رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نشأة الإرهاب..والاتجاهات السياسية «1-2»


إن أسباب الإرهاب تختلف باختلاف المجتمعات، تبعاً لاختلافها فى اتجاهاتها السياسية، وظروفها الاقتصادية، والاجتماعية، وأحوال شعوبها الدينية.

إن الكشف عن جذور التطرف، والعنف والإرهاب ومعرفة أسبابه هو موضوع الساعة وهو فى نظرنا من أشد الموضوعات خطورة وأثرًا وأجدرها بالدرس المتأنى ذى النفس الطويل ذلك لأن المسلمين اليوم وهم يواجهون مشكلات الحضارة وتحديات العصر ومعركة البقاء لا يواجهون ذلك كله وهم على منهج واحد كما تواجهه الأمم الأخرى بل هناك مناهج لدينا نشأت أو قل نبتت من الابتعاد عن المنهج الأمثل المنهج الحق الذى ارتضاه لنا رب العالمين.

ولا شك أن الواجب إصلاح مناهج التعليم بما يتوافق مع مبادئ الأمة وثوابتها، وقيمها وموازينها، وأن يكون للمقررات الشرعية – عقيدة وعبادة وأخلاقاً – القدر الذى تتحقق به الكفاية، ليكون التعليم مصدر هداية وتوجيه وتهذيب، يغرس فى نفوس الأجيال قوة هادية موجهة، وقوة مؤثرة دافعة، تنظم دوافع الفرد، وتوظف سائر قواه لتفيض بالخير والبر، ولما يعود عليه وعلى مجتمعه بالفائدة، والمنفعة.

وإن «من الخطأ البين أن نظن أن فى نشر العلوم، والثقافات وحدها ضماناً للسلام والرخاء، وعوضاً عن التربية والتهذيب الدينى والخلقي، ذلك أن العلم سلاح ذو حدين يصلح للهدم والتدمير، كما يصلح للبناء والتعمير، ولابد فى حسن استخدامه من رقيب أخلاقى يوجه لخير الإنسانية وعمارة الأرض، لا إلى نشر الشر والفساد، ذلكم الرقيب هو العقيدة والإيمان».

تثقيف النّاس وتربيتهم على قيم الدّين الصّحيحة، وتوعيتهم بما جاءت به الشّريعة الإسلاميّة من توجيهات، وما أكّد عليه النّبى عليه الصّلاة السّلام من أخلاقيّات وضوابط تحكم سلوك الإنسان فى حياته، وإنّ من شأن التّربية الصّحيحة من منبع الدّين الصّحيح والشّريعة الحقّة أن تصحّح أفكار من يتوجّه إلى فكر الإرهاب بحيث يستدرك خطأه، ويعود عنه حينما يبدو له الصّواب والحقّ. بيان خطر الإرهاب على الأمّة.

فنحن نرى ونلمس ما يسبّبه الإرهاب من آثار سيّئة على الأمّة الإسلاميّة والدّين الإسلامى، حيث شوّه كثيرًا من معانى الدّين الجميلة النّاصعة البياض، وأساء للمسلمين فى الغرب، ويلعب الإعلام هنا دورًا كبيرًا فى توجيه تلك الرّسالة والتّحذير من مخاطر الإرهاب. وأخيرًا لابدّ أن لا نستبعد الخيار العسكرى فى مواجهة الإرهاب كوسيلة ردع لمن تسوّل له نفسه العبث بمقدّرات الأمّة، وتخريب ديارها وأوطانها، وتمكين العدو من استباحتها والسّيطرة عليها.

يعد الاقتصاد بتقلباته وما يلحقها من تغيرات مؤثرة فى المجتمعات الفقيرة من الأسباب الخطيرة المحركة لموجات الإرهاب فى العالم، وتبشر العولمة التى قد تجتاح العالم فى الأعوام المقبلة بمزيد من الأزمات الاقتصادية للدول والمجتمعات المطحونة، مما يزيد الفجوة بين الدول الغنية، والدول الفقيرة، ويتوقع بعض المفكرين والمحللين الاجتماعيين زيادة المكانة والأهمية والنفوذ لرجال المال والتجارة، وبالمقابل انحسار نفوذ ودور أهل السياسة، ويتوقع أحد أولئك المفكرين «وليام نوك» مؤلف كتاب «عالم جديد متغير» أن يكون الإرهاب رد الفعل المقابل للمتغيرات الاقتصادية الخطيرة، تعبيراً عن سخط المجتمعات والفئات المطحونة، ويتوقع أن يستغل الإرهابيون التقدم العلمى والتقنى فى القرن المقبل، فى تحويل الأموال والأفكار والتعليمات بين مواقعهم، من أقصى الأرض إلى أدناها، بواسطة الأنظمة المصرفية العالمية وشبكات الإنترنت... ويأتى هذا فى خضم انتشار المصالح الشخصية وفرض سيطرة التجارة والمال وغياب القيم والأخلاق التى تحكم المجتمعات.