رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفرصة بنت جميلة


ليس أصعب من بعث جريدة الدستور من جديد، وسط هذه التحديات الإعلامية المحيطة، سواء على مستوى الصناعة، أو على مستوى المتلقى، زاد الكم فهدد الكيف، تعددت الوسائل، واختلفت الأمزجة، فتاهت الرسالة، وأصبحنا نجهل هل تصل بالفعل، أم تضل طريقها إلى المتلقى، أم أنه غير مهتم أساسًا باستقبالها؟!..

فلا تجد سوى خانة اليك مكانًا بلغة الطاولة، أو وضعية كش ملك على رقعة الشطرنج، إذا أتاح لك القدر، ورئيس تحرير أكاديمى، ومهنى محترف، لا يعمل إلا خارج الصندوق، مثل محمد الباز، أن تكتب أسبوعيًا فى جريدة لها رصيد مثل الدستور، وفى مرحلة ميلاد جديد لها، هى الأصعب على الإطلاق، حيث لا تعيش صحافتنا هذه الأيام، إلا حلاوة الروح.

ماذا تكتب؟.. ولمن تكتب؟.. سؤالان وإجابتان لابد منهما، وأنت تتأمل هذه الفرصة الذهبية، أن تكتب فى الدستور فى إصدارها الجديد.. والفرصة بنت جميلة، راكبة عجلة ببدال، شعرها بيطير قدامها، بيدارى علينا جمالها، والعاقل لو يلحقها، يتبدل بيه الحال.. هكذا وضع لنا الكينج محمد منير دستور التعامل مع الفرصة فى حياتنا، فى أغنية شهيرة ألفها أحمد أبوذكرى، ولحنها ماجد عرابى.. ثم تأتى أهمية الإجابة على سؤال.. كيف تكتب؟.. فلابد وأن تختلف ككاتب على صفحات الدستور، وإلا ضاعت الفرصة، وتهت وسط الزحام داخلها وخارجها، وما أصعب الاختلاف على صفحاتها.

أما عن ماذا؟.. فلا أجد سوى قضيتين، أراهما الأهم، بل ويمثلان فى نظرى مفتاح الحل لوطن لا يزال فى مأزق، تتعلق الأولى بحتمية إيجاد صيغة للتواصل مع الشباب المعزول المأزوم، بكل تمرده وغضبه، وبهدف التفاعل معه بعيدًا عن أى وصاية من أى نوع، واحتوائه احتواء صحيًا، يسهم فى خلق حالة التصالح والتوازن داخله، مع نفسه وأهله وبلده، بل ودفعه فى اتجاه المشاركة والتغيير، بدلًا من قناعة الاكتفاء بالرفض والانعزال، وتتلخص الثانية فى التنوير، وتصحيح المفاهيم، وردها إلى أصولها العلمية، وضرورة كسر التابوهات، والقوالب المسيطرة على عقولنا وأرواحنا، فى الدين والسياسة، والعادات والتقاليد، والفكر والثقافة، والتربية والتعليم، وغيره وغيره، والصلة بين القضيتين وثيقة، فلن يصنع الفارق إلا الشباب، ولن نتقدم خطوة إلا بالتنوير.

فإذا جاء أوان لمن؟.. فلا أسهل منها إجابة، فلن أكتب يومًا إلا للجميع، فما أحوجنا للتواصل ولم الشمل، دعونا نتواصل بجرأة، بعيدًا عن أى تمييز، أدعوكم هنا للاختلاف، ولأن يأتى اختلافنا من أجل التوافق، فالوحدة فى التنوع، أن نتكامل باختلافاتنا.. وعن كيف؟.. فليس إلا سلاسة الأسلوب، وبساطة التعبير، فقد منحتنى الدستور شهادة الاعتماد، ولا حاجة الآن لفرد العضلات فى السياق والمرادفات، وليكن آية التنوير ابن رشد، الفيلسوف الإسلامى المجدد، هو الاسم الثابت لمساحتى الأسبوعية معكم، فقد ولد وعاش وغاب منذ قرون طويلة، ويلح علينا اليوم بقوة.. فأهلًا بكم على صفحات الدستور.