رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السياحة العالمية تتحدى "إرهاب 2016".. 956 مليون سائح بزيادة 34 مليونا عن العام الماضي.. وطيران أمريكا الشمالية يحقق أعلى صافي أرباح

جريدة الدستور

أشارت الأرقام والاحصاءات الخاصة بحركة السياحة العالمية إلى نمو القطاع بمعدل متوسط خلال عام 2016، بالرغم من الهجمات الارهابية والأحداث السياسية المتلاحقة والنزاعات المسلحة التي أضرت بالسياحة في مناطق بعينها مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وبلغت أعداد السائحين على مستوى العالم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري نحو 956 مليون سائحٍ بزيادة قدرها 34 مليون سائح عن الفترة ذاتها من عام 2015، أي ما يوازي 4%، ما يعني أن عدد السائحين قد يتخطى حاجز المليار و200 مليون سائح خلال عام 2016 كاملا بعد حساب الربع الأخير بما يشهده من أعياد الميلاد وعطلات رأس السنة، خاصة مع نظرة خبراء السياحة الإيجابية للنشاط السياحي في الربع الأخير في مناطق أفريقا والأمريكتين وآسيا والمحيط الهادي، مع وجود نظرة حذرة للنشاط السياحي في مناطق أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ووفقا لمنظمة السياحة العالمية، فإن الفترة بين يناير وسبتمبر الماضيين شهدت طلبا متفاوتا على السياحة العالمية، فبعد البداية القوية خلال الربع الأول من العام تباطأ النمو في الربع الثاني قبل أن يعاود مجددا التقدم بقوة في الربع الثالث، وسجلت معظم المقاصد السياحية نتائج مشجعة خلال هذه الفترة مع وجود بعض المقاصد التي عانت، أو مازالت تعاني، من تداعيات الأحداث السلبية مثل العمليات الإرهابية أو النزاعات المسلحة في بعض البلاد أو المناطق.

وشهد عام ٢٠١٦ وقوع هجمات إرهابية في عدد من المدن الأوروبية، كان أبرزها على الترتيب الهجمات التي تبناها تنظيم داعش الارهابي في العاصمة البلجيكية بروكسل خلال مارس، والهجومان اللذان وقعا في مدينتي نيس الفرنسية وميونخ الألمانية خلال يوليو، ولم تسفر هذه الهجمات عن سقوط عشرات القتلى والجرحى فحسب، بل أثرت على قطاع السياحة في هذه الدول وعلى مستوى القارة الأوروبية ككل، خاصة إذا ما تم الوضع في الحسبان أن هجمات بروكسل جاءت بعد أربعة أشهر فقط من الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر ٢٠١٥، ما يعني أن الإرهاب يستهدف القارة الأوروبية بوتيرة متلاحقة.

كما شهد العام الجاري وقوع بعض الأحداث السياسية التي أثرت على النشاط السياحي في تركيا، التي شهدت محاولة للانقلاب العسكري باءت بالفشل منتصف يوليو، كما انخرطت أنقرة في عمليات عسكرية ضد الأكراد الذين شنوا بدورهم هجمات داخل البلاد كان آخرها استهداف لعناصر شرطة خارج ملعب بشكتاش قبل أسبوع، واستهداف حافلة تقل عسكريين في محافظة قيصري وسط البلاد صباح اليوم، فضلا عن تدخل تركيا سياسيا وعسكريا في الساحة السورية.

واستمرت النزاعات المسلحة والهجمات الإرهابية خلال العام الجاري في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه التحديد، وأضرت الحروب الأهلية والصراعات في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا بالنشاط السياحي ليس فقط في هذه البلدان، ولكن أيضا في الدول المجاورة التي تمر بمرحلة التعافي من الاضطرابات السياسية لديها، أو تلك التي اضطرت للتدخل في هذه الصراعات بشكل أو آخر، ما أثر بشكل سلبي على قطاع السياحة في هذه الدول.

وفي هذا السياق، اعتبر أمين عام منظمة السياحة العالمية طالب الرفاعي، في بيان له خلال سبتمبر الماضي، أن السياحة هي أحد أكثر القطاعات الإقتصادية قدرة على الصمود وأسرعها نموا، ولكنها في الوقت نفس شديدة التأثر بالمخاطر سواء الفعلية أو المستشعرة، لذلك يتوجب على مجتمع السياحة العالمي أن يواصل العمل مع الحكومات والجهات المعنية للحد من المخاطر وبناء الثقة لدى السائحين .

وعلى المستوى الإقليمي، حققت منطقة آسيا والمحيط الهادي أعلى معدل نمو للنشاط السياحي على مستوى العالم خلال العام الجاري، حيث ارتفعت أعداد السائحين الدوليين الوافدين إلى دول هذه المنطقة بنسبة 9% حتى شهر سبتمبر، وسجلت بعض دول المنطقة نموا مزدوج الأرقام مثل كوريا الجنوبية بزيادة نسبتها 34%، وفيتنام بزيادة نسبتها 36%، واليابان بزيادة نسبتها 24%، وسريلانكا بزيادة نسبتها 15%.

وتأثرت بعض المقاصد السياحية التي سجلت نموا مزدوج الأرقام في أوروبا بتراجع النشاط السياحي في دول أخرى، حيث حققت إسبانيا والمجر والبرتغال وآيرلندا نموا قويا في النشاط السياحي قوبل بتراجع كبير مسجل في فرنسا وبلجيكا وتركيا جراء ما شهدته الدول الأخيرة من أحداث، وفي الوقت الذي سجلت فيه بعض الأقاليم نموا في النشاط السياحي مثل شمال أوروبا بزيادة نسبتها 6%، ووسط وشرق أوروبا بزيادة نسبتها 5%، سجلت أقاليم أخرى تراجعا في النشاط السياحي مثل أوروبا الغربية بتراجع نسبته 1%، في حين لم تحقق دول جنوب أوروبا المطلة على البحر المتوسط أي نمو (0%)، ما أدى إلى ارتفاع معدل النشاط السياحي في أوروبا خلال الأشهر التسعة الأولى من 2016 بنسبة 2% فقط على أساس سنوي.

وتفوقت أمريكا الجنوبية على نظيرتها الشمالية في نمو النشاط السياحي خلال الفترة بين يناير وسبتمبر الماضيين، حيث ارتفعت أعداد السائحين الدوليين الوافدين إلى أمريكا الجنوبية بنسبة 7%، تلتها منطقة أمريكا الوسطى بنسبة 6%، ثم منطقة الكاريبي بزيادة نسبتها 4%، وأمريكا الشمالية بالنسبة ذاتها.

وأدى الانتعاش القوي للسياحة في دول جنوب الصحراء إلى تسجيل أفريقيا ككل نموا في النشاط السياحي خلال الفترة السابق ذكرها بنسبة 8%، وسجلت المقاصد السياحية في إقليم جنوب الصحراء نشاطا كبيرا على مدار العام، بينما شهدت منطقتا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تراجعا كبيرا في الربع الأول، قبل أن تتحسن تدريجيا في النصف الثاني من العام، لكن تبقى نتائج النشاط السياحي في هاتين المنطقتين سلبية خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام بتراجع نسبته 6%.

وفيما يتعلق بقوة الطلب على السياحة، فقد تصدرت الصين الأسواق العشرة الكبرى المصدرة للسياحة عالميا بزيادة في الإنفاق على السفر والسياحة بنسبة 19%، كما سجلت بريطانيا زيادة في الإنفاق بلغت 10%، وزاد الإنفاق في كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وأستراليا بنسبة 9% لكل منها، كما سجلت ألمانيا زيادة في الإنفاق بنسبة 5%، وفرنسا وإيطاليا بنسبة 3% لكل منهما، وكندا بنسبة 2%، في حين سجل الطلب على السياحة تراجعا كبيرا في روسيا بلغت نسبته 37% خلال الفترة المذكورة.

وبعيدا عن الأسواق العشرة السابق ذكرها، فقد سجلت ثمانية أسواق أخرى نموا مزدوج الأرقام في الإنفاق على السياحة والسفر، وهي مصر بزيادة نسبتها 38%، ثم الأرجنتين بنسبة 27%، وإسبانيا بنسبة 19%، والهند بزيادة نسبتها 16%، ثم تايلاند وأوكرانيا بزيادة نسبتها 15% لكل منهما، وآيرلندا بزيادة في الإنفاق نسبتها 12%، والنرويج بزيادة نسبتها 11%.

في إطار متصل، سجلت حركة النقل الجوي على مستوى العالم نموا خلال عام 2016، حيث أفاد تقرير نهاية العام لاتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا)، بأن أعداد المسافرين جوا خلال العام الجاري بلغت 3.773 مليار مسافر، مقابل 3.568 مليار مسافر العام الماضي، بنمو نسبته 5.7%، فيما بلغت حمولة الشحن الجوي للبضائع نحو 53.9 مليون طن هذا العام، مقابل 52.2 مليون طن العام الماضي، بزيادة نسبتها 3.2%.

وبلغ الإنفاق على النقل الجوي بشكل عام خلال 2016 نحو 732 مليار دولار، مقابل 750 مليار دولار العام الماضي، بتراجع نسبته 2.4%، ويعود ذلك إلى التراجع المسجل في نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي ونمو التجارة العالمية خلال العام الجاري، حيث حقق إجمالي الناتج المحلي العالمي نموا بنسبة 2.2% خلال 2016 مقابل 2.6% خلال 2015، كما سجلت التجارة العالمية نموا خلال العام الجاري بنسبة 1.7% مقابل 2.7% تم تسجيلها العام الماضي.

وسجل صافي ربح خطوط الطيران في أفريقيا تراجعا خلال العام الجاري لتخسر نحو 800 مليون دولار، لتقلص خسائرها مقارنة بالعام الماضي الذي سجلت فيه تراجعا في صافي الربح بواقع 900 مليون دولار، بينما سجلت خطوط الطيران في منطقة آسيا والمحيط الهادي نموا في صافي الأرباح ليسجل 7.3 مليار دولار خلال العام الجاري، لكنها سجلت تراجعا مقارنة بالعام الماضي، الذي بلغت فيه صافي أرباحها 7.8 مليار دولار.

وفي منطقة الشرق الأوسط، بلغ صافي أرباح خطوط الطيران نحو 900 مليون دولار خلال العام الجاري، مقابل تحقيق صافي ربح قدره 1.1 مليار دولار العام الماضي، فيما سجلت خطوط الطيران في منطقة أمريكا اللاتينية نموا في صافي الأرباح ليصل إلى 300 مليون دولار، مقابل خسارة قدرها 1.7 مليار دولار العام الماضي.

وحققت خطوط الطيران في أمريكا الشمالية أعلى صافي أرباح على المستوى الإقليمي خلال العام الجاري بواقع 20.3 مليار دولار، لكنها سجلت تراجعا مقارنة بالعام الماضي الذي بلغ فيه صافي أرباحها 21.5 مليار دولار، في المقابل، حققت خطوط الطيران في أوروبا صافي أرباح قيمته 7.5 مليار دولار خلال العام الجاري، وهي نفس قيمة صافي الأرباح التي حققتها خلال عام 2015.

ويتوقع (إياتا) أن تسجل خطوط الطيران في أفريقيا خسائر في صافي الأرباح خلال العام المقبل بواقع 800 مليون دولار، وتسجل الخطوط الجوية في منطقة آسيا والمحيط الهادي صافي أرباح قيمته 6.3 مليار دولار، وتحقق الخطوط الجوية في الشرق الأوسط صافي أرباح قدره 300 مليون دولار، ويصل صافي أرباح الخطوط الجوية في أمريكا اللاتينية إلى 200 مليون دولار، وفي أمريكا الشمالية إلى 18.1 مليار دولار، وفي أوروبا إلى 5.6 مليار دولار.

وتأتي التوقعات السلبية لـ(إياتا) عن صافي أرباح خطوط الطيران العام المقبل على الرغم من التوقعات بأن ينمو إجمالي الناتج المحلي العالمي ومعدل التجارة العالمية بنسبتي 2.5% و2.6% على الترتيب خلال عام 2017.