رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المستشفيات الجامعية والموت البطيء للمرضى.. تعويم الجنيه ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية يهدد أرواح الغلابة.. الأدوية تباع بأضعاف أسعارها في السوق السوداء على الرغم من تدخلات رئاسة الوزراء

جريدة الدستور

على الرغم من أن المستشفيات الجامعية تمثل بالنسبة لمعظم أفراد الشعب نقطة "حياة أو موت"، وذلك لعدة اعتبارات وعلى رأسها بعض الخدمات المجانية التي تقدمها، ولكن في المقابل يتضح أن قلة الإمكانيات وسوء الخدمات داخل هذه المستشفيات، وعدم الاهتمام بها بالشكل الأمثل من قبل المنوطين بها، هي أبرز ما يظهر في هذه الأونة.

ومع تصريحات الدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، في وقت سابق، عن معاناة الوزارة من ضعف ميزانية المستشفيات الجامعية، إلى أنه حتى الآن لم يجد جديد لتطوير ميزانية هذه المستشفيات أو حتى تطوير أداء الخدمات، التي من المفترض أن تؤديها، بالإضافة إلى عدم وجود تأثير ملحوظ سواء في الخدمة أو في موضوع نقص الأدوية حتى الآن، على الرغم من تدخلات رئيس الوزراء.

وجاءت أزمة تعويم الجنيه لتلقي بظلالها على المستشفيات؛ حيث أنها تعاني من نقص هائل في أكثر من 1200 نوع دواء ومستلزمات الجراحة، مما يهددها بتوقف بعض الجراحات العاجلة كعمليات قلب الأطفال؛ حيث يوجد نقص في أدوية الصرع والتوحد والفشل الكلوي والعلاج الكيماوي بالنسبة لمرضى الأورام، بالإضافة إلى نقص في الخيوط الجراحية والتخدير والإبر الدقيقة وفلاتر الغسيل الكلوي والرئات الصناعية اللازمة لعمليات قلب الأطفال، الذين يقل وزنهم عن 8 كيلو جرامات، بالإضافة إلى امتناع بعض الشركات عن توريد الأدوية، والمستلزمات الطبية للمستشفيات الجامعية.

فيما تبادلت وزارتا التعليم العالي والصحة أصابع الاتهام بالمسئولية عن نقص تلك الأدوية في المستفيات الجامعية، إذ صرح الدكتور أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات، أن المستشفيات الجامعية في خطر، بسبب نقص الدواء والمستلزمات الطبية، مضيفًا أن الجامعات لا يمكنها تقديم أي شيء، وأن الأمر بات في يد وزارة الصحة ومجلس الوزراء، بسبب قيام بعض الشركات برفع سعر المادة الخام المستوردة بعد تحرير سعر العملة، مشيرًا إلى أن الاحتياطي بالمستشفيات الجامعية لا يكفي سوى شهرين على أقصى تقدير.

بينما قال الدكتور خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة، إن الوزارة مسئولة عن المستشفيات التابعة لها فقط، واتهم وزارة التعليم العالي بالتقصير في توفير المستلزمات الطبية لمستشفياتها الجامعية.

مستشفى أبو الريش الجامعي
اشتكى عدد من المواطنين الذين لجأوا للحصول على العلاج من مستشفى أبو الريش الجامعي التابع لجامعة القاهرة، من نقص في أدوية السكري، ما جعل بعض الأطباء في المستشفى يطلبون منهم توفير تلك الأدوية لأبنائهم من الخارج، الذين يجدون فيه مشقة نتيجة ارتفاع أسعار بعضها، وعدم توافر بعضها الآخر، هذا بخلاف نقص في أدوية الأورام، وبعض التحاليل، بالإضافة إلى عدم توافر أبسط المتطلبات، التي من المفترض أن يجدوها في أي مستشفى كالسرنجات، والبلاستر، والمشرط الجراحي، وخافض اللسان.

وأكد مصدر داخل مستشفى أبو الريش، أن المستشفى يعاني من عدم كفاية الميزانية المخصصة لها من قبل الجامعة، بالإضافة إلى انخفاض الدعم المخصص من الدولة لها، لذا فهي تقوم على التبرعات في المقام الأول، مضيفًا أن دعم الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة برصد 10 ملايين جنيه تخصص لشراء أدوية ومستلزمات علاج مجاني لمستشفى أبو الريش لسد احتياجات المرضى، سيساعد إلى حد ما في توفير بعض الأدوية والمستلزمات الناقصة، ولكن لن يكفى دائمًا، فهو لوقت محدد فقط، وتعود الأزمة للتفاقم من جديد.

مستشفى الدمرداش
فيما أكد مصدر بمستشفى الدمرداش، التابعة لجامعة عين شمس، أنه يوجد نقص شديد في عدة أنواع من الأدوية، منها أدوية الصرع والتوحد والفشل الكلوي والعلاج الكيماوي بالنسبة لمرضى الأورام، بالإضافة إلى نقص في الخيوط الجراحية والتخدير والإبر الدقيقة وفلاتر الغسيل الكلوي والرئات الصناعية اللازمة لعمليات قلب الأطفال، الذين يقل وزنهم عن 8 كيلو جرامات، مضيفًا أن المستشفى يعاني نقصًا هائلاً في أدوية الصرع، والأنسولين، وحقن الدوبامين، التي تستخدم عند دخول مريض الفشل الكلوي في غيبوبة، بالإضافة إلى أدوية التوحد، التي لا يوجد لها بديل نهائيًا.

بيينما أكدت طبيبة داخل صيدلية بمستشفى الدمرداش، أن العلاج الكيميائي لمرضى الأورام به نقص شديد؛ حيث إن هناك بعض العلاجات غير متوافرة إلا في السوق السوداء فقط، معلنًا إلى أن الدواء يباع بـ 650 جنيهًا للجرام، وأن الجرعة الواحدة للمريض تتراوح ما بين 10 جرامات إلى 15 جرامًا، وتابعت، كثيرًا ما نجد صعوبة في توفير العلاج المطلوب للمرضى لعدة أسباب، منها الإقبال الشديد من المرضى على المستشفيات الجامعية، إذ تخدم المستشفيات الجامعية ما يقرب من 70% من الحالات المعقدة لغير القادرين كمرضى الأورام والقلب، وتجري ما يقرب من 30% من العمليات الجراحية، كما أن ارتفاع ثمن العلاج وعدم توافر المواد الخام للأدوية لدى الشركة المنتجة يمنع المستشفى من توفير العلاج للمرضى، مما يضطرنا إلى أن نحول المرضى لإحدى الجمعيات الشرعية لتكملة علاجها مجاناً أو الانتظار لتبرعات أهل الخير، لحين توفير ثمن علبة العلاج، مشيرة إلى أن ثمن العلبة الواحدة لعلاج الأورام تبدأ من 700 جنيه، وتصل أحيانًا إلى 10 آلاف جنيه على حسب الحالة.

وأضاف مصدر بالمستشفى، أن وحدة الغسيل الكلوي والحضانات لن تستقبل مرضى جدد خلال الفترة القادمة وحتى انتهاء الأزمة الحالية، وتوفير فلاتر الغسيل الكلوي ومستلزمات الحضانات من وصلات رئوية وأجهزة تنفس وغيرها.

فيما كان المجلس الأعلى للجامعات قد رفع مذكرة عن احتياجات المستشفيات الجامعية إلى مجلس الوزراء، وكانت المستشفيات الجامعية أكدت أنها في حالة خطرة نتيجة تعرضها لنقص بعض الأدوية والمستلزمات الطبية، وتم عقد اجتماع بمسئولي المستشفيات الطبية وممثل عن الخدمات الطبية بالقوات المسلحة ومسئول بالإدارة المركزية للدواء بوزارة الصحة؛ لبحث الأزمة حيث إن الاحتياطي المتواجد بالمستشفيات الجامعية، من مستلزمات طبية وأدوية لا يكفي أكثر من شهرين.

الأمر الذي على أثره قام المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، بالموافقة على اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة، التي تضمن توفير كل احتياجات المستشفيات الجامعية- 86 مستشفى على مستوى الجمهورية- لما لها من دور محوري في تقديم الخدمات العلاجية والصحية للعديد من المرضى، وذلك خلال اجتماع وزاري بحضور وزيري التعليم العالي والصحة، وعدد من ممثلي الجهات المعنية؛ لبحث توفير احتياجات المستشفيات الجامعية من الأدوية والمستلزمات الطبية.

وتضمنت الإجراءات تكليف وزارة الصحة بتوفير احتياجات المستشفيات الجامعية من المحاليل الطبية والأدوية خلال أسبوع، وقيام الشركة المصرية لتجارة الأدوية بتوريد وتوزيع مشتقات الدم على جميع المستشفيات بما فيها الجامعية، وذلك بعد اعتماد مبلغ 31 مليون دولار من قبل البنك المركزي المصري، والترسية على إحدى الشركات؛ لاستيراد وتوفير كافة الاحتياجات المطلوبة من مشتقات الدم.

كما تم إجراء ممارسة عامة لاستيراد أدوية الأورام، على أن يتم توفيرها خلال فترة وجيزة، وتكليف وزارة الصحة بتوفير 65 ألف فلتر غسيل كلوي خلال أسبوع للمستشفيات الجامعية، بالإضافة إلى قيام وزارة الصحة بسداد 200 مليون جنيه لصالح وزارة التعليم العالي مقابل الخدمات الصحية، التي تقدمها المستشفيات الجامعية لمرضى التأمين الصحي.