رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حادث الكنيسة البطرسية يكشف تغير خريطة التنظيمات الإرهابية.. "الدستور" تنشر 3 خرائط تُظهر تطور الإرهاب بعد 30 يونيو

جريدة الدستور

دراستان أمنيتان حذرتا: 6 مجموعات جهادية و7 الاف ارهابي يحملون التفخيخ للشعب المصري
- "القاعدة" يستغل جماعات جهادية لإستنساخ إمارة اسلامية في مصر.. والإخوان المسلمين ذراع عسكري خفي.
- محور "مصر- سوريا" حلم الرايات السود لتأسيس وطن قومي للارهاب.. و30 يونيو حولته لكابوس.
- العائدون من أفغانستان يقودون تنظيمات افرج عنها "مرسي".. والعائدون من سوريا قنابل موقوته.
- "الناجون من النار" و"الشوقيين" سلاح الإخوان لإصطياد رجال الشرطة.. وتحالف "بن لادن" و"عزام" أسس المجاهدين العرب.
- السنانيرى أمر بإنشاء مدرسة لتدريب رجال تنظيم القاعدة في باكستان.. و900 من جهادي الفيوم تعلموا علي يده.






قديما علمونا في المدارس أن الجهاد في سبيل الله مفهوم إسلامي معناه تحرير الأرض والعرض وحماية المال وصد العدو عن جميع اراضي المسلمين، قديما ضحكوا علي عقولنا الصغيرة عندما زعموا أن الجهاد الحقيقي علي أسوار القدس لتحرير المسجد الأقصي من دنس الصهاينة، وتحرير الشيشان من عبث السوفيت.

اليوم أصبح الجهاد عنواناً لقتل الأمنين من المسلمين وغير المسلمين لمجرد الإختلاف في الرأي، أصبح عنوانا لمصالح شخصية لا تخدم إلا الغرب وإسرائيل الذي لعب علي وترها ما يسمي بالجهاد، أصبح جهاداً يقتل فيه المسلم أخأة المسلم، يقتل فيه من غُيب عقلة بإسم الإسلام ليفجر نفسه علي باب جامع أو داخل كنيسة.

ستون عاما والكيان الصهيوني يغتصب أرضنا في فلسطين ولم يطالب الجهاديون الجدد بفتح باب الجهاد في القدس، ستون عاما والآلة العسكرية الإسرائيلية تنتهك أعراضنا وتستبيح دماء أبناءنا في فلسطين ولم يحرك الجهاديون الجدد ساكناً امام بشاعة ما يفعلون، ستون عاما واليهود يدنسون باحة الأقصي بل وأحرقوة عام 1968 ولم يكلف هذا الإرهابي نفسه بالقصاص من أجل المسجد الأقصي.

كان الجيل الأول من الجهاديين يخرج في سبيل الله ليعيد العدل ويرفع الظلم عن المسلمين في آي من بقاع الأرض حتي لو حاربوا القوي العظمي، فقرأنا في التاريخ من تناجي الخليفة المعتصم "وا معتصمااااه"، الذي اقتحم من أجلها الإمبراطورية البيزنطية وحقق اعظم إنتصار للمسلمين في عمورية، اليوم نفس تلك المراة تُغتصب وتٌقتل كل يوم في فلسطين والجهاديون الجدد لا يتحركون.

الحقيقة أن حادث تفجير الكنيسة البطرسية في مدينة العباسية كشف عن تغير كبير في خريطة التنظيمات الارهابية، فقد أكد الخبراء العسكريين والأمنيين المعنيين بمكافحة الارهاب ان مصر بها 6 مجموعات جهادية وأكثر من 7 الاف ارهابي يحملون التفخيخ شعاراً لشعب مصر، فما بين "جلجلة والقسام والقاعدة والتكفير والهجرة والسلفية الجهادية وبيت المقدس خيط رفيع يكاد يتلاشي.. وعنوان واحد من العنف لا يفصلة الا الدم"، هذا ما اتفق علية خبراء الاسلام السياسي ورجال الامن القومي والاستراتيجي حينما اردوا ان يضعوا خريطة جديدة للارهاب في مصر اعتقدوا انها ستختلف عن خريطة ارهابي الثمانينات والتسعينات، ولكنهم فوجئوا عندما بحثوا في جذور تلك الجماعات انها جميعا خرجت من جلباب التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين.

الخريطة التي توصل الي بداياتها خبراء الاسلام السياسي والامن القومي تضم تنظيمات الرايات السود وبقايا تنظيم الجهاد والتوحيد وتنظيم السلفية الجهادية ومجلس شورى المجاهدين "أكناف بيت المقدس"، ومنظمة أنصار الجهاد وتنظيم أنصار بيت المقدس وجيش الجلجلة، وهذه التنظيمات التى تشير إليها أصابع الاتهام دائما فى عمليات اختطاف وقتل عناصر الجيش والشرطة، كما تعتبر مسئولة عن عمليات تفجير خط الغاز المصرى، وهى تتخذ من مناطق الجبال الوعرة وعلي الاخص جبل الحلال والوديان والمغارات ملاذات آمنة لعناصرها التى تتنقل بين الأراضى المصرية وقطاع غزة.

الغريب أن مؤسسة "فيرسيك مابيلكروفت" البريطانية، والرائدة في مجال تحليل المخاطر العالمية، كانت قد نشرت مؤخراً 3 خرائط توضح زيادة انتشار الإرهاب في مصر، ومراحل تطوره خلال سنوات ما بعد 30 يونيو، مبينة أن الفترة من ديسمبر 2012 حتي يناير 2015 كانت الأكثر دمويه، حيث توسع انتشار الإرهاب الداخلي، مستندة بذلك على عدد الضحايا من القتلى والمصابين والرهائن، حيث تظهر الخرائط الثلاثة تزايد الأماكن التي تعرضت للإرهاب.

وربطت المجلة تزايد حدة الإرهاب على الأراضي المصرية بالاضطرابات السياسية والفوضى التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الأخيرة، لدرجة أنه ظهرت جماعات إرهابية مثل أنصار بيت المقدس، التي ترتكب جرائم في سيناء وكذلك في قلب القاهرة، هذه الجماعات لا يمكن لأحد منذ بضعة أعوام أن يتخيل ظهورها في يوم من الأيام.

في ابريل 2015 حذرت صحيفة‮ "دي فيلت" ‬الألمانية في تقرير مطول عن تغير خريطة الارهاب في العالم، من سعي تنظيم القاعدة لتحويل مصر إلي إمارة اسلامية وقاعدة جديدة لينقل إليها ميليشياته، من خلال علاقاته القوية مع الجماعات الجهادية الموجودة بالداخل، ويأتي ذلك في إطار وجود مصر علي قمة أولويات القاعدة الآن بجانب سوريا لتحويلهما إلي قواعد لنقل الجهاديين إليهما لتكوين ما يسمي بوطن قومي للارهاب، ويقوم زعيم القاعدة المصري الأصل أيمن الظواهري بالاتصال ببعض الشخصيات الموالية للقاعدة دخل مصر لترتيب نقل التنظيم إليها، بعد ان دعا إلي ضرب الجيش المصري لأن هذا سيسهل عملية إسقاط الدولة‮.

كما أن العديد من الخلايا التابعة للقاعدة قد عادت إلي مصر الآن بعد سنوات من القتال في باكستان وأفغانستان وقد بدأوا سريعا الاتصال بأعضاء التنظيمات الجهادية التي أفرج عنها الرئيس المعزول مرسي من السجون مؤخرا من أجل تكوين جبهة قوية للتحرك داخل مصر، ‬وتعد مظاهرة رمسيس الشهر الماضي ورفع علم القاعدة بها ومن قبلها رفعه في حصار جهاز الأمن الوطني ورفع علم القاعدة عليه،‮ ‬وكذا حصار السفارة الأمريكية في القاهرة من قبل وتزامن تلك المظاهرات والدعوة إليها مع ذكري مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة دلالات هامة حول الانتشار الواسع لفكر القاعدة الذي توسع وجوده تحت حكم مرسي‮ وجماعة الاخوان المسلمين.

فقد شهدت سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى نمو سريعاً وواسعاً للجماعات الإسلامية الجهادية فى مصر، فى شكل ثلاثة تنظيمات رئيسية هى الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد وجماعة التكفير والهجرة، حيث كانت الجماعة الإسلامية أكثرها نفوذاً وأوسعها انتشاراً، حتى قدر البعض عدد أعضائها نهاية التسعينيات بما يقرب من 40 ألف عضو، فى حين يأتى فى المرتبة الثانية تنظيم الجهاد الذى بلغ عدد أعضائه فى نفس الفترة ما يقرب من 6 آلاف عضو، وأخيراً تنظيم التكفير والهجرة الذى يعتبر الأصغر بالمقارنة مع الجماعتين السابقتين حيث بلغ عدد أعضائه ما يقرب من ألفى عضو.

وعزا باحثون ومراقبون وخبراء أمن هذا النمو السرطانى لجماعات العنف الدينى منذ نهاية السبعينات لجملة من العوامل، أهمها انزلاق جيل كامل من المصريين إلى حالة من اليأس والإحباط والغضب، مع انهيار المشروع القومى عقب هزيمة السادس من يونيو عام 1967، ناهيك عن فجاجة التحولات التى شهدتها البلاد وموجات الهجرة إلى دول الخليج، بالإضافة إلى القبضة الحديدية التى أدتى إلى قمع وتهميش المعارضة السياسية، وهو ما أنتج ظاهرة الأحزاب الكرتونية عديمة التأثير فى الشارع والتى تستخدم كعامل مكمل للديكور الديمقراطي.

ومع تصاعد معدلات الفقر والقهر فى الريف وعلي الاخص في محافظات الصعيد، وانتشار الثقافة الدينية المسطحة والمتشددة فى آن واحد، خاصة بين سكان العشوائيات النازحين من الريف تحت وطأة الفقر بحثاً عن فرصة للحياة، وتراجع اليسار المصرى الذى اختار الاندماج مع الدولة الناصرية سواء عضوياً أو فكرياً، وتفكيك جماعة الإخوان المسلمين خلال الحقبة الناصرية، أصيبت الساحة السياسية المصرية بحالة من الفراغ المميت، سرعان ما تقدمت الجماعات الإسلامية الجهادية لاحتلاله، حيث كانت الأرض ممهدة سياسياً واقتصاديا واجتماعيا.

ورغم ان بعض العمليات الارهابية التي قام بها البعض في الداخل المصري وعلي الاخص في القاهرة والجيزة واسوان الا ان خبراء الامن القومي أكدوا علي ان سيناء تعد فى نظر جماعات العنف الدينى المكان الأمثل لزرع خلايا تنظيمية مسلحة وذلك لكونها معزولة نسبيا وتتميز بخصائص طبيعية تنتج تضاريس وعرة بسبب انتشار الجبال والكهوف الملائمة للعمل المسلح وصعوبة السيطرة الأمنية عليها، بالإضافة إلى سهولة النفاذ منها إلى قطاع غزة الذى يضم الكثير من التنظيمات الجهادية التى ترعاها حركة حماس عبر الأنفاق، كما أن الطبيعة البدوية لسيناء تساعد على حماية تلك الخلايا وأعضائها، ناهيك عن الفقر الشديد وارتفاع معدلات البطالة اللذان يعتبران رصيدا ثمينا للعمل الإرهابى.

عدد الجهاديين:

خبراء الامن القومي أكدوا علي ضرورة تغيير خطط المواجهة معلوماتيا وتكنولوجيا، في ظل تطور النوعية التسليحية للجماعات الارهابية، موضحين ان حادث محالة اغتيال وزير الداخلية تعد اغتيالا سياسيا لا يتطلب تعاملا يعتمد علي خبرات موجهة العمليات الارهابية في الثمانينات والتسعينات، خاصة وان عمليات الارهاب المنظم لا تعتمد علي التسليح بقدر ما تعتمد علي المعلومات الدقيقة.

واوضحوا أن عدد القادرين علي عمل عمليات ارهابية في مصر قليل ولا يتعدي الف شخص، وهم 6 أنواع من الجماعات الجهادية، منها جماعة التكفير والهجرة التي أنشئت سنة 1965، ومنظمة الرايات السوداء التي ظهرت في العريش والتي لديها فكر التكفير المبني علي اسلوب القاعدة الفقهي، والسلفية الجهادية التي تدعوا إلى حرب الكفار وإسرائيل، والتي تهدف إلى تكوين إمارة إسلامية مركزها سيناء، بالإضافة إلى مجموعة أنصار الجهاد التي تدعوا أيضا إلى إقامة أمارة إسلامية في سيناء وهي مكونة من 300 شخص.

علاقة الاخوان بالقاعدة:

بمجرد حدوث محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد ابراهيم في الخامس من سبتمبر 2013 سارع العديد من خبراء الامن والاسلام السياسي لتقديم العديد من التفسيرات حول من يقف وراء تلك المحاولة، فمنهم من يؤكد علي ان اعضاء جماعة الاخوان المسلمين ليس من طبيعاتهم ارتكاب حوادث اغتيال بالسيارات المفخخة او الاحزمة الناسفة، وان تلك العملية الارهابية تحمل بصامات القاعدة وافرعها في مصر.

البعض الاخر اكد علي احتمالية ضلوع الجماعة في تلك العملية الاجرامية من خلال شبكة علاقات التنظيم الدولي للجماعة وتنظيم القاعدة، وهذا ما توصلت له الدراسة الامنية التي اجراها اللواء عبد الحميد خيرت مدير أمن الدولة بأكتوبر سابقا، والتي اجاب فيها عن تساؤل مهم مفادة، ماذا لو تحركت عناصر هذا التنظيم تحركا مسلحا فى الداخل لفرض افكاره ومعتقداته؟ وهل ستعيش مصر حقبه جديده من عصور الارهاب؟.

وقد رصد "خيرت" التطورات التي حدثت لتنظيم القاعدة فى المراحل المختلفة وفقا للمتغيرات وصولا للوضع الحالي للتنظيم فى سيناء، وتطرق الى الوضع الحالي فى سيناء والحركات التى تسيطر على الأوضاع وهل هناك جذور ارتباط بالقاعدة، مستعينا بالشواهد التى تفيد وجود التنظيم حاليا والأحداث التى وقعت بالمنطقة منذ اندلاع ثورة 25 يناير حتي اليوم، كما أبرز كيفية تعامل نظام جماعة الاخوان المسلمين ومكتب الارشاد مع الجماعات التكفيرية فى سيناء.

الغريب ان الدراسة تناولت كل ما له علاقة بتنظيم القاعدة ويعمل في مصر بداية من اصحاب الرايات السوداء في وسط سيناء والشريط الحدودي ومدينة العريش، ويطلق أهالي سيناء على أعضاء هذه التنظيم اسم "التكفير والهجرة"، أو "التكفيريين"، بالاضافة الي الجماعات الجهادية التى تنتشر في "رفح" و"الشيخ زويد" وتتلقى تدريبات عسكرية شبه منتظمة وتنقل السلاح للجهاديين الفلسطينيين، وتتبنى أفكار تنظيم القاعدة، لكنها لا تتصل بها تنظيميا، وينبثق منها جماعة التوحيد والجهاد التى تأسست عام 2002 على يد الطبيب خالد مساعد الذي لقي مصرعة في مواجهه أمنية، وتعتنق فكرا تكفيريا جهاديا قائما على التوسع في عملية التكفير، ومنشأها الاصلي العراق وانتقلت إلى فلسطين ومنها الي سيناء.

الدراسة تحدثت ايضا عن السلفية الجهادية، وهى مجموعة جهادية تنتهج الفكر القطبي القائم على التكفير وعلى صلة بالتنظيم الأم في غزة، وجماعة مجلس شورى المجاهدين او ما يسمي بأكناف بيت المقدس، بالاضافة الي ما يسمى بـ "الخلايا النائمة، وهي جماعات إسلامية تنتهج خليطا من الأفكار السلفية والجهادية والتكفيرية، لكن معظمها لا يعمل بشكل تنظيمي، ولا يوجد بينها رابط فكري، وتنتشر بمناطق مختلفة في سيناء، بدءا من مدينة بئر العبد البعيدة عن سيطرة الجماعات الإسلامية المعروفة، وصولا إلى منطقة الشريط الحدودي، مرورا بمنطقة وسط سيناء، وحتى مدينة العريش.

الدراسة حاولت ان تجيب عن تساؤل خطير، اولها ل هناك تواجد لتنظم القاعده يشبه جزيرة سيناء؟، وكانت النتيجة هي انه بدون أدنى شك لا يوجد اى التباس حول تواجد تنظيم القاعدة في شبه جزيرة سيناء، وثانيها هل نظام "مرسي" كان متواطىء في وجود التنظيم على اراض سيناء وهل كانت له مصلحة في تواجده، ام انه عاجز على المواجهة ام انه غير مدرك لمخاطر وجود التنظيم على الاراضي المصرية؟.

وللاجابة على هذا السؤال وضع اللواء عبد الحميد خيرت مجموعة من الشواهد، أهمها ان نشأة تنظيم القاعدة كانت نتيجة لعلاقة القيادى اسامة بن لادن والقيادي الإخواني عبد الله عزام مؤسس تنظيم المجاهدين العرب في باكستان بتكليف من القيادي الاخواني كمال السنانيرى احد اهم رجال الجهاز الخاص لجماعة الاخوان ابان عمله بجامعة الملك عبد العزيز بجده وقام الاخير بتنفيذ التكليف وانشاء مكتب خدمات المجاهدين وكذلك معسكر المأسده لتدريب المجاهدين بدعم من عناصر موالية لاسامة بن لادن قائد تنظيم القاعدة.

السؤال الثالث والاهم، ما هو موقف الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وما سر عدم قيامهما بالضغط على نظام "مرسي" حينما كان رئيسا لمواجهه هذا الخطر؟، ولماذا يطالبون بعودته؟، فقد انطلقت تصريحات رسمية من اسرائيل فى أعقاب حادث رفح باعتبار ان الحدود مع مصر أصبحت غير أمنه، بالاضافة الي بعض التصريحات الضعيفة من الخارجيه الأمريكية فى هذا الشأن بينما تولت الاله الاسلاميه ابراز الحدث والقاء الأضواء عليه، مؤكده علي أن منطقة سيناء أصبحت خارج السيطرة والسياده المصريه، وان تنظيم القاعدة يفعل ما يشاء بالمنطقة، موضحا الخطورة المحتملة على الجانب الاسرائيلى، والغريب والخطير والمثير أن الباحث لواء عبدالحميد خيرت اختتم دراسته التي خرجت قبل ثورة 30 يونيو بعبارة: "إنتبهوا أيها السادة.. الجيش المصرى الحر قادم".

شبه جزيرة تورابورا:

هكذا وصف الكثير من اخصائي الحركات الاسلامية وخبراء الامن القومي والعسكري شبه جزيرة سيناء، ووثقتها دراسة بحثية خطيرة أعدها اللواء محمد هانى زاهر خبير الإرهاب الدولى والجريمة المنظمة ومدير المركز الوطنى للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذي أكد فيها أن سيناء تضم أكثر من 7 الاف جهادى مسلح موزعين على أكثر من 20 جماعة جهادية ينتشرون فى سيناء، وأن أغلب هذه الجماعات مسلحة بأحدث الأسلحة وتتلقى تمويلا أجنبيا من الخارج وتدريبات قتالية على أعلى مستوى، وهناك عناصر تلقت تدريبات دولية على فنون القتال، ويتركز أغلبهم فى مناطق جنوبى رفح والشيخ زويد وشرق العريش وجبل الحلال وجبال سانت كاترين.

واوضحت دراسة اللواء زاهر ان جماعة التوحيد والجهاد نشأت عام 1976 على يد "الملاخي" وتلقت تدريباتها العسكرية فى "دير البلح" بغزة وتبنت تفجيرات طابا وشرم الشيخ، مبينا ان جماعة "التوحيد والجهاد" تعد من أقدم وأخطر الجماعات المسلحة فى سيناء، بعد أن انشقت عن الجماعة السلفية الدعوية، فى نهاية عام 1997 بقيادة خميس الملاخي، وكانت عملية طابا فى 2004 من أبرز عملياتها، والتى قام بها شاب فلسطينى بالعريش يدعى إياد أبو صالح.

وقد أكد اللواء محمد هانى زاهر في دراسته الامنية أن هناك اختلاطا شديدا ومعقدا، بين التنظيمات المسلحة فى سيناء وغزة بسبب الأنفاق المفتوحة والقرابة والتصاهر بين القبائل، بالاضافة الي التغلغل المخابراتي الإسرائيلى فى المنطقة، ودوره فى تجنيد عناصر مسلحة بالمنطقة الحدودية، لتحقيق أهداف الدولة اليهودية، مضيفا أن هناك تعاونا وارتباطا شديدا بين جماعة التوحيد والجهاد التي تتخذ من سيناء موطنا، باعتبارها جماعة مصرية خالصة تتكون جميع عناصرها من أهالى سيناء، وجماعة أنصار الإسلام وهى جماعة فلسطينية تابعة لحركة حماس.

وأشارت دراسة زاهر إلى أنه عقب ثورة 25 يناير وهروب أعضاء جماعة الشوقيين التى نشأت بالفيوم من سجني أبو زعبل والمرج، إلى سيناء انضموا إلى جماعة "التوحيد والجهاد"، وأجروا اتصالات بقيادات الجماعة محمد صلاح وممتاز دغمش، وعملوا فى التهريب وتاجروا فى العملة المزيفة والسولار، موضحا أن جماعة الشوقيين أو "التوحيد والجهاد" أسسها الشيخ شوقى عبد اللطيف على مرحلتين وهو ما جعل الجماعة تعرف باسم جماعة الشوقيين، وكان التأسيس الأول للجماعة فى مدينة حلوان بالقاهرة وكان الشيخ شوقى أمير الجماعة وقتها موظفًا بشركة "المقاولون العرب".

وبعد فصله ومطاردته أمنيا نزح على شاطئ بحيرة قارون بالفيوم واستغل سذاجة الصيادين وتمكن من تجنيد أكثر من 900 عنصر انضموا إلى تنظيمه، وفى محافظة الفيوم قامت الجماعة بالعشرات من العمليات الجهادية فى القاهرة والفيوم وفى صعيد مصر كان أبرزها قيام الجماعة بعمليات اغتيال رجال الشرطة وعلي راسهم المقدم أحمد علاء وكيل جهاز أمن الدولة بالفيوم، و2 من أفراد الشرطة، وخفير نظامي، وإحراق عدد من الكنائس بالفيوم، وقتل نائب رئيس هيئة المساحة بالفيوم واثنين من مساعديه.

الغريب ان الشيخ شوقي استطاع ان يجمع عدد من الاتباع وصل الي أكثر من الفي عنصر جهادي يؤمنون إيمانا عميقًا بأفكارة التى تبنى على تكفير وتصفية كل من يخالف تطبيق الشريعة الإسلامية، وتبنى فكرة إحياء الخلافة الإسلامية وهو الأمر الذى أقلق النظام الحاكم فقرر النظام تصفية الجماعة عام 1990 وشن اللواء عبد الحليم موسى وزير الداخلية وقتها حملة موسعة وتمكنت قوات الأمن من قتل أمير جماعة الشوقيين و18 آخرين من قيادات الجماعة وتم القبض على أكثر من 700 عنصر من أعضاء الجماعة كان أبرزهم الشيخ أحمد على محمود أمير الجماعة الذى خلف الشيخ شوقى فى إمارة الجماعة، كما فر أكثر من 900 عنصر جهادى من أعضائها إلى سيناء خوفا من الملاحقة الأمنية، وهناك كونوا جماعة موسعة نجحت فى استقطاب أكثر من 300 عنصر جهادى من عناصر سيناء من بينهم عناصر من حركة حماس وكتائب عز الدين القسام وتنظيم الأقصى وشورى المجاهدين.

الدراسة الامنية للواء محمد زاهر أوضحت ان جماعات "أنصار الجهاد" و"الناجون من النار" أخطر الجماعات المنشقة عن جماعة "التوحيد والجهاد"، لانهم يمتلكون أخطر الأسلحة كما يمتلكون منصات للصواريخ ومدافع هاون وأسلحة ثقيلة مضادة للطائرات، موضحا ان جماعة "الناجون من النار" وهي الجماعة التي انشقت مبكرا على أفكار شيخ العريش طبيب الاسنان خالد مساعد، وانتموا لتنظيم الجهاد، ونفذوا تفجيرات طابا وشرم الشيخ، وبعد أن قتل خالد مساعد في اشتباكات مع الأمن عام 2005، وكان معه 300 شخص مدربين على السلاح، اعتقلت الشرطة عقب مقتله، نحو 3 آلاف من أهالي سيناء، كان أبرزهم القيادي مجدي الصفتي ويسري عبد المنعم، وهم قادة تنظيم "الناجون من النار"، الذين حاولوا اغتيال حسن أبو باشا وزير الداخلية الأسبق، وتم الافراج عنهم عقب ثورة 25 يناير، ويتمركزون حاليا في طابا وشرم الشيخ.

الدراسة تناولت تنظيم "الرايات السوداء" التي تستوطن منطقة الشيخ زويد وتضم أكثر من ألف جهادى أغلبهم من الشباب، وتعد من أخطر الجماعات المسلحة في سيناء، ويمتلكون أسلحة خطيرة جدا وأغلبهم تلقى تدريبات قتالية خارج مصر، وعلي الاخص في غزة ودير البلح وتتركز هذه الجماعة في منطقة الشيخ زويد ورفح والعريش ولها قواعد عسكرية في معظم جبال سيناء الوعرة.

أما عن تنظيم "التكفير والهجرة" الذي يمتلك حوالي 700 جهادى ويعتبرون جنود الجيش والشرطة كفارا، ويعد من أخطر التنظيمات الجهادية في سيناء، بل ويعدة البعض الأب الروحي لجميع التنظيمات الأصولية والجهادية والتي يزيد عدد عناصرها عن 700 عنصر مسلح منهم نحو 250 فردا من أخطر الكوادر الجهادية العالمية.

وأضاف اللواء هاني زاهر أن هناك بعض الجماعات المسلحة في سيناء مرتبطة بتنظيمات وجماعات ومنظمات دولية، وهناك جماعات مرتبطة بعلاقات مباشرة مع إيران وأخرى مرتبطة بعلاقات وثيقة مع حزب الله وحماس، وجماعات ثالثة على علاقة وثيقة بتنظيمات مسلحة في قطاع غزة، وهناك جماعات على علاقة بإسرائيل وتعمل لحسابها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهناك جماعات على علاقة وطيدة بتنظيم القاعدة خاصة أن القاعدة تؤمن إيمانا عميقا بضرورة الجهاد ضد اليهود المغتصبين في فلسطين وترى أن سيناء هي المكان المناسب لتنطلق منه جيوش المجاهدين لمحاربة إسرائيل.

واوضح ان القاعدة تتخذ لها تنظيما حقيقيا في سيناء وتطلق عليه جماعة "تنظيم القاعدة في الكنانة"، و"قاعدة الجهاد في أرض الكنانة"، ويعتقد أن هاتين الجماعتين جماعة واحدة، وقد أعلن عنهما في بداية عام 2006 بعد تفجيرات شرم الشيخ، من خلال أحد قيادات تنظيم القاعدة المقيم في إيران، وتؤكد المصادر الأمنية أن هذا التنظيم يتلقى تمويلا ودعما ماديا وعسكريا من إيران.

وأكدت الدراسة الامنية علي ان جماعة "جند الإسلام" مهمتها إعداد المقاتلين وتبنت الإعلان عن أول إمارة إسلامية فى مصر وتتركز فى جبل الحلال وجبال المهدية، مؤكدا علي أن هناك تنظيمات كثيرة منتشرة في سيناء وهي أقل خطورة مثل "تنظيم شورى المجاهدين"، و"أنصار بيت المقدس" و"الوعد" و"حزب التحرير" وتنظيم "الطائفة المنصورة" وتنظيم "جند الإسلام"، وغيرهم ولكن إجمالي أعضاء العناصر التي تمتلكها لا يزيد عن ألف عنصر مجاهد وأغلبهم منتشرون في جبال سيناء.

وقالت الدراسة ان تنظيم "شورى المجاهدين" يضم 600 مجاهد وتربطهم علاقة مباشرة بحزب الله وطهران، ويضم نحو 600 مجاهد حصلوا على تدريبات دولية على يد عناصر من حزب الله وحماس وتربطهم علاقة قوية بالجماعات الإسلامية التي كانت منتشرة في مصر في فترة التسعينات، ويتمركزون في منطقة "جبل حلال" بالشيخ زويد، وتمتلك أسلحة متقدمة جدا يتم تهريبها لهم من إسرائيل عبر الأنفاق، كما يتم تهريبها من السودان عبر البحر الأحمر، مؤكدا علي أن مصر تجد صعوبة كبيرة فى تتبع هذه التنظيمات، خاصة أنها تنتشر فى الجبال وتتحرك باستمرار من مكان إلى آخر، بالإضافة إلى أنها تستخدم شبكات اتصالات خاصة بها، أو شبكات اتصالات تتبع شركات إسرائيلية وأردنية، وبالتالي فإن مصر تجد صعوبة في مراقبة وتتبع هذه الجماعات والقضاء عليها في ظل تكبيل اتفاقية السلام لها.