رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فوزي صوت الطفولة.. أول مطرب قدم أغنية "فرانكو آراب".. التأميم قضى على أهم أحلامه.. ومرض نادر أنهى حياته

جريدة الدستور

ماما زمانها جايّة، ذهب الليل طلع الفجر، من منا لايعرف مثل هذة الأغانى هو صاحب أشهر أغاني للأطفال، المطرب الذي سبق عصره، فقرر أن يشقّ لنفسه طريقا يسلكه بين كبار الفنانين آنذاك، ليجد لنفسه مكانا بينهم، وليس هذا فحسب، وإنما مكانة كبيرة أيضا، هو الفنان محمد فوزي.

"نشأته"

ولد في قرية تابعه لمركز قطور بمحافظة الغربية، وهو الواحد والعشرون من أصل خمسة وعشرين ولداً وبنتاً، منهم المطربة هدى سلطان، حصل محمد فوزي علي الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931، وكان قد تعلم أصول الموسيقى في ذلك الوقت على يدي أحد من أصدقاء والده وكان يصحبه للغناء في الموالد والليالي والأفراح.

كان متأثر بأغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وصار يغني أغانيهما في احتفالات المدينة بمولد السيد البدوي، التحق بعد الشهادة الإعدادية بمعهد فؤاد الأول الموسيقي في القاهرة، وبعد عامين على ذلك تخلى عن الدراسة ليعمل في صاله بديعة مصابني.

ومن وقتها، تعرف علي فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، واشترك معهم في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها فساعدته فيما بعد في أعماله السينمائية، تقدم وهو في العشرين من عمره، إلى امتحان الإذاعة كمطرب وملحن أسوة بفريد الأطرش الذي سبقه إلى ذلك بعامين، فرسب مطرباً ونجح ملحناً.

"حياته الشخصية"

تزوّج محمد فوزي عام 1943 بزوجته الأولى، السيدة هداية ، وأنجب منها نبيل 1944 سمير ومنير وانفصل عنها عام 1952، ثم تزوج الفنانة مديحة يسري عام 1952، وأنجب منها عمرو، وانفصل عنها عام 1959، وفي 1960 تزوج للمره الثالثة، كريمة، وأنجب منها ابنته الصغرى إيمان عام 1961، وهي الزوجة التي ظلت معه حتى وفاته.

"موهبته"

كان فوزي يتمتّع بموهبة غير عادية، نصفها ذكاء وفطنة، جعلته يقرأ المشهد جليَّاً من حوله، ويرى أن ما يصبو إليه لن يتأتّى له إلا إذا تفرّد واختلف عن الآخرين، وقدّم لوناً جديدا من الغناء، يُميّزه عن سواه من أبناء جيله، أو سابقيه.

وهذا ما فعله فوزي بانتهاجه أسلوب السهل الممتنع، الذي قرّبه إلى الناس البسطاء بألحانه المتميّزة السهلة البسيطة، وكلمات أغنياته السلسلة، والمنتقاة بعناية وذوق، وحسّ فنيٍّ مرهف، فالتفوا حوله محبِّين له، ومشجّعين، حتى بزغ نجمه وصار في مصاف كبار المطربين والملحنين في وقت وجيز.

وكان الغناء اهتمامه الذى لا يتركه لحظه فقرر احياء اعمال سيد درويش ولكن هذه المره من الحانه التى ملئت رأسه وقد جائته الفرصه عندما تعاقدت معه الفرقه المصريه للتمثيل والموسيقى، ممثلاً ومغنياً بدل عن المطرب "ابراهيم حموده "، لكنه اخفق فى عرضه الاول على الرغم من ارشادات المخرج "زكى طليمات" له فكانت أول اصابه له بالاحباط على المستوى الفنى.

عرضت عليه الممثله فاطمه رشدى التى كانت تؤمن بموهبته العمل بفرقتها وفى عام 1944 طلبه "يوسف بك وهبى" فى دور صغير بفيلم "سيف الجلاد" ليغنى فيه من الحانه اغنيتين بشرط اختصار اسمه الى "محمد فوزي"فقط فوافق فوزي بلا تردد.

شاهده المخرج "محمد كريم" الذى كان يبحث عن وجه جديد لفيلمه "أصحاب السعاده" ليسند له دور البطوله امام سليمان نجيب والمطربه رجاء عبده وقد وجده المخرج مناسباً و نجاحه فى هذا الفيلم كبير وغير متوقع فساعده هذا النجاح على تأسيس شركته السينمائيه التى حملت اسم "افلام محمد فوزى" عام 1947.

وفى خلال ثلاث سنوات استطاع فوزي التربع على عرش السينما الاستعراضيه والغنائيه طيله الاربعينيات والخمسينيات، وجرت ورائه الاذاعه المصريه التى كانت قد رفضته مطرباً، على اذاعه أغانيه من دون حتى التعاقد معه وبعد ثوره 1952 اقتحم الاذاعه بأغانيه الوطنيه مثل "بلدى احببتك يابلدى"وأغانى دينيه مثل "ياتواب ياغفور"وأغانى الاطفال مثل "ماما زمانها جايه وذهب الليل".

"سابق عصره"

أول من غنى دون استخدام آلات موسيقية، معتمدا على أصوات بشرية، حيث يقوم الكورال بدور الآلات، وهي طريقة يطلق عليها الموسيقيون "أركابيلا"، وذلك من خلال أغنية "طمني" التي قدمها في فيلم "معجزة السماء".

أول من قدم أغنية فرانكو آراب، حيث وضع لحن لأغنية "فطومة"، و"يا مصطفى يا مصطفى"، والتي حققت نجاح وانتشار واسعين عند تقديمها، وغناها المطرب جورج وديع عزام، وتغنت بأكثر من لغة، واحتلت المركز الأول كأفضل أغنية في فرنسا، وظلت ضمن أفضل 20 أغنية لعدة شهور.

من أوائل من أنتجوا أفلام بالألوان الطبيعية، من خلال فيلم "الحب في خطر" عام 1951، شاركته البطولة فيه الفنانة صباح، وساهم في غياب هذه المعلومة عن البعض أن 'الحب في خطر'' يُذاع بنسخة أبيض وأسود على القنوات الفضائية ربما لأنها أفضل جودة من النسخة الملونة.

وفي عام 1958، استطاع فوزي تأسيس شركته لإنتاج الاسطوانات، وفرّغ نفسه لإدارتها، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الاسطوانات الأجنبية، التي كانت تبيع الاسطوانة الواحدة بتسعين قرشًا، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بخمسة وثلاثين قرشًا، وأنتجت شركته أغنيات كبار المطربين في ذلك العصر، مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما، وقبل أن تتحوّل إلى شركة عالمية تحتكر صناعة الاسطوانات.

"أعماله الخيريه"

كذالك اشترك مع مديحه يسرى وعماد حمدى وشاديه فريد شوقى وهدى سلطان فى الاعمال الخيريه مثل رحلات قطار الرحمه التى أمرت بتسييره الثوره عام 1953 بين مدريات الوجه الوجه البحرى والقبلى، فقدم جانباً من فنه مع كثير من الفنانين لمواساة المرضى فى المستشفيات وفى مراكز الرعايه الاجتماعيه.

"أحلام بددها التأميم"

سارعت الحكومة آنذاك إلى تأميمها عام 1961، وتعيينه مديرًا لها، بمرتب شهريٍّ قدره 100 جنيه، الأمر الذي أصابه باكتئاب حادّ، كان مقدمة لرحلة مرضه الطويلة، التي انتهت برحيله.

ورغم ذلك تعثرت أحلامه، سواء بتدخُّل من الحكومة التي قضت على حلمه الأكبر، عندما صدر قانون بتأميم أهم أحلامه، وهو شركة"، "مصر فون"، " للإنتاج الفني، ومصنع الاسطوانات الموسيقية، الذي كان أوّل وأهمّ مصنع من نوعه في العالم العربي.

"تلحين النشيد الوطني للجزائر"

لحن فوزي النشيد الوطني للجزائر، قسما، الذي نظم كلماته، شاعر الثورة الجزائرية مُفدّى زكريا، والذى يفخر به الجزائريون حتى الآن .

رحل الفنان محمد فوزي عن عمر ناهز 48 عام، بعد أن ترك خلال مشواره الفني القصير عددا كبيرا من الأعمال الفنية غناءً وتلحينا وتمثيلا وإنتاجا، بعد صراع مع مرضه النادر حيث أصيب بسرطان العظام، والذي لم يكن معروفا وقتها، فأطلق عليه الأطباء اسم "مرض محمد فوزي".