رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قتلوا الأسرى ونهبوا الثروات.. والجماعة تعيد الممتلكات!!


ما هذا الذى يحدث فى مصر الآن؟ منذ منتصف التسعينيات قدمت أكثر من عشرة استجوابات متتالية ولكنها تتحدث عن إهمال الحكومات السابقة فى نظام مبارك التى لم تتحرك للحصول على حقوق الأسرى المصريين الذين قتلوا إبان حربى 1956 و1967، حيث قدمت من المستندات ما يفيد بأن جنود إسرائيل قتلوا الكثير من الأسرى المصريين فى هذه الحروب بالمخالفة بالمعاهدات الدولية.

ولم تتم المطالبة بالتحقيق والمحاكمة مع قتلة أسرانا والحصول على التعويضات لأسر الشهداء، فقد تم اكتشاف مقابر جماعية تحتوى على رفات الأسرى وهم مقيدو الأيدى من الخلف وقتلوا ودفنوا فى هذه المقابر، ولم تتحرك الحكومات على الإطلاق للحصول على حقوقنا ورغم تصريحات بعض الضباط الإسرائيليين الذين ساهموا فى قتل الأسرى ومازال بعضهم يشغل مواقع رفيعة المستوى فى إسرائيل.

وقد ضاقت الحكومات السابقة من تلك الاستجوابات، ورفضت تماماً مناقشة أى استجواب منها فقد كانت ترى فى ذلك سياسة عليا لا يجب مناقشتها وبعد ذلك أخطرتنى وزارة الخارجية بخطاب يفيد بأنها بصدد التقدم لفتح تحقيق فى ذلك الأمر، حيث إن لديها ملفات كاملة عن قتل الأسرى المصريين، وبالرغم من ذلك لم يتم اتخاذ أى إجراء لفتح هذه الملفات، مما جعلنى أعيد كل عام تقديم الاستجواب مع إضافة الجديد، وقد تبين أن إسرائيل تحصل على تعويضات من ألمانيا حتى الآن تعويضاً عما قتله هتلر والنازية من اليهود رغم أن هتلر هزم فى عام 1945 ولم تنشأ إسرائيل إلا فى عام 1948.

وبالرغم من ذلك لم تستطع أى حكومة فتح ملف من هذه الملفات، وبعد ذلك اتضح أن إسرائيل قامت بعملية استنزاف لآبار البترول الموجودة بسيناء وعلى ضفاف البحر الأحمر وكذلك الحصول على المواد الخام الموجودة بسيناء خلال سبع سنوات كاملة، ولم نحصل على أى تعويضات عن هذا، وبعد ذلك أخطرونى أنه من المستحيل مناقشة هذه الموضوعات، لأنها من شأن السيادة، أى أنها من حق مبارك نفسه شخصياً، ولم أتوقف عن ذلك أبداً حتى تم إسقاطى بمجلس الشعب.. وكانت المفاجأة الكبرى التى زلزلت الحركة الوطنية المصرية، فقد أذاعت إسرائيل الفيلم الوثائقى «وحدة شاكيد» وأذيع هذا الفيلم فى أماكن كبيرة، وقد رأيته فى نقابة المحامين ببورسعيد، وهو يعرض بالمستندات والوثائق واقع قتل الأسرى من جنودنا فى سيناء وقد تم وضعهم كجيش متراصة وهم يرتدون الملابس الكاكى وأحذيتهم الثقيلة والرصاص يخترق ظهورهم، وقد أثار هذا الفيلم ضجة فى إسرائيل، وكان الهدف من هذا الفيلم هو رسالة موجهة إلى المقاتلين المصريين، ولكن إسرائيل أعلنت أنها تريد من هذا الفيلم تخفيف وتخفيض درجة التعصب لدى الجنود الإسرائيليين تجاه أعدائهم، أى أننا نحن المصريين، ومازال هذا الفيلم موجوداً ومنتشراً فى الكثير من الأندية والنقابات ولدى بعض الأفراد، وهو اعتراف صريح ومباشر من العدو نفسه، فلماذا ننكر نحن ذلك ونحن أصحاب الشأن؟ وقد تضمن الدستور الحديث عن حق اليهود فى تطبيق شرائعهم وهذا يعنى حقهم فى التوريث، فلدى إسرائيل ملف كامل عن الممتلكات القديمة بعضها تم بيعه للمصريين والبعض الآخر تم تأميمه مع صرف تعويضات لأصحابه ولكنهم أرادوا من ملف التعويضات أن يمنعوا ملف حقوق الأسرى ومحاكمة من قتلوهم وإغلاق ملف نهب ثرواتنا أيام الاحتلال الإسرائيلى بسيناء، ولأول مرة فى التاريخ المصرى يتضمن وجود حقوق لليهود دستورياً.

ولم تمر أيام وخرجت إلينا التصريحات من قطبى جماعة الإخوان المسلمين تصريح من الدكتور عصام العريان يطالب فيه بعودة اليهود مرة أخرى إلى مصر، ولكن الأخطر منه تصريح الدكتور حمدى حسن، وهو كان زميلاً لى فى دورة مجلس الشعب 2000 ـ 2005 بأن من حق اليهود أن يعودوا وتعاد إليهم ممتلكاتهم، وهو يعلم حقيقة ما قدمت من استجوابات حول ما فعله الإسرائيليون بجنودنا الأسرى وما نهبوه من ثرواتنا فى سيناء إذن كيف يمكن أن نسقط من حساباتنا حقوقنا وحقوق أسرانا الذين تم اغتيالهم وهم مكتوف الأيدى وألقوهم فى مقابر جماعية؟ كيف ننسى هذا ونتذكر ممتلكات اليهود فى الأربعينيات والخمسينيات؟

هناك عاملان مهمان فى هذه القضية الخطيرة التى تعصف بالمجتمع كله وهما، أولاً: إن الموقف التاريخى من جمال عبدالناصر وثورة يوليو هما سبب تحريك الموقف ولا يهم الوطن ومصلحته العليا، ولكن المهم هو التنكيل بعبدالناصر وثورة الشعب فى 23 يوليو 1952 وهذا العداء من الممكن أن يخسر فيه الوطن الكثير، ولكن المهم هو الانتقام، ولكن لن يحقق أحد المكسب، مما حدث فى هذه الثورة، فقد كانت أكبر وأشمل من جماعة الإخوان نفسها، ونسأل أنفسنا: هل يمكن إخفاء إنجازات الثورة مهما كانت فيها من سلبيات وهزائم؟ ولكن سيبقى السد العالى أكبر من أن تهدمه الجماعة وستبقى قناة السويس رمزاً للعزة والكرامة.

ثانياً: إن كل ما تقدمه جماعة الإخوان المسلمين لإرضاء إسرائيل لن ينالوا ذلك حتى إن كانوا داخل الدستور أو خارجه، وإن كل المحاولات لإرضاء إسرائيل ستبوء بالفشل فلدى إسرائيل قناعة تاريخية ولن تتنازل عنها، فهناك قوة الشعب المصرى هى التى يعمل حسابها وليست الوعود والتصريحات.. والشعب يرى أن حقوقه فى الحدود ولن يتنازل عن شبر واحد من أرضه لتحقيق أحلام إسرائيل.. إن الحلم الإسرائيلى فى انتزاع قطعة من سيناء لتفريغ الفلسطينيين فيها كى تصبح الأرض العربية ملكاً لإسرائيل هذا الحلم لن يتحقق، فهناك تسعون مليوناً من المصريين يراقبون حدود الوطن!!

إن الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تمر بالبلاد مسئول عنها هذه الجماعة التى أرادت أن تقود وتدير البلاد وحدها دون غيرها أو حتى بالمشاركة لن تستطيع أن تواجه هذا.. فهذا الشعب هو شعب 25 يناير وليس قبل ذلك، فقد نفض الشعب عن نفسه كل عوامل الخوف وأصبح حراً طليقاً لن يستطيع أحد حبسه أو سجنه، فقد ذهب هذا التاريخ ولن يعود، وهذا ما يزعج جماعة الإخوان المسلمين، فالمطالب أصبحت سريعة وليست قابلة للتوقف ولن تقبل الوعود مهما كانت وللأسف من يطالبون الحوار الآن، فهم يطالبونه كديكور للعالم الخارجى وللخداع الداخلى، إذاً ليس أمامنا سوى أن نفتح الملفات ونطالب بحقوق أسرانا وأيضاً نطالب المجتمع الدولى من خلال محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية بالتحقيق مع كل من ساهم فى قتل الأسرى المصريين فى الحروب السابقة ومعاقبتهم كمجرمى حرب تطبيقاً لما هو وارد فى القانون الدولى.

وعلينا أيضاً تقدير حجم وقيمة ما تم نهبه من ثروات البلاد البترولية والتعدينية والمطالبة بالتعويض عنها ورد قيمتها، وكذلك استعادة الحقوق المادية للتعويض عما ارتكبت إسرائيل من قتل لجنودنا فى سيناء وهم أسرى وعزل من السلاح. وإننا نرجو ممن صرحوا ووعدوا اليهود بعودتهم وإعادة ممتلكاتهم أن يطالبوا أولاً بحقوق المصريين فهم أولى بالدفاع عنهم وليس حقوق الإسرائيليين