رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحكومة درست الإجراءات الاقتصادية ولم تنجح فى التنفيذ


بين الواقع والمأمول يكون الحلم المصرى فى تحقيق العدالة الاجتماعية المرتبطة بالاقتصاد القوى والذى يتحقق بوجود إصلاحات اقتصادية عصرية ومعبرة عن واقع الشعب المصرى الذى بذل الغالى والنفيس من أجل التغير والتقدم والتطلع إلى مستقبل مشرق لأبنائه، وأن يتم إعادة رسم الخطوط العريضة لتحقيق عدالة اجتماعية فعلية، أو أن نرضى أن يظل اﻷمر مجرد خيال وحلم يراودنا وعاجزين عن تحقيقه.

بادئ ذى بدء لا ينكر أحد مدى أهمية احتياج الدولة إلى الإصلاحات الاقتصادية مجملاً، وكيف أن البلاد محاطة بغابة من المتناقضات الاقتصادية لم يتم تهذيبها من وقت طويل _ رغم المحاولات السابقة والتى باءت بالفشل بسبب عدم اتساقها مع الواقع _ مما قد يؤدى إلى منع المرور جزءاً بل لا أكون متجاوزاً للحد، إن قلت إنه يؤدى إلى منع المرور كلياً _بالبلاد إلى المستقبل المشرق، الذى نتطلع إليه، ونريده جميعاً لبلادنا بعد ثورتين. ومع ذلك لا أعتقد أن الحكومة قبل إقدامها على اتخاذ القرارات الاقتصادية لم تقم بدراسة «مذاكرة» الموقف من جميع جوانبه ومع ذلك حدثت المشاكل التى نرها ويئن منها المجتمع المصرى بأكمله الغنى والفقير على حد سواء، فأين تكمن المشكلة والتى جعلت من العلاج بهذه المرارة، فلنفند الأزمات لكى نستطيع تحديد الدواء.

أولى هذه الأزمات وأهمها على الإطلاق هى أزمة نقص الأدوية التى اختفت من الصيدليات وأصبح المريض بين شقى الرحى، حمل المرض الذى سكن جسمه وهم حصوله على العلاج لكى يسكن ألمه. والأزمة الأخرى التى لا تقل أهمية عن أزمة الدواء أزمة السلع الأساسية والتى تبخرت مع بداية تطبيق الإجراءات الاقتصادية، فاستيقظ الشعب على المخازن الفارغة للحكومة منأغلب الأصناف وفى مقدمتها السكر. ثم الطامة الكبرى والتى توضح لنا بكل جلاء كيف تدار منظومة تطبيق الإصلاحات وهى أزمة الكتاب المدرسى والتى لم تكن فى الحسبان بالنسبة للحكومة، فكل المدارس على جميع القطاعات العام والأزهرى لم يحصلوا الطلاب على الكتب المدرسية والسبب يرجع إلى زيادة سعر الورق والذى تجاوز سعر الشرط الجزئى المقرر على المورد، فقرر المورد بكل بساطة دفع الشرط الجزائى ولا أن يتكبد هذه الخسائر من فروق الأسعار بسبب تعويم الجنيه ورفض الحكومة دفع الزيادة.

كذلك أزمة الدواجن ورفع الحظر المقرر على استيرادها والذى من شأنه أن يحدث ارتباكاً فى هذه الصناعة الحيوية فى هذا التوقيت الذى نعالج فيه التشوهات. نحن لا نلوم على الحكومة اتخاذها لهذه الخطوات الإصلاحية، والتى أثنى عليها الكثير من الاقتصاديين والسياسيين، ولكنى ألوم على الأفراد الممثلين للحكومة فهم لا يمتلكون أى قدرة للتعامل والذى اتضح مع الوقت أنهم غير مدركين لإدارة الأزمات بكل أبعادها وهو ما أغضب الشارع المصرى مع وجود المشهد العشوائى المصاحب لهذه الإجراءات فالحكومة بكل أجهزتها لم تستطع الوقوف لساعات أمام موجات زيادة الأسعار واختفاء السلع وهو ما يتطلب وجود استراتيجية كاملة لتوفير السلع واستراتيجية كذلك للرقابة على توفير السلع للمواطنين... حمى الله مصر وحفظ شعبها وجيشها.