رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإنسان دائماً عدو ما يجهل


ختاماً.. يجب الاعتراف بأن قواتنا المسلحة هى الوحيدة بعد الله ورسوله التى نعول عليها حماية أمننا وأرضنا وأنفسنا من عبث العابثين ومغامرات الطائشين.. كما أنها الكيان الوحيد المتماسك حالياً فى المنطقة.. لذا يجب الحفاظ عليها والعمل على تماسكها وعدم الزج بها فى مهاترات لا تحمد عقباها.. والله من وراء القصد.

الإنسان عدو ما يجهل.. ولو كان من يتكلم عن القوات المسلحة قد خدم فى الجيش المصرى كمجند أو كضابط عامل أو احتياط.. لعرف معنى العسكرية المصرية وسمعتها فى العالم كله كأفضل جيش محارب فى القرن العشرين.. هذه الكلمات صدرت عن ضابط متقاعد فى الجيش وهو اللواء مختار قنديل ــ الخبير الاستراتيجى والعسكرى ــ وذلك رداً على تصريحات أحد القيادات البارزة فى جماعة الإخوان المسلمين عندما قال: «إن جنود مصر طيعون لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة توعيهم بعد أن تولى أمرهم قيادات فاسدة».. وهو الأمر الذى أثار غضب وتذمر جميع عناصر القوات المسلحة بكل فئاتها.. ابتداءً من المجندين والضباط والجنود.. مروراً بصف ضابط.. ختاماً بأقل وأعلى الرتب العاملة.

ولم يكتف اللواء مختار بذلك.. بل قال أيضاً «إن الجيش المصرى العظيم طوال تاريخه كانت قياداته صالحة وعلى قدر المسئولية التى أسندت لهم ولم يغامروا بمستقبل الوطن ويقودونه إلى الانقسام».. ونصح «قنديل» من قال هذا الكلام أن يدرس الفروق الأساسية فى القوات المسلحة بداية من قادة الفصائل والسرايا والكتائب حتى يتعلم معنى العسكرية المصرية وقدسية ومكانة الجيش فى نفوس الشعب المصرى.

وعلق مصدر عسكرى قائلاً: «إن المؤسسة العسكرية ستقف بكل حزم لمن يلفق الاتهامات الباطلة لقيادتها السابقين والحاليين».. بل وأكد المصدر «أن ولاء الجيش المصرى العظيم كان وسيظل للشعب والوطن فقط».

وأنتقد المصدر أحاديث وتصريحات أناس ليس لهم أى صفة فى الدولة.. وربما ارتبطت هذه الملابسات بالقرار الذى أقدم عليه وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى لحماية الأمن القومى وحدود مصر ضد أى محاولات لاختراقها، حيث شدد هذا الرجل الوطنى الغيور فى قراره على منع تملك أراضى سيناء لغير المصريين.. ليضع بذلك حداً لأى أطماع تبدو فى الأفق على المدى القريب أو البعيد.. وبمعنى أصح سيصبح هذا القرار بمثابة تحصين لأرض الفيروز ضد أى عبث يمكن أن يظهر من آن لآخر لفصيل سياسى ظن أنه امتلك بصناديقه «المرفوضة» شعبياً البلاد والعباد.. فتحية من القلب لـ «السيسى» على هذه الخطوة العظيمة.. وتحية ثانية لقادة القوات المسلحة على أنهم حرصوا فى الدستور الجديد أن يختاروا بأنفسهم وزير دفاعهم.

أكتب عن هذا الموضوع لأنبه كل مصرى يعيش على هذه الأرض أن الخلاف فى وجهات النظر رحمة من الله رب العالمين، لكن أى خلاف نطمح فيه.. أهو الخلاف الذى يشق الصف ويفرق وحدة الصف.. أهو الخلاف من أجل الاستحواذ على كل شىء وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.. أهو الخلاف الذى يؤدى للتصفية الجسدية وتكميم الأفواه.. أهو الخلاف الذى يقضى على هيبة الدولة فى أعز أركانها سواء القضاء أو الداخلية أو الجيش أو المعارضة.. أهو خلاف «الأنا» وما دونى تحت الأقدام؟ بالطبع لا.. فالخلاف المطلوب والذى أعنيه هو خلاف الشورى الذى كان يتبعه الرسول الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ ومن بعده صحابته الأجلاء والسلف الصالح فى كل شئون الأمة.. خلاف يؤدى إلى الارتقاء بمصالح الوطن والحفاظ على ترابه.. وليس خلاف التفريط فى حبة رمل واحدة.

ما سبق يجعلنى استشهد أيضاً بالآية الكريمة التى يقول فيها الحق تبارك وتعالى «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين» الأنفال ـ آية 46.

ولا يخفى على عاقل أن الوضع السيىء الذى وصلنا إليه بسبب الدستور المختلف عليه وطنياً.. والنتيجة أن مصر أصبحت مهددة بالإفلاس والجوع وعدم الاستقرار.. وهذا يجعلنى أسأل: ما الفرق بين حزب الحزب «الوطنى» و«الحرية والعدالة»؟.. الأول كان يستحوذ على كل شىء ويركل غيره بكل ما أوتى من قوة.. وكانت النتيجة فى آخر انتخابات خاضها عام 2010 أن انقلبت الدنيا على رموزه رأساً على عقب.

وأذكر تلك الكلمة البغيضة التى قالها رئيس هذا الحزب آنذاك على معارضيه عندما أعلنوا عن تكوين ما يسمى «البرلمان الموازى».. قال «مبارك» ساخراً من هؤلاء «خليهم يتسلوا»!!.. أما الحزب الثانى فقد استحوذ على الرئاسة ومن قبل ذلك مجلسى الشعب والشورى وفى طريقة آلت إليه ملكية الجمعية التأسيسية الأولى.. وكذلك الثانية بعد أن ركل هو الاخر الأصوات الرافضة لاستعلائه.. ومن ثم أخرج هذا الحزب دستوره على هواه.

ولم يكتف هذا الحزب بذلك.. بل اعتمد مجلس الشورى بديلاً لمجلس الشعب.. يشرع ويفتى ويصدق على قوانين ربما لايوافق عليها جموع المصريين! هذا ما فعله الحزب الوطنى ونظيره حزب «الحرية والعدالة».. فالأول قاده المهندس أحمد عز حتى انزلق به إلى هوة سحيقة أضاعت تاريخه ومحت انجازاته منذ تأسيسه.. والآخر يقوده الآن المهندس خيرت الشاطر وبنفس الأساليب فى إقصاء الآخر.. والنتيجة حسب توقعات الطبيعة والتجارب والتاريخ ستكون متشابهة تماماً.

أما الفرق الآخر بين فريق لجنة السياسات ومكتب الإرشاد.. أن الأول كان يخشى الشعب ويستحى من ارتكاب جرائمه علانية.. فكان يتخفى ويقدم الضحية تلو الأخرى فى تصدير الغاز للعدو وبيع الأراضى للفاسدين واقتصار المناصب على «المنافعجية» ونهب ثروات البلاد وإذلال العباد بـ «القانون».. أما الثانى فله أذرع مسلحة تستطيع البطش والقتل والإرهاب لكل من يقف فى طريقه فى أى وقت وأى مكان دون استثناء لأعالى القوم أو عامتهم!!

ونصيحتى لإخوانى فى الجماعة وأتباعها.. وإخوانى فى المعارضة وحتى من يلقبوا بالفلول بأننا الآن على شفا الإفلاس.. فإن لم ننهض من كبوتنا حول القضايا المختلف عليها.. فلنقل على مصر السلام.. فهناك بطون جائعة وأجساد عارية ومريضة، كما أن هناك متربصين بالوطن.. فإن لم ننبه لذلك فى أقرب وقت ممكن فلن يرحم الشعب إخوانياً ولا معارضاً أو سلفياً أو جهادياً.

■ كاتب صحفى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.