم حاجة، رغم أن عندى معرفة بكل علم، وبدأ العمل.

قالهم مش هانعمل سد، لأن السد مهما كانت قوته ممكن خلال عشرين سنة أو ميت سنة أو حتى خمسمية سنة، ممكن يتهد، لكن احنا بكل بساطة نردم الفتحة اللى بيطلعوا منها، ودى هيا الفتحة الوحيدة اللى يقدروا يوصلوا ليكم منها، قالوا له: ياريت يا جناب الملك، احنا كل شوية نردم الفتحة دى وبرضوا بينقبوها، يعنى بيفتحوها، وبعدين بيطلعوا منها، علشان كده فكرنا فى السد، قالهم، أصلكم بتردموها بالطين والصخر، لكن أنا هاردمها بحاجة تانية، إيه هيا؟ بالحديد، أنا عندى معرفة بالعلم ده، هانجيب الحديد وهانعمل أفران نحطه فيها نطلعوا ألواح، نحطها فى الفتحة الكبيرة دى، وندوب عليها نحاس، دى بقى لا يمكن ينقبوها، لكن يلا بقى اتحركوا معايا، وكلهم اتحركوا معاه، وساعدوه، وعاونوه، لحد ما اتحقق المراد وهدموا الفتحة وردموا عليها بالحديد والنحاس..

المهم الناس دى فى الحقيقة كانت محظوظة، ما كانش عندهم نشطاء ولا سوفسطائيين ولا عملاء ليأجوج ومأجوج، ومحدش طلع وقال: الراجل ده مش عارف يسوق، يسيبها بقى وينزل، قلنا له يعمل سد أم عمل ردم للفتحة، وما كانش عندهم حد قال: الراجل ده هايضيعنا، خلانا نسيب الزراعة اللى احنا فالحين فيها وقاعد يعمل فى مشروع لسد الفتحة، وواخدنا كلنا نشتغل فى الحديد اللى منعرفش عنه حاجة، ومحدش قال: أنا قلتلكم إن الراجل ده على علاقة بيأجوج ومأجوج، وأمه يأجوجية، وعمه مأجوجى، بدليل إنه ممكن بجيشه يقبض على رؤساء المآجيج واليآجيج ويحاربهم مباشرة لكن فكَّر فى الهدم وخلاص، ياعم دا مش بتاع بناء، قلنا هانبنى السد العالى وهو قال لأه هانهدم... ولا حد عندهم قال: قسمًا عظمًا يا قوم إن هذا الرجل يبحث عن المُلك والسلطة فقط لأنه مهتم بالجيش، وما ينفقه على الجيش ممكن يديه لينا نشبرق بيه على نفسنا ونعوض السنين اللى فاتت.

الحقيقة كلهم كانوا إيد واحدة، وكانوا بيعاونوه بقوة، مش بيكسروا فى مآديفه، كلهم كانوا فاهمين، وهما اللى فوضوه، وهما اللى طلبوا منه، ولما اشتغل كانوا معاه فى المقدمة، خلصت الحكاية، وفى النهاية أقول على رأى الفنان الكبير بشارة واكيم وهو يتحدث منبهاً يوسف وهبى بعد أغنية أسمهان: «كلام إلك يا جارة».

كلهم كانوا إيد واحدة، وكانوا بيعاونوه بقوة، مش بيكسروا فى مآديفه، كلهم كانوا فاهمين، وهما اللى فوضوه، وهما اللى طلبوا منه، ولما اشتغل كانوا معاه فى المقدمة