رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خصخصة التأمين الصحى... معاش وموت مبكر


فى الطريق إلى البرلمان مشروعات قوانين أهمها قانون التأمين الصحى.. الذى يحمل فى داخله وفى أهدافه وفلسفته خصخصة التأمين الصحى.. لم يستطع نظام مبارك نفسه أن يفعل هذا.. بل تم عرض مشروع القانون فى ظل وزير الصحة الأسبق «حاتم الجبلى».. ومع مظاهرات أصحاب المعاشات تم سحب القانون من أمام مجلس الشعب فى ذلك الوقت.. الآن فى الطريق نفس مشروع القانون لكن هذه المرة سوف ينفذ ويطبق.. لكن على جماجم الطبقات الشعبية صاحبة العدالة الصحية!! يحتوى مشروع قانون التأمين الصحى الجديد على مواد تم صياغتها كى تدق معاقل الطبقات الشعبية.. يتحدث القانون عن المستحقين للعلاج المجانى وهم أصحاب معاش التكافل والكرامة من الشئون الاجتماعية.. وهم يستحقون هذا.. لكن القانون اعتبر كل من يتقاضى ألفاً ومائتى جنيه لا يستحق «العلاج المجانى»..

اعتبروا أن كل من يتقاضى هذه القيمة هم القادرون على العلاج بالأجر.. اعتبروا كلمة أصحاب المعاشات.. هم أصحاب معاشات الشئون الاجتماعية!! كانت لنا ملاحظات لتطوير التأمين الصحى ودفعه إلى الأمام.. لكن ما يحدث هو هدم قلعة التكافل الاجتماعى الصحى للأغلبية العظمى من الشعب المصرى.. تضمن القانون قوائم بقيمة العلاج.. كل مرحلة سوف يتعرض لها المريض سوف يدفع قيمتها.. الأشعة لها ثمن.. الدواء أيضاً.. حتى الكشف الطبى سيدفع ثمنه المريض.. التحاليل يدفعها المريض.. من لا يملك التكاليف عليه أن ينتظر الموت!!.. العمليات الجراحية بقيمة كل عملية.. حتى السرير نفسه له ثمن.. لكن الأهم من كل هذا.. إن هناك علاجاً سوف يتم لدى المستشفيات الخاصة!! التحويل إلى هذه المستشفيات الاستثمارية سوف يتم عن طريق التأمينالصحى بخطاب يدفع التأمين جانباً محدوداً من قيمة العلاج.. والباقى يدفعه المريض نفسه!!

من هم مرضى التأمين الصحى؟؟.. كل العاملين فى الحكومة ومؤسسات الدولة والمصالح والهيئات.. سوف يطبق عليهم العلاج بالأجر.. نعم.. نحن مع رفع الاشتراك لدى التأمين الصحى لتطويره ودعمه.. لكن العلاج بالأجر يعنى.. من لا يملك الأجر.. عليه أن ينتظر الموت..

كل هذا سوف يطبق على كل العاملين.. ما موقف 9 ملايين من أصحاب المعاشات؟؟..بينهم عدة ملايين معاشاتها أكثر من ألف ومائتى جنيه.. يعتبر القانون هؤلاء من القادرين والأغنياء عليهم أن يدفعوا قيمة العلاج فى كل مراحله..

إذاٍ ما هو الهدف الحقيقى من هذا القانون؟؟ هناك نسبة من تكاليف العلاج تدفعها الدولة من الخزانة العامة.. وهذة النسبة موجودة منذ عشرات السنين.. لكن السياسة السائدة الآن.. قد انصاعت لشروط صندوق «النكد» الذى فرض علينا خفض عجز الموازنة من خلال بطون الفقراء وصحتهم وأجسادهم..!! كل هذا بسبب ان ترفع الخزانة العامة عن نفسها دعم الطبقات الشعبية فى علاجها!!

أى أن الحكومة ترى أن دعم صحة المواطنين أصبح عبئاً عليها.. ولابد أن تتخلص منه..إن هذا القانون لم يتم عرضه على المواطنين المرتبط علاجهم بالتأمين الصحى.. لقد سبق أن نقابة الأطباء اعترضت عليه.. ولم يتم عرض هذا القانون على النقابات المهنية والعمالية أصحاب العدد الأكبر من المرتبطين بالتأمين الصحى!! الغريب أن مشرعى هذا القانون ذهبوا إلى «فرنسا» كى يناقشوا قانون التأمين الصحى مع الفرنسيين واعتبروا ذلك حواراً مجتمعياً!!.. من يصدق هذا؟؟.. إننا نعلم تماماً أننا قد خسرنا ثورتين.. ومعهما العدالة الاجتماعية.. لكننا لم نصدق أن العدالة الصحية فى الطريق كى نخسرها أيضاً..

لقد فقدنا الأمل نهائياً فى أى مؤسسة يمكن الاستنجاد بها.. هناك موافقة مبدئية على شرعية الاعتداء علينا.. إذا نتجه إلى من كى نستغيث به؟؟ وإننا ندعو مصدر السلطات وهو الشعب نفسه صاحب هذا الوطن.. أن تتحرك مؤسساته الجماهيرية والشعبية للعمل بكل قوة لإسقاط هذا القانون.. لكن هناك إصرار على تطبيقه.. حتى بالقوة.. لكننا نقول لمن يديرون شئوننا الآن.. عليكم توسيع مقابرنا.. وإضافة مقابر جديدة.. حتى تستطيعوا تنفيذ القانون بسهولة.. دون أى عوائق.. نعم سوف يأتى القانون مرفوع الهامات لكن فوق تلال من جماجمنا.. نحن أصحاب هذا الوطن ومن شيدوا قلاعه!! طبعاً.. علينا أن نطالب أيضاً بتعديل الدستور القائم وحذف كلمة ثورة.. والعدالة الاجتماعية.. كما نطالب بحذف حق المواطنة.. افعلوا ما شئتم هذا هو زمانكم.. بعد أن خسرنا كل أحلامنا حتى صحة أجسادنا..