رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الله محبة


 زميلك أو صديقك أو جارك يذهب إلى كنيسة مكتوب عليها «الله محبة» فهل تحرق له هذه الكنيسة؟ وهل تقول له إن الله ليس محبة ولكنه إرهاب وقتل وذبح وتكفير وتجهم وعدوانية ودمار وخراب وحرائق وفتن وكراهية وحقد وقلوب سوداء ونفوس مريضة وعقول خربة وغلظة فى غير الحق وتطرف وحماقة وغباء؟

زميلك أو صديقك أو جارك القبطى لم يقل لك إن ديانتك حرام، ولم يمنعك من دخول المساجد أو صيام رمضان أو أداء فريضة الحج، ولم يحرق لك منزلاً ولا مسجداً، ولم يزعجك بأصوات أجراس الكنائس خمس مرات كل يوم مثلما يفعل المسلمون المؤمنون فى مكبرات الصوت الرهيبة التى تنطلق من مئات الآلاف من المساجد والزوايا بكل محافظات مصر، ولم يسخر من عاداتك وأعيادك الدينية بل أحياناً يشاركك فيها، ولم يستبح دمك مثلما تستبيح دمه، ولم يستعد عليك خمسة مليارات مسيحى ومللاً أخرى مثلما تستعدى ضده المليار مسلم فى كل قارات العالم، فهل مثل هذا الزميل أو الصديق أو الجار أو حتى المواطن يستحق منك أن تكرهه أو تتوجس منه أو تناصبه العداء وتشارك فى حصاره وتطالب بمنعه من حرية بناء دور العبادة، وتتحول أحياناً إلى إرهابى مجرم تحرق منزله وتطرده من قريته أو الحى الذى نشأ فيه؟

 لا أنت ولا جارك القبطى عشتما فى عهد محمد بن عبدالله ولا عيسى بن مريم، عليهما الصلاة والسلام، ولكنك ورثت الإسلام عن أبيك وورث جارك الدين المسيحى عن أبيه، فهل تقاتله وتكرهه لأن أباه لم يكن مسلماً كأبيك، وهل تنكر عليه الالتزام بعقيدة أسرته مثلما فعلت أنت؟ وهل تطالبه بأن يقضى عمره فى دراسة الأديان ثم يدرك أن دينك حق ودينه باطل فيترك ديانة آبائه وأجداده ويتحول إلى الإسلام حتى يأمن إرهابك وكراهيتك وحقدك وسواد قلبك؟ وهل يقدم المسلمون فى هذا العصر صورة طيبة مشرقة وضاءة لدينهم حتى ينبهر الآخرون بها ويتركوا ديانتهم أو إلحادهم ويدخلوا فى دين الله أفواجاً؟ هل أنت أيها المسلم الإرهابى الحقود أعمى البصر والبصيرة تستحق أن تكون عنواناً لأى شىء نظيف فى الأرض أو السماء؟

لو شاء الله أن يؤمن كل من فى الأرض جميعاً برسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، ما توقف الحاقدون والإرهابيون والمتطرفون والأغبياء والحمقى عن تكفير الناس، سوف يقولون إن فلاناً لم يكن مسلماً فى الأصل، وبالتالى لايجوز الاعتداد بعقيدته، وإن علاناً لا يلتزم بصلاة الجماعة، وإن ترتاناً من الشيعة وإن هذا من الصوفية، وإن ذاك من الدروز، وإن هذه متبرجة، وإن تلك لعوب، وإن المسلم الحق هو السلفى، وإن كل الآخرين مسلمون زائفون لم يدخل الإيمان قلوبهم كما دخل قلب الشيخ حسان والشيخ برهامى والشيخ معاوية بن أبى سفيان!!

أخى وصديقى وجارى وزميلى وابن بلدى وابن أية قارة من قارات هذا العالم.. يشرفنى أن أهنئك بأعياد الميلاد، وأسأل الله ربى وربك ورب كل الناس أن يجعل كل أيامك أعياداً .. أخى المسيحى أينما كنت، كل عام وحضرتك بخير وسلام تنشر بين الناس المحبة والخير والتسامح، كل عام وأنت أفضل وأنقى وأكرم من كل أعدائك وكارهيك.