الحلم الذى تبدد فى كنيستنا «2»
كانت أعمال هذين الأبوين جليلة جداً وتاريخهم مجيدا وصيتهما حسن. لكن كما سبق وذكرت أن لجنة الترشيحات استبعدت اسم الأب متى المسكين من قائمة المرشحين، واقتصر الترشح على خمسة رهبان من بينهم الأب الراهب مينا البراموسى، وتم إجراء الانتخابات التى أفرزت اسم ثلاثة رهبان ومن بينهم الأب الراهب مينا البراموسى، ثم رأس الأنبا أثناسيوس صلاة قداس القرعة الهيكلية التى تمت بطريقة سليمة تماماً، إذ كان الله يدبر بإرادته الصالحة الطوباوية – بدون أى تدخلات بشرية - من هو مستحق بالحقيقة لتلك القيادة الحسنة بالأبوة والحكمة والنسك والفقر الاختيارى.
كنا نتابع مع والدى – أخبار الانتخابات البابوية – من خلال جريدة «وطنى» الأسبوعية. وأسفرت القرعة الهيكلية عن اختيار السماء للراهب الناسك الأب مينا البراموسى المتوحد، فكانت الفرحة الكبرى بين الشعب السكندرى لأن البابا هو أسقفها وراعيها والمدبر لأمورها. وتحدد يوم الأحد 10 مايو 1959 موعداً لرسامة الأب الراهب مينا البراموسى المتوحد أسقفاً على كرسى الإسكندرية ومن ثم أخذ لقب بابا وبطريرك بإستحقاق من السماء. كانت رسامته سبباً فى فرحة كبرى بأنحاء الكرازة المرقسية. من العجيب أنه فى فجر يوم رسامته فوجئ الحارس الخاص بالكنيسة المرقسية الكبرى بالأزبكية – القاهرة – براهب فارع القامة وتبدو عليه إمارة النسك - يدخل الكنيسة فى نحو الرابعة صباحاً!! فسأله: ماذا تريد؟ فأجاب: أريد أن أدخل الكنيسة للصلاة «إذ كان هذا المنظر غير مألوف من قبل».
فسأله: من أنت؟ ومن أين أتيت؟ فأجاب: أنا الراهب مينا اللى حيعملوه بطريرك!! وهنا صمت الحارس فترة وأجاب: اتفضل يا أبونا. دخل الراهب المُختار الكنيسة فى هدوء الليل والصمت يحيط بالمكان والملائكة تملأ المكان لأنه بيت الرب «وليس مصطبة كما يقول مطارنة هذا الزمان الردئ»، وأدى الأب الراهب مينا صلاة تسبحة نصف الليل منفرداً، وعندما حضر مرتل الكنيسة والشمامسة كان الأب الراهب – المُختار من السماء – قد صلى صلاة التسبحة، وهنا أدرك المرتل والشمامسة – منذ اللحظة الأولى – أن الكنيسة مُقبلة على حياة صلاة حقيقية وحياة سلام واستقرار وبركة عوضاً عن السنوات التى مضت، حيث المشاكل فى الكنيسة والوطن أيضاً. نستكمل كلمتنا فى الحلقة القادمة.