رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كرة النار التى يحملها البرلمان

مجلس النواب
مجلس النواب

انقسام داخل ائتلاف الأغلبية بسبب الاتفاقية.. ونواب من «دعم مصر» يطالبون باستفتاء الشعب
حكم «الإدارية العليا» يحدد مصير «ترسيم الحدود» بين المناقشة أو التجميد
120 عضوًا بالبرلمان أعلنوا رفضهم اتفاقية ترسيم الحدود


تباينت ردود الأفعال الصادرة عن أعضاء مجلس النواب، فى أعقاب الإعلان عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، المعروفة بقضية جزيرتى «تيران وصنافير»، بين مؤيد لمصرية الجزيرتين وآخرين يرون أن الجزيرتين تابعتان للمملكة العربية السعودية، ما أدى إلى حالة من التراشق والتخوين بين النواب بعضهم البعض.

ما بين نواب اتخذوا موقفهم مراعاة للغضب الشعبى المؤيد لمصرية الجزيرتين، أو لخاطر الحكومة التى بدت منحازة لسعوديتهما، ينتصب «سيف الحياء» تحت القبة، ليحدد مواقع الكثير من نواب الشعب، حيث تعد قضية جزيرتى «تيران وصنافير» أكثر القضايا التى مثلت اختباراً حقيقياً صعباً للأعضاء، ما بين الانحياز لهذا أو ذاك.



معسكران نيابيان بعد نقل تبعية «تيران وصنافير».. وتحذيرات من فتنة «مصرية - سعودية»

تباينت ردود أفعال أعضاء مجلس النواب، حول اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، إذ قال الدكتور محمد سليم، عضو مجلس النواب عن ائتلاف «دعم مصر»، إن كل الشواهد والوثائق التاريخية تؤكد أن جزيرتى «تيران وصنافير» سعوديتان، وإن الإعلام ضخَّم القضية، لافتًا إلى أن الخلاف الدائر يصب فى مصلحة إسرائيل، مطالبًا من يقول إن هذه الجزر مصرية بقراءة التاريخ جيدًا حتى لا يقوم بإشعال فتيل الفتنة والبلبلة دون داع، حيث إن جميع الوثائق التاريخية تشير إلى أن الجزيرتين كانتا وديعة لدى مصر لحمايتها عقب العدوان الثلاثى على مصر.

وأوضح «سليم» أن الحكومة ارتكبت خطأ خاصا بسيادة مجلس النواب، من خلال تأجيل موافقة البرلمان بعد الانتهاء من الاتفاق مع الجانب السعودى على تسليمه الجزيرتين، ما يخالف المادة 151 من الدستور.

فيما كان رد فعل أحد نواب محافظة جنوب سيناء مختلفاً تمامًا عن الرأى السابق، حيث قال النائب عطية موسى جبلى إن جزيرتى «تيران وصنافير»، بالإضافة إلى محمية رأس محمد التابعة لدائرته الانتخابية ــ أراض مصرية، مضيفًا أنه منذ الصغر وهو يعلم جيداً أنها جزر مصرية خالصة.

وأضاف «موسى» أن أهالى سيناء يعلمون أن هذه الجزر مصرية 100% بلا أدنى شك، مشيرًا إلى أن أهالى دائرته مذهولون وفوجئوا من إعلان الحكومة المصرية أن الجزيرتين سعوديتان، متسائلين: كيف حدث هذا القرار من قبل الحكومة المصرية؟

وأوضح «موسى» أن الاتفاقية التى تمت بين مصر والسعودية لابد من طرحها على مجلس النواب أولاً، للتباحث بشأنها والاطلاع على الوثائق التاريخية والترسيم الدولى للحدود المصرية والسعودية ومن ثم التصويت على القرار.

وطالبت نائبة دائرة «أوسيم والوراق» بمحافظة الجيزة، هيام حلاوة، بالهدوء فى التعامل مع ملف جزيرتى «تيران وصنافير»، مشيرة إلى أن معظم المهتمين بالنواحى التاريخية يعلمون أن جزيرتى «تيران وصنافير» تابعتان للمملكة العربية السعودية، ولكنهما تحت سيطرة الدولة المصرية منذ منتصف القرن عقب العدوان الثلاثى على مصر.

وأضافت «حلاوة» أن البرلمان سوف يراجع كافة الاتفاقات التى وقعتها مصر مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، التى كان أبرزها اتفاقية إعادة ترسيم الحدود التى أثارت بعض التساؤلات لدى عدد كبير من المواطنين، وذلك تنفيذا للمادة 151 من الدستور.



خناقات بين الأغلبية و«30-25».. ودعوات للتصويت بالاسم على «ترسيم الحدود»
بعد مطالبات برلمانية متواصلة بإرسال اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية إلى مجلس النواب، امتثلت الحكومة مع اقتراب جلسة النطق بالحكم فى طعنها على حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، واعتبار «تيران وصنافير» جزراً مصرية، مما اعتبره بعض النواب توريطاً لمجلس النواب، وقال محمد السويدى، رئيس الائتلاف، يجب علينا أن نتبع أصول الاختلاف وأدب الحوار، وأن نستمع لجميع الآراء، مؤكداً أنه لن يتم اختطاف النواب بمثل هذه الأفعال، والنائب حر ومنتخب، ويجب أن يصدر رأيه بعد الاستماع والتأكد ولا يمكن بناء الآراء بناء على التصريحات الإعلامية والمواقع الإلكترونية، ومحاولة فرض الرأى الآخر بالاستباق هى ديكتاتورية من الأقلية ولن ترهبنا.

وأضاف «السويدى»: على المستوى الشخصى لن أكون رأياً إلا بعد أن أرى المستندات والأوراق وأن أطلع عليها بنفسى وسأجلس للاستماع للخبراء والمختصين ولا عيب فى ذلك، بل إن ذلك هى الأصول، وهذا ما يجب أن تسير عليه كل الأمور. وتابع «السويدى»: وضع مضيق تيران طرأت عليه العديد من الأحداث التاريخية التى يجب أن ندركها ونحيط بها، وليست مسألة تؤخذ «من على الوش»، وإذا كانت هناك مناشدة من قبل البعض لإعلان بعض النواب عن مواقفهم عبر بيانات وتصريحات رسمية، فإن ائتلاف «دعم مصر» يدعو النواب إلى عمل ذلك فعلاً ولكن بعد الاستماع والفحص وليس قبل ذلك.

فيما رد الدكتور محمد عبدالغنى، عضو مجلس النواب، المتحدث باسم تكتل 25/30، على بيان ائتلاف «دعم مصر» قائلًا: إن قائمة شرف النواب فى قضية جزيرتى «تيران وصنافير» تمتد لتشمل أغلب النواب الذين أعلنوا رفض هذه الاتفاقية ورفض كل إجراءات الحكومة، من أول توقيعها مرورا بالتحايل على القضاء، حتى إحالتها إلى مجلس النواب.

وتابع عبدالغنى، فى بيان له، أن عدد النواب الرافضين زاد على 120 عضواً حتى الآن، فلا نعلم عن أى أقلية يتحدث رئيس ائتلاف دعم مصر ولا نفهم ما هو نوع «العافية» الذى يتهم به رئيس ائتلاف «دعم مصر» من أعلنوا عن موقفهم، فلا هم صاحوا أو تشاجروا أو أجبروا نائباً واحد على تبنى هذا الموقف الشريف من وجهة نظرهم. وامتد الأمر إلى مناوشات داخلية بمجلس النواب، حيث صعّد عشرات من أعضاء مجلس النواب موقفهم، وأعلن تحالف «حق الشعب»، الذى يضم فى عضويته عدداً من النواب المستقلين، رفضه إحالة الاتفاقية إلى البرلمان من قِبَل الحكومة.

وطالب النواب بالتصويت بالاسم على الاتفاقية، بعد مناقشتها، وإذاعة الجلسة على الهواء، مشددين على أنهم لا يعارضون الدولة أو الرئيس عبدالفتاح السيسى، لكنهم يرفضون سياسات الحكومة التى وصفوها بـ«الفاشلة».

فى السياق نفسه، قال مصطفى كمال الدين حسين، منسق التحالف، إن الحكومة ثبت فشلها، وتريد إحداث صدام بين البرلمان والقضاء والشعب، كما علق أعضاء تكتل 25/30 شارة تحمل جملة «تيران وصنافير مصرية» على ملابسهم، وهو ما أدى إلى تدخل رئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال، واعتبر هذه الشعارات مخالفة للائحة مجلس النواب، التى تنظم الأعمال الداخلية.




خلافات داخل «دعم مصر» حول الملف

سيطر الجدل على نواب ائتلاف دعم مصر، وودعا البعض إلى الجزيرتين، حيث قال النائب علاء عبدالمنعم، نائب رئيس الائتلاف، إنه لا يحق لأحد التفريط فى شبر من الأرض المصرية، مشيرًا إلى أنه يجب التفريق بين مصطلح «السيادة» و«الملكية» على الأرض المصرية، لافتًا إلى أن الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية لن يمر دون استفتاء شعبى.

وأضاف عبدالمنعم لـ«الدستور»، أن الاتجاه السائد داخل ائتلاف الأغلبية فى البرلمان يتجه إلى طرح الاتفاقية على استفتاء شعبى، منعًا لتوريط البرلمان فى القضية المثيرة للجدل، مشددًا على أنه لو ثبت بالوثائق والخرائط أن الجزيرتين مملوكتان للسعودية، فذلك لن يمنع من أن السيادة المصرية ثابتة عليهما والإجراء المتبع فى هذه الحالة هو استفتاء الشعب على التخلى عن السيادة وذلك طبقًا للمادة 151 من الدستور التى تشرح مفهوم السيادة على الجزيرتين، والتى وردت فى اتفاقية كامب ديفيد فى الملحق (ج) الذى يحظر تواجد أسلحة ثقيلة على الجزيرتين ولم تعترض أى دولة بما فيها السعودية.

من جانبه، قال النائب طارق الخولى، القيادى بائتلاف «دعم مصر»، إنه لا يجوز إبرام أى اتفاقية أو معاهدة مخالفة للأحكام الدستور أو التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة، موكدًا ضرورة دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة على الأراضى المتنازع عليها.

وأضاف «الخولى» أن نواب المجلس سيطلبون الاطلاع على كل الخرائط والوثائق التاريخية المتعلقة بحدود مصر الشرقية لوقوف البرلمان على جميع الحقائق التاريخية والجغرافية، مشيرًا إلى أنه فى نفس الوقت لن يقوم الائتلاف بمناقشة الاتفاقية إلا بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن على حكم محكمة القضاء الإدارى الذى قضى بمصرية الجزيرتين.




الأحزاب تنتظر حكم «الإدارية العليا»

قال محمد الكومى، عضو مجلس النواب عن حزب «المصريين الأحرار»، إن نواب الشعب ينتظرون عرض الاتفاقية عليهم ودراستها ومناقشتها باستفاضة، وسيتم اتخاذ القرار وفق المصلحة العامة، مضيفًا أن حزب «المصريين الأحرار» سيشكل لجنة لدراسة الوثائق، وبحث الأمر وفقا للمعاهدات، ويضع نصب عينيه أحكام القضاء، خاصة أن الحزب دائمًا ما يميل لاحترام أحكام القضاء والفصل بين السلطات.

وأضاف الكومى لـ«الدستور»، أنه يجب انتظار حكم المحكمة الإدارية، المتوقع صدوره اليوم، والذى سيبت بشكل نهائى فى مصير الاتفاقية.

ووافق حزب «الوفد»، على الرأى نفسه، حيث طالب الحزب، رئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال، وأعضاء البرلمان، بتأجيل مناقشة اتفاقية «تيران وصنافير» لأجل غير محدد.

وقال النائب محمد فؤاد، المتحدث باسم حزب الوفد، «نحن أمام حقائق ووثائق واجتهادات ومواقف سياسية أدت إلى لغط غير مسبوق بمسالة تتعلق بالتراب الوطني، لافتًا إلى أن هناك من الوثائق والمستندات ما يؤكد مصرية الجزيرتين، وعلى الجانب الآخر هناك وثائق تشير إلى أن السعودية أوكلت لمصر إدارة الجزيرتين منذ عام 1950، وأصبحنا أمام خلاف لا تحتمله مصر فى تلك المرحلة الدقيقة.

وأكد «فؤاد» حرصهم على العلاقات مع السعودية ومواقفها التاريخية للراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وما قدموه من دعم لثورة 30 يونيو بما يستلزم إيقاف الحملات الإعلامية والآراء المتضاربة، فالمنطقة العربية فى خطر، ووحدة الصف العربى لا تكتمل إلا بوحدة جناحى الأمن القومى العربى مصر والمملكة. وعبر حزب «مستقبل وطن» عن رأيه، حيث قال رئيسه النائب أشرف رشاد، إنه لا يمكن لمواطن مصرى ينال شرف الانتماء إلى هذا الوطن أن يفكر ولو للحظة أن يتخلى عن ذرة رمل من تراب هذا البلد العظيم، وبالتالى فإن الحزب لن يقر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، ولن يحدد رأياً فيها إلا بعد أن يستقر فى عقل وقلب قياداته ونوابه ما يثبت انتماء جزيرتى تيران وصنافير لأى من مصر أو السعودية.

وأكد رشاد أن الحزب لديه ثقة كاملة فى مؤسسة وطنية حكيمة هى القوات المسلحة التى ضحت بدمائها يومًا ما للحفاظ على هذه الجزر وغيرها من الأراضى المصرية، وليس مقبولًا ولو مجرد التفكير أن تفرط هذه المؤسسة وقيادة مصر الحكيمة فى جزء من الأرض التى سالت عليها الدماء المصرية.

وحذر مما وصفه بمحاولة بعض المفكرين والقيادات السياسية صنع حالة من الاستقطاب لأى من الرأيين دون الاعتماد على دليل واضح، مشيراً إلى أن الحزب سيقبل على صفحته الرسمية ومقراته فى كل أنحاء الجمهورية جميع الدلائل والمستندات التى تثبت أياً من الرأيين، كما سينظم ورش عمل بشأن «تيران وصنافير» بمقراته الرسمية للنقاش حولها.