رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ديون السيد الرئيس


فى الولايات المتحدة الأمريكية تتكلف الدعاية الانتخابية لمرشحى الرئاسة مبالغ طائلة تصل إلى المليارات، ولكن هذه الأموال لا تقدمها جماعات طائفية معينة، وحين خاض أوباما صراع الرئاسة فى المرة الأولى تلقى تبرعات من المواطنين الفقراء

والبسطاء أكثر مما تلقى من أعضاء الحزب أو المليونيرات المؤيدين له، ورغم هذا يظل أى رئيس أمريكى منحازاً لمصالح إسرائيل واليهود والصهاينة، لأنهم يمتلكون شبكة ضخمة من المصالح الاقتصادية والسياسية الأمريكية داخل وخارج الولايات المتحدة.

فى مصر لابد من انحياز الرئيس الحالى لجماعة الإخوان ليس فقط بسبب انتمائه الفكرى والعقائدى لها، ولكن لأن هذه الجماعة هى التى أنفقت عليه الملايين خلال الدعاية الانتخابية، إلى جانب أنها الفئة الوحيدة ـ تقريباً ـ التى منحته أصواتها، ومن هنا يظل السيد الرئيس مثقلاً بالديون تجاه جماعته وتجاه المليونيرات الذين أنفقوا من أموالهم الخاصة تكاليف الدعاية الانتخابية للرئيس المذكور.

علاقة محمد مرسى بخيرت الشاطر تتجاوز هذه الديون، فالشاطر كان المرشح الأساسى للرئاسة، وحين تعذر خوضه الانتخابات حل محله الأخ محمد مرسى، ومن هنا يصبح مرسى مديناً للشاطر بالمنصب وليس بالمال فقط، وهذه العلاقة تعد فى الوقت الراهن إحدى أهم معوقات وصول المؤسسة الرئاسية إلى القرار الصحيح فى شتى الأزمات التى تتعرض لها البلاد.

حتى تفهم هذا الكلام جيداً انظر مثلاً إلى أزمة الإعلان الدستورى الكارثى، وتخيل أن الرئيس مرسى فهم أن هذا الإعلان خاطئ وينبغى إلغاؤه، فهل يمكن أن يصدر قرار الإلغاء فور اقتناعه بذلك؟ الإجابة المنطقية فى ظل الواقع الذى نعرفه هى أن السيد الرئيس لن يتخذ القرار الصحيح إلا بعد الاتصال بمرشد الجماعة وبالزميل خيرت الشاطر، ولن يقرر شيئاً يختلف مع رؤية ومصالح كل منهما، ومعنى هذا الكلام أن تغرق البلاد فى بحر من الفوضى والمظاهرات والاعتصامات والدماء إلى أن يتوصل الشاطر وبديع إلى القرار المناسب، وربما يكون لكل منهما حسابات أخرى مع التنظيم الدولى أو كبار الممولين أو الجماعات الإسلامية الأخرى داخل وخارج مصر.

وكلما تشابكت وتعددت هذه الحسابات وتلك العلاقات تعين على السيد الرئيس أن يظل قابعاً فى مكتبه أو بيته انتظاراً لنزول الوحى من الجماعة، وكلما طال أمد الانتظار تعرضت البلاد للمزيد والمزيد من الاضطرابات والكوارث والضحايا.

المفروض أن يستمر الأخ محمد مرسى رئيساً للبلاد لمدة أربع سنوات، ولكن هذه السنوات الأربع أن تمنحه فرصة سداد ديونه المالية والسياسية لجماعة الإخوان، ولهذا يتفانى فى طاعتهم والامتثال لأوامرهم ومصالحهم على حساب مصالح الوطن، ولأننا لا نرغب حالياً فى هدم البلاد على رءوسنا ورأس السيد الرئيس فيكفى فقط أن نحيل هذه القضية إلى الحوار المجتمعى.

ونطالب الرئيس بالاعتراف بحجم ديونه للجماعة من النواحى المالية والسياسية والفكرية، وإن كنا عاجزين عن سداد الديون الفكرية التى للجماعة على السيد مرسى فإن بوسعنا أن نساهم فى اكتتاب شعبى جماعى نسدد به الديون المالية للأخ الشاطر وباقى مليونيرات وأجهزة الإسلام السياسى، وبحيث تبرأ ذمه الرئيس تجاه جماعته وأهله وعشيرته، ويتفرغ لممارسة وظيفته وفق قواعد الدستور والقانون والمنطق لمصلحة كل المواطنين وليس الإخوان أو العصابات الدينية الأخرى.

إن وافق محمد مرسى على هذا العرض فعليه أن يعلن ذلك، وعلينا أن نلتزم بأداء الديون الرئاسية الانتخابية وعلى الجماعة أن توفق أوضاعها وفقاً للقانون وأن تكف عن ممارسة دورها السلطوى الذى يعلو سلطة وإرادة وعقل السيد الرئيس وإن لم يوافق فعليه أن يتخلص من الفشل والعجز ووجع القلب ويتنازل عن وظيفته للإخوة الدائنين