رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"القارة العجوز على حافة الانفجار".. ورقة المهاجرين تشعل حرب المساومات بين بلدان أوروبا.. أردوغان يلوي ذراع "الأوروبي".. وألمانيا تظهر العين الحمراء للاجئين.. ومصر الملاذ الأخير

جريدة الدستور

قرابة الخمس سنوات عايشتها القارة العجوز تحت وطأة كابوس المهاجرين غير الشرعيين بعد أن أكتوت شعوب الشرق الأوسط بنيران الصراعات والحروب الأهلية، ما دفعهم إلي خوض صراعهم المرير مع المجهول علي حدود الموت ينتظرون مصيرهم الحتمي بين أثنين لا ثالث لهم، إما المرور إلي الحياة عبر بوابات الحدود الأوروبية أو الموت بأيًا من الأشكال.

وتشير التقديرات الرسمية إلي وصول أعداد هؤلاء المهاجرين إلي أكثر من 62 مليون شخص سنويا، أي ما يتجاوز ربع مليار شخص، 15% منهم مهاجرون غير شرعيين، بحسب تقديرات البنك الدولي في تقريره السنوي الصادر في أبريل الماضي.

ومن جهتها أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة عن وصول عدد اللاجئين والمهاجرين الذين قدموا إلى أوروبا العام الماضي فقط عبر البحر المتوسط إلى أكثر من مليون شخص، فيما غرق أو فقد 3735 آخرون.

وتحملت اليونان التدفق الأساسي للاجئين حيث استقبلت أكثر من 844 ألف شخص، تلتها إيطاليا 152 ألف، ووصل إسبانيا 3592 شخصا، ومالطا 102.

ويتألف اللاجئون في أغلبيتهم من السوريين بنسبة 49%، يليهم الأفغان بنسبة 21%، وبعدهم العراقيون بنسبة 8%، ومن ثم يأتي لاجئون بنسب مختلفة صغيرة من دول أفريقية مختلفة.

غير أن القارة الأوروبية والتي استحوذت علي النصيب الأكبر من تدفقات المهاجرين غير الشرعين القادمين من بؤر الصراع الشرق أوسطية، بدأت تكشر عن أنيابها أمام طوفان المهاجرين، بعد أن لوحت عدد من بلدانها إعتزامها ترحيل الاف اللاجئين.

ففي الآونة الأخيرة تحولت أزمة اللاجئين إلي ما يشبه كرة اللهب التي يتقاذفها الجميع، بعد أن ظلت دول القارة الأوروبية طيلة تلك الفترة تقف مكتوفة الأيدي عاجزة أمام تدفقات اللاجئين الهاربين من جحيم أوطانهم إليها، بطرق غير شرعية، بعد فشل الإتحاد الأوروبي إتخاذ قرار جماعي بشأن أزمة اللاجئين، ما أضطر بعضها إلي إتخاذ قرارات منفردة للحد من تلك التدفقات.
إذ لجأت دول البلقان إلي حيلة لوقف سيل اللائجين المتدفق إليها، بفرض قيود علي الحدود في فبراير الماضي، أدت إلي إغلاق شبه تام لممر البلقان الذي استخدمه أكثر من مليون مهاجر للوصول إلي القارة العام الماضي، ما أثار غضب أثينا بعد أن تقطع السبل بآلاف اللاجئين على الأراضي اليونانية.

وفي منتصف مارس الماضي، أقر قادة الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع تركيا لمعالجة تدفق اللاجئين عبر بحر إيجه يقضي بإبعاد اللاجئين الجدد الوافدين لـ اليونان إلى تركيا، والذي بموجبه ستستعيد أنقرة جميع اللاجئين والمهاجرين الذين عبروا إلى اليونان بطريقة غير شرعية بينهم لاجئون سوريون، في مقابل استقبال أوروبا لبعض اللاجئين السوريين ومنح تركيا مزايا مالية وإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول لدول التكتل وتسريع محادثات عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

لكن الإعلان الأخيرة من الجانب المصري، والذي كشف عن استيعاب نحو 5 ملايين لاجئ مسجلين وغير مسجلين، ممن ينتظرون دورهم للإنتقال إلي دول أوروبا، أثار مخاوف الغرب بشأن إحتماليه تدفقهم بأعداد كبيرة بطريقة غير مدروسة.

تلك المخاوف السالفة فرضت نفسها بقوة علي قمة دول ما يسمى بـ"طريق البلقان" التي إستضافتها العاصمة النمساوية فيينا، في سبتمبر الماضي، لبحث الحالة الراهنة لقضية الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، إلي حد دفع تلك الدول إلي طرح مقترح بأن تبرم بروكسل مع السلطات المصرية اتفاقا حول إنشاء مخيمات للاجئين خارج الاتحاد الأوروبي، على غرار الاتفاق مع تركيا.

لكن مزيد من التعقيد أخذت أزمة المهاجرين تسير نحوه، علي خلفية تهديدات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالسماح لمئات الآلاف من المهاجرين بالسفر إلى أوروبا، وذلك كرد فعل لتصويت غير ملزم في البرلمان الأوروبي بتجميد المفاوضات مع تركيا بخصوص انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.

التهديد التركي تبعه أيضًا تصريح مثير لافت أطلقته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كشفت فيه عن أن نحو 30 بالمائة من المهاجرين واللاجئين غير المرغوب في إقامتهم في بلادها سوف يتم ترحيلهم بالقوة، وأن 60 ألفا آخرين سيعودون إلى بلدانهم في إطار برامج العودة المشتركة بين ألمانيا وأوطانهم.

وحسب وكالة الحدود الأوروبية Frontex فقد وصل إلى الاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي أكثر من 1,8 مليون لاجئ، فيما تفيد بيانات وزاة الداخلية الألمانية بأن حصة ألمانيا وحدها من اللاجئين قد بلغت أكثر من مليون نسمة في العام المذكور، وذلك في أكبر موجة نزوح يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

كما اعتبرت الناطقة باسم المستشارة الالمانية ان "تهديد" الاتفاق بين الاتحاد الاوروبي وتركيا "لا يؤدي الى نتيجة" وذلك بعدما هدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بفتح الحدود امام المهاجرين الراغبين في التوجه الى اوروبا.

وقالت اولريكي ديمير "نعتبر الاتفاق بين تركيا والاتحاد الاوروبي نجاحا مشتركا، والاستمرار به يصب في مصلحة كل الاطراف"، مؤكدة ان "تهديدات من الجانبين لا تؤدي الى نتيجة".

وفي السياق ذاته، طالب رئيس مؤتمر وزراء داخلية ألمانيا، كلاوس بويون، بتطبيق مراجعة ثانية لبيانات اللاجئين السوريين بسبب مخاوف أمنية، محذرًا من أن تصادق السلطات في ألمانيا على هويات مزيفة للاجئين عبر هذا النظام، إذ قال: "هذا خطر مرصود لدينا منذ فترة طويلة ... يوجد في ألمانيا عشرات الآلاف من المهاجرين الذين لم يتم التحقق من هويتهم".


وإزاء التهديدات التركية، انحازت فرنسا إلي الأولي، بإعلان رفضها تصعيدالجدال والنقاش، حيال قرار البرلمان الأوروبي التجميد المؤقت لمفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، وذلك في تصريح للمتحدث باسم الخارجية الفرنسية، ألكسندر جورجيني.

وأستطرد جورجيني قائلًا:" أن فرنسا ستستمر في مراقبة الوضع في تركيا بدقة، في ضوء القيم الأوروبية، والمعايير التي تم تحديدها في مرحلة مفاوضات انضمام تركيا الكامل إلى الاتحاد الأوروبي".