رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أرقام صادمة تكشف رحلة السقوط المدوي لـ"شريف إسماعيل".. رضاء المصريين عن "رجل السيسي" ‏ينخفض إلى 30%.. "النواب" يتوعده بالإطاحة.. ورئيس الحكومة "يخرج لسانه للجميع"

شريف إسماعيل
شريف إسماعيل

حين وقع الاختيار على المهندس "شريف إسماعيل" رئيسًا للوزراء، كانت مصر تمر بفترة حرجة من ‏الفساد والأزمات والانهيار الاقتصادي، ما دفع الكثيرون لوصفه بإنه الرجل غير المناسب للمرحلة، إلا ‏أنه عزم وقتها على تغيير صورته أمام الرأي العام، ورغم ذلك ظل كل يوم يخطو في طريق السقوط ‏المدوي بنجاح، حتى اقتربت سفينة وزرائه من حافة الهاوية.‏

‏"رحلة إسماعيل"‏

بداية.. كان مجيء رئيس الوزراء، على خلفية أكبر قضية فساد شهدتها مصر في عصرها الحديث، ‏أطاحت بحكومة المهندس إبراهيم محلب، بعدما تورط فيها وزير الزراعة صلاح هلال آنذاك، وكانت ‏التحديات أمامه لا تعد ولا تحصى، إلا أنه تعهد بالاصلاح مصطحبًا معه 34 وزيرًا جديدًا.‏

خلفيته في مجال البترول التي لا تمت للأزمة الكبيرة التي وقعت فيها البلاد، دفعت الكثيرون لانتقاده من ‏اليوم الأول، فـ"إسماعيل" جاء من وزارة البترول التي ترأسها إبان حكومة الدكتور حاز الببلاوي، واحتفظ ‏بها في عهد حكومة "محلب" حتى اختاره الرئيس عبدالفتاح السيسي خليفة له.‏

ومسيرته السابقة لم تخرج عن هذا النطاق، فقد تخرج عام‎ 1978 ‎في كلية الهندسة، واتجه بعد تخرجه ‏للعمل كمهندس في البحث والاستكشاف بشركة‎ ‎‏تليفونات، حتى وصل إلى منصب مدير عام الشئون الفنية ‏في إحدى الشركات، ثم وكيل وزارة البترول حتى ترأسها كما ذكرنا سالفًا، وولج منها إلى رئاسة الحكومة.

‏"أزمات لا تنتهي"‏

لم يمر كثيرًا، حتى سقطت أول ورقة توت عن "إسماعيل" وحكومته، بعد تفاقم أزمات لازال البعض منها ‏يؤرق ليل المصريين حتى الآن، ما بين غول الأسعار الذي ينهش جيوبهم، وأزمات الصادارت ‏الزراعية، وانخفاض قيمة الجنية المتدني دومًا، وانتهاكات الداخلية، ونزيف القطاع السياحي وغرق ‏المحافظات وغيرها.‏

دفعته تلك الأزمات إلى إجراء أول حركة محافظين له، بمعايير غير واضحة، وأسباب ليست معلومة، ‏شملت 11 ‏محافظًا، أدوا اليمين الدستوري أمام "السيسي"، متعهدين بحل جميع الأزمات التي تؤرق أهالي ‏محافظاتهم ولم ينفذوا منها شيئًا كالمعتاد.‏

‏"طوق النجاة الأول"‏

وتفاقم الغضب ضد "رجل السيسي" بعد مرور 6 أشهر على توليه المسؤولية، ودفعه ذلك للتشبث بطوق ‏النجاة الأول له، حين ظهر شبح مجلس النواب، المنوط به تمديد الثقة في الحكومة أو الإطاحة عنها، فلم ‏يجد "إسماعيل" سوى ما وصفه كثيرون بالرشوة السياسية كي ينفذ هو ووزرائه من مقصلة البرلمان.‏

وقام "شريف" بإجراء أول تعديل وزاري له شمل 10 وزراء ونوابهم، واستطاع بتلك الحيلة اقتناص ثقة ‏البرلمان، بعدما أخذ صكًا شريعًا بالاستمرار في عمله بتمرير برنامجه الذي ألقاه أمام ‏النواب، وسط ‏غضب شعبي جم.‏

واستمرارًا لمسلسل الترقيع السياسي، أمر بعدها "إسماعيل" بإجراء حركة محافظين للمرة الثانية، وبالفعل ‏تم تغيير نحو 6 محافظين، ‏دون الكشف عن المعايير التي تم اختيارهم بها، ليصف كثيرون الحركة بإنها ‏مُسكن فاسد للغضب الشعبي.‏

‏"رضاء السيسي"

وبالرغم من ذلك الغضب، إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان له رأي آخر عن "إسماعيل" وحكومته، ‏فقد سبق خلال حواره مع رؤوساء الصحف القومية، وأكد أنه من أكفأ رؤساء الوزراء في التاريخ، وأن ‏مصر لديها وزراء عالميون وآدائهم متميز ولكن يحتاجون صبر ودعم من الشعب المصري.‏

‏"النواب يتوعده"‏

على النقيض نجد أن مجلس النواب الذي سبق ومرر برنامج الحكومة، ينحاز في الوقت الحالي إلى الغضب الشعبي من الحكومة، بعد ‏مرور 3 أشهر على البرنامج الذي وصفه الآن بإنه لم ينفذ منه شيئًا، بل أن رئيسه علي عبدالعال، أكد ‏في تصريحات له سابقة بإن الحكومة تفشى بها الفساد والأمر لم يعد يحتمل السكوت.‏

كذلك فإن رقبة "إسماعيل" الآن تحت مقصلة "عبدالعال"، لأنه من المقرر أن يقدم الأول كشف حساب ‏ ربع سنوي عن إنجازات الحكومة خلال دور الانعقاد الثاني، ومن ثم يحدد النواب استمرارية ‏الحكومة أو رحيلها، لاسيما أنهم استقبلونها في تلك الفترة بسلسلة من الاستجوابات وطلبات الإحاطة.‏

‏"بصيرة يصدم الجميع"‏

واتساقًا مع ما سبق، فإن لغة الأرقام تكشف بدقة رحلة السقوط المدوي التي خاضها إسماعيل بوزرائه ‏المتغيرون، فعقب مرور ثلاثة أشهر على توليه إدارة البلاد، كشف مركز بصيرة للاستطلاعات أن 40% ‏من المصريين وصفوا أداؤه بالجيد، و20% وصوفه المتوسط، و30% رأوا أنه سيئ، 10% أجابوا بأنهم ‏لم يستطيعوا التحديد‏‎.‎‏ ‏

وتلاها في الشهور الثلاثة المتعاقبة، استطلاع آخر لنفس المركز ارتفعت تلك النسبة بقليل، حيث رأى ‏‏50% من المصريين أداء رئيس الوزراء جيد، ‏بينما يرى 23% أن أداءه متوسط، ووصفه بالسيئ نحو ‏‏27% منهم.‏

أما بالأمس، فكانت الصدمة الكبرى، حين كشف المركز عن آخر استطلاع للرأي، أن النسبة رضاء ‏المصريين عنه انخفضت إلى أدنى مستوى لها ووصلت إلى 30%، بعدما تم إجراؤها على 2500 شخصًا ‏من مختلف المحافظات.‏

‏"إسماعيل يخر لسانه"‏

ذلك الغضب وتلك الأزمات، كفيلة بإن تطيح بالحكومة من منصبها، أو على الأقل إجراء تغيير وزاري ‏شامل، إلا أن "إسماعيل" أخرج لسانه مؤخرًا للجميع بإعلانه أنه سيجرى تعديل وزاري طفيف يشمل ‏بعض الحقب الوزارية القليلة، نافيًا شائعات الإطاحة به خلال الفترة المقبلة.‏

‏"لا للاستمرار"‏

وعن تلك الرحلة، يرى الدكتور سمير غطاس، رئيس منتدي الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، أن ‏أداء رئيس الوزراء ضعيف وغير جيد منذ اليوم الأول له بالحكومة، التي لم تقدم شيئًا في ‏مواجهة ‏الأزمات الحالية.‏

ويشير إلى أن استمرار الحكومة الحالية في منصبها يزيد من التدهور الذي تشهده البلاد على كل ‏المستويات لاسيما الاقتصادي، فالحكومة تحتاج إلى تغيير شامل وليس مجرد تعديل؛ بداية ‏من ‏رئيس الوزراء مرورًا بالوزراء أنفسهم؛ لأن الجميع أثبتت فشله.‏‎

ويوضح أنه ليس هناك ما يؤهل رئيس الوزراء للبقاء في منصبه، لاسيما مع زيادة المشاكل ‏الاقتصادية، ‏وزيادة التحديات، التي جعلت كومته غير جديرة بالاستمرار في عملها، ولا تليق بحجم ‏التحديات الحالية، وأي اجراء تعديل وزاري جديد استهانة بالشعب.‏

‏"مسؤولية شاملة"‏

ويرى أحمد بهاء شعبان، عضو حركة كفاية السابق، أن إسماعيل تولى قيادة الحكومة في ظروف ‏تعتبر ‏هي الأسوأ من الناحية الاقتصادية التي تنعكس بشكل فردي على المواطن المصري ودخله، مشيرًا ‏إلى أن ‏خطة عمل الحكومة لم تنحاز للطبقات الفقيرة.‏

ويوضح أن الوزراء لم يسعون إلى تحقيق مطالب الشعب والشباب الخاصة ‏بالتوظيف والعدالة ‏الاجتماعية‎، مؤكدًا أن رئيس الوزراء، ليس مسئولًا وحده عن الوضع،، لكنها تركة متوارثة منذ ثورة ‏يناير، لكنه مسؤول عن الحل.‏‎ ‎