رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اقتصاد السوق والاحتكار والغلاء


يخطئ من يتصور أن الاقتصاد المصرى يقوم على الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق المنطلق من نظرية دعه يعمل.. دعه يمر، فما يصلح فى الغرب ليس بالضرورة يصلح لبلادنا... فاقتصاد السوق يعتمد على الوفرة وأن تكون قادراً على زرع وتصنيع غذائك وإنتاج احتياجاتك المعيشية ببساطة تأكل وتلبس من صنع بلدك... هنا يكون اقتصاد السوق مفيداً وناجحاً والمنافسة بين الصناع والزراع والتجار تصب فى مصلحة المستهلك أى الشعب بكل فئاته ومستوياته يتحول الاقتصاد عن طريق تلك المنافسة إلى اقتصاد الوفرة التى تتيح للمواطن أن يختار مأكله ومشربه وملبسه من بين عدة بدائل تتنافس لنيل رضاه وفى حالة عدم وجود بدائل فى منتج معين يتدخل النظام الاقتصادى لكسر الاحتكار وإيجاد البدائل وحدث ذلك فى الولايات المتحدة الأمريكية مع بيل جيتس.

وللأسف الشديد اقتنع نظامنا السياسى فى الماضى بصلاحيات هذا النظام الاقتصادى للتطبيق فى مصر بالرغم من أننا مجتمع الندرة وليس مجتمع الوفرة وقد رفعت الدولة يديها عن السوق وتركته يعمل بآليات الغرب ومازال هذا الاقتناع يسيطر على نظامنا السياسى الحالى والحكومة ملتزمة به ووقفت تتفرج على الانفلات الذى حدث فى السوق المصرى وارتفعت فيه الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة لايستطيع الشعب تحملها بل زاد الطين بلة مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولى واتفاقها على قرض قيمته 12 مليار دولار وقرض آخر من البنك الدولى قيمته 9 مليارات دولار بشروط مجحفة تزيد الأعباء على المواطنين وترفع أسعار السلع والمنتجات الأساسية الحياتية لدرجة لا يستطيعون تحملها مما يفجر غضبهم الذى سينعكس على هز الاستقرار وهو أحد أهداف الصندوق والبنك الدوليين الخاضعين للهيمنة الأمريكية ويعتبران من أهم ادواتها لضرب استقرار الدول وتفجير الصراعات فيها بما يحقق أجندتها الصهيونية.

والتزام الحكومة المصرية بسياسة السوق والاقتصاد الحر وعدم تدخلها لحماية المستهلكين هو ترك الشعب فريسة لنفر قليل من المحتكرين الذين يحتكرون السوق الداخلى ويحتكرون أيضاً الاستيراد من الخارج والغريب فى الوقت الذى تمول الحكومة الصفقات التى يتعاقد عليها هؤلاء المحتكرون عن طريق الطرح الدولارى الأسبوعى للبنك المركزى بالسعر الرسمى، يفرض هؤلاء المحتكرون على المستهلك أسعاراً مرتفعة على ما يستوردونه من سلع ومنتجات بما يحقق لهم أرباحاً تتجاوز 100% وأغلب هؤلاء المحتكرين والتجار الكبار لايسددون ما عليهم من ضرائب بالتهرب أو الفساد، ولقد طالبت على مدى الأشهر الماضية بضرورة تغيير تلك السياسات الاقتصادية وتدخل الحكومة لحماية الشعب من جشع المحتكرين والتجار وتفرض مؤقتاً تسعيرة جبرية للسلع والمنتجات الأساسية بعد حساب دقيق لتكلفتها وإضافة هامش ربح معقول لا يزيد على 25%.

وتسعيرة أخرى استرشادية لباقى السلع والمنتجات الأخرى ولاح أمل يوم الأربعاء الماضى بالقرار رقم 2648 الذى أصدره رئيس مجلس الوزراء بناء على توجيه الرئيس بتشكيل لجنة وزارية برئاسته لتحديد الأساليب المناسبة لتحديد هامش ربح للمنتجات والسلع الأساسية سواء المحلية أو المستوردة مع ارتباط ذلك بتنظيم متطور لأسعار المنتجات على أن تقدم اللجنة التى تضم فى عضويتها وزراء التنمية المحلية والتجارة والصناعة والاستثمار والمالية والتموين ورئيس جهاز الأمن القومى وممثلين عن الرقابة الإدارية ووزارة الدفاع ورئيسى حماية المنافسة والمستهلك تقريرها لرئيس الجمهورية..

ولكى تحقق اللجنة أهدافها من ضبط الأسواق والأسعار لابد من مواجهة حاسمة وفورية للاحتكار والمحتكرين الكبار والصغار على السواء واقتلاع جذور الفساد التى تنخر فى جسد وعظام الدولة واعتبارها معركة الوطن الكبرى التى تجعله قادراً على مواجهة مخططات الأعداء ودحرها.